مع ما تقدمه مصر من جهود ملموسة في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، تبقى شراكاتها التنموية السبيلَ الأمثلَ إلى بناء اقتصاد متنامٍ وتنمية شاملة في المجالات كافةً. والآن -في ظل التحول العالمي المتزايد نحو حماية البيئة- تشهد هيئة قناة السويس شراكة استراتيجية جديدة بين مصر واليونان.
وتلك الشراكة الدولية من أجل تعزيز قطاع النقل البحري على نحوٍ مستدام، وتعزيز ممارسات صديقة للبيئة في قناة السويس؛ أحد أهم الممرات المائية في العالم، وهو ما يعكس التزام البلدين -مصر واليونان- برؤية طموحة تتجاوز الحدود الجغرافية، وتُرسِّخ التعاون على بناء مستقبل أكثر خضرة واستدامة.
وكان ذلك ضمن فعاليات احتفال محافظة الإسماعيلية –يوم الأربعاء- بمناسبة “يوم التفوق” لهيئة قناة السويس، بحضور رفيع المستوى تقدمه الدكتور/ مصطفى مدبولي “رئيس مجلس الوزراء”، والفريق/ أسامة ربيع “رئيس هيئة قناة السويس”، إلى جانب عدد من الشخصيات المحلية والدولية البارزة.
وهناك تحوَّل الاحتفال إلى منصة عالمية لتسليط الضوء على أبرز مشروعات هيئة قناة السويس للعام الجاري، وفي مقدمتها التعاون الجديد مع شركة “V” اليونانية المالكة لشركة “Antipollution”، والذي يهدف –في إطار مبدأ عقد الشراكات لتحقيق الأهداف- إلى تعزيز الاستدامة البيئية، وتحقيق أعلى معايير السلامة في ممر قناة السويس.
ويركز المشروع الجديد على تطوير منظومة العمل داخل القناة من خلال إدخال تقنيات صديقة للبيئة، وتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة البحرية. ويُتوقع أنْ يسهم في الحد من البصمة الكربونية للنقل البحري، وأنْ يعزز المعايير الدولية للملاحة الآمنة والمستدامة.
وفي كلمته المؤثرة أعرب فيلون فاسليادس -رئيس مجلس إدارة شركة V- عن اعتزازه بالشراكة مع هيئة قناة السويس، مشيرًا إلى أنَّ القناة أصبحت مركزًا دوليًّا لتلاقي الابتكارات البيئية، ومثالًا ناجحًا لتكامل الجهود بين الدول من أجل مستقبل أكثر استدامة. وأضاف أنَّ هذا التعاون المصري اليوناني يعكس التزامًا حقيقيًّا بإعادة رسم خريطة النقل البحري العالمي بطريقة تضع البيئة في قلب العملية التنموية.
كما أكد جاراك بلاتن -الأمين العام لغرفة الملاحة الدولية- أنَّ قناة السويس برهنت على صلابتها وأهميتها الاستراتيجية في مواجهة التحديات الكبرى، مستشهدًا بإدارتها لأزمة السفينة “إيفر جيفن” في عام 2021، التي عطلت الملاحة العالمية، ومع ذلك كشفت عن قدرات مصرية استثنائية في الإدارة والاستجابة السريعة للأزمات.
ويتقاطع المشروع الثنائي بين مصر واليونان -بشكل مباشر- مع عدد من أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، أبرزها الهدف رقم (13) المتعلق بالعمل المناخي، من خلال السعي إلى الحد من الانبعاثات الناتجة عن حركة السفن، وتطوير تقنيات بحرية صديقة للبيئة. كما يخدم المشروع الهدف رقم (9) الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية؛ إذْ يسهم في تحديث البنية التحتية لقناة السويس عبر إدماج حلول مبتكرة ترفع من كفاءة الممر الملاحي دون الإضرار بالنظم البيئية المحيطة.
وفي الختام، تؤكد حماة الأرضأهميةَ الدور المحوري الذي تقوم به الشراكات الدولية في دفع عجلة التنمية المستدامة نحو الأمام، ليس بتبادل الخبرات والتقنيات فحسب، وإنما أيضًا ببناء رؤى مشتركة تتجاوز المصالح الفردية نحو أهداف عالمية تصب في مصلحة البشرية جمعاء.