كيف نجعل عيد الأضحى مستدامًا وصديقًا للبيئة
عادات يجب تجنُّبها وأخرى يجب تبنِّيها لعيد أضحى مستدام وصديق للبيئة
كيف نجعل عيد الأضحى مستدامًا وصديقًا للبيئة
يحتفل المسلمون في جميع أنحاء العالم في يوم العاشر من شهر ذي الحجة بحلول عيد الأضحى المبارك، تلك الشعيرة التي تأتي لتتوِّجَ الأيام العظام التي أقسم بها المولى -سبحانه وتعالى- في مطلع سورة الفجر ﴿وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾، حيث يتقرَّب المسلمون إلى الله -عز وجل- بالتكبير والتحميد والتهليل؛ شكرًا وحمدًا على التوفيق في العبادة والطاعة في هذه الأيام المباركات، ما بين قلوبٍ فازت بحَجِّ بيت الله الحرام، وقلوبٍ أخرى تتوق إلى أداء الركن الأعظم وزيارة النبي الأكرم.
كما يتقرَّب المسلمون إلى الله -عز وجل- بتقديم الأضاحي؛ طمعًا في رضا الرحمن، ورغبةً في نيل الثواب العظيم والأجر الكبير، وإحياءً لفداء نبي الله إبراهيم ابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- طاعةً واستسلامًا لأمر المولى -سبحانه وتعالى-.
وعلى الرغم من المقاصد الجليلة والنوايا النبيلة من الاحتفال بعيد الأضحى، من تقديمٍ للأضاحي لتوزيعها على الأحِبَّة والأقرباء والأصدقاء والمحتاجين؛ توثيقًا لأواصر المحبة ونشرًا للبهجة، إلى ارتداء الملابس الجديدة والخروج إلى المتنزهات والمقاصد المختلفة، إلَّا أن بعض العادات الخاطئة لدى البعض، وغياب الوعي لدى البعض الآخر، قد يؤدي إلى تحويل العيد من منحة إلهيَّةٍ إلى محنة بشرية تضرُّ البيئة بجميع مكوِّناتها من إنسانٍ وحيوانٍ وتربةٍ وماءٍ وهواءٍ.
غالبًا ما يكون لعيد الأضحى -مثله مثل الأعياد الدينية الأخرى- تأثيرٌ كبيرٌ على الموارد البيئيَّةِ، حيث يتم تصنيع وإعداد الأطعمة والمشروبات والملابس بشكلٍ مُسرفٍ؛ مما يؤدي إلى التأثير في البيئة بشكلٍ سلبيٍّ؛ نتيجة أنواع التلوُّث المختلفة التي تنتج عن فعَّاليَّات الاحتفال.
وكما نعلم، يبدأ عيد الأضحى بالصلاة التي يجتمع بها الرجال والنساء والأطفال، وغالبًا ما يُعاني محيط موقع الصلاة بعد الانتهاء من انتشار القمامة والنفايات في جميع أرجاء المكان؛ نتيجة توزيع الحلوى وشراء الألعاب والبالونات، والتي ينقلها الهواء إلى أماكن أخرى قريبة لتتراكم بشكلٍ غير صحيٍّ.
بعد ذلك تقدَّم الأضاحي، إلَّا أنه وللأسف يقوم العديد خلال عيد الأضحى بالتضحية أمام منازلهم أو الطرقات والأماكن العامَّة الأخرى، والتي غالبًا لا تنظَّفُ لاحقًا من الجلد والدهون المتبقية والأمعاء والأطراف وما إلى ذلك، ناهيك عن الرائحة، كما يتم استخدام كميات كبيرة من المياه لغسل الذبائح، ولا يتم تجميع هذه المياه الملوَّثة لتصريفها بشكلٍ مناسب.
يلي -ذلك- تحضير المأكولات الخاصَّة واللحوم بأنماطٍ مختلفة في المنازل؛ استعدادًا لزيارة الأقارب والجيران والمُهنِّئِين، الأمر الذي يتسبَّب في إهدارٍ كبيرٍ للطعام؛ إذ إن عدد الأطباق وكمية الطعام -المُحضَّر- عادةً ما تكون أكثر بكثيرٍ من عدد الزوار، وتتكرر هذه الممارسة طوال أيام العيد سواءٌ في الإفطار أو الوجبات الخفيفة أو وجبات الغداء والعشاء.
