قمة الاتحاد الإفريقي للتنمية الزراعية نحو مستقبل مستدام
قمة الاتحاد الإفريقي للتنمية الزراعية نحو مستقبل مستدام
في خطوة تعكس التزام القارة الإفريقية بتحقيق تحول جذري في قطاع الزراعة، انعقدت القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول برنامج التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا (CAADP) في العاصمة الأوغندية كمبالا من 9 إلى 11 يناير 2025، حيث شهدت القمة حضورًا واسعًا من رؤساء الدول والحكومات، بالإضافة إلى وزراء الزراعة والخبراء وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية.
تمحورت المناقشات حول اعتماد “إعلان كمبالا“، الذي يُعد خريطة طريق إلى تعزيز الأمن الغذائي، وتحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا بحلول عام 2035؛ لذا سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال تفاصيل هذا الحدث البارز، وما ترتَّب عليه من قرارات وتوصيات تهدف إلى تعزيز التنمية الزراعية في القارة السمراء.. فتابعوا القراءة.
الخلفية التاريخية
منذ إطلاق برنامج التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا (CAADP) في عام 2003 خلال قمة مابوتو، التزمت الدول الإفريقية بزيادة الاستثمار في القطاع الزراعي لتحقيق نمو مستدام. وفي عام 2014 