وعلى مدار السنوات المتعاقبة، تتزايد الاحتفالات مع زيادة شراء المواد الاستهلاكية والأطعمة والمشروبات لكل فرد، وأصبح الناس أكثر تبذيرًا حيث يمكن لشرائح كبيرة من المجتمع تحمُّل تكلفة هذا الإسراف كنوعٍ من الكرم والاحتفاء، لكن القدرة على تحمُّل التكاليف لا تعني بأي شكلٍ من الأشكال زيادة الهدر.
كل ذلك يؤدي إلى زيادة استهلاك الموارد الطبيعيَّةِ بمعدَّلاتٍ متسارعة بشكلٍ كبيرٍ، وزيادة كميات المخلَّفات والنفايات (ما بين مخلفاتٍ عضويَّةٍ وبلاستيكيَّةٍ ومعدنيَّةٍ وغيرها) وهو ما يُلقِي بسلبيَّاته على مكوِّنات البيئة التي نعيش فيها بشكلٍ سلبيٍّ كبيرٍ.
والناظر فيما سبق يَعِي جيَّدًا أن كل ذلك بعيدٌ كل البُعدِ عن تعاليم الدين الحنيف، إذ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَار”، كما نهى الله -عزَّ وجل- في سورة “الإسراء” عن الإسراف والتبذير فقال: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)، كما أشار -سبحانه وتعالى- إلى المنهجِ الاستهلاكيِّ القويم في سورة “الأنعام” بقوله: (… وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
ولعلك تتساءل الآن: “كيف يُمكنني أن أحتفل بعيد الأضحى دون أن أضرَّ البيئة؟ وكيف يكون لي دورٌ في توعية مَنْ حولي بالسلوكِ الاستهلاكيِّ المطلوب؟”
إليك فيما يلي بعض ما يمكنك أن تقوم به لجعل عيد الأضحى مستدام وصديق للبيئة:
- خُذْ أضحيتك إلى المجازر المعتمدة، ومحالِّ الجزارة المخصصة، وفي حال اضطرت لفعل ذلك في المنزل فاحرص على عدم ترك أيِّ متبقيَّات (جلود… إلخ) وقُم بالتنظيف خلفك.
- تخلَّص من مخلَّفات الأضحية بشكلٍ صحيٍّ عن طريق وضعها في أكياسٍ مُحكمةِ الغلق قبل التخلُّصِ منها في القمامة.
- تخلَّص من الأكياس البلاستيكيَّةِ عندما تذهب لشراء البقالة أو التسوق في العيد، تذكر أن تحضر معك كيسًا من القماش أو أَعِدْ استخدام إحدى الأكياس البلاستيكيَّة القديمة. استهلاكٌ أقلَّ للبلاستيك يعني ضررًا أقل على البيئة.
- استبدل الأطباق والأكواب البلاستيكيَّة التي يمكن التخلُّصُ منها أثناء الاحتفال بمنتجات وَرقيَّةٍ قابلةٍ لإعادة الاستخدام، فالورق أسهل في إعادة التدوير وأقلَّ ضررًا بالبيئة.
- تقديم الأطعمة في حصص مناسبة لعدد الأفراد.
- تقديم المشروبات في أكوابٍ صغيرةٍ لتقليل الهدر.
- أَعِدْ تعبئة وتغليف بقايا الطعام بشكلٍ مناسبٍ، وقُمْ بتوزيعها على الأكثر احتياجًا بدلًا من التخلُّص منها.
- قَلِّلْ من استخدام الماء في الوضوء والاستحمام.
- استخدم زجاجةَ ماءٍ قابلةٌ لإعادةِ الاستخدام.
- قَلِّلْ من استخدامك للطاقة خصوصًا في هذه الفترة التي يتزايد فيها استهلاك الكهرباء؛ نتيجة استخدام مبردات الهواء، لذا لا تَنْسَ إطفاء الأجهزة الكهربيَّةِ أو الإضاءة عند تركك للغرفة.
- ازرع شجرة، كما يمكنك أيضًا شراء البذور وتقديمها لأهلك وأصدقائك ليقوموا بزراعتها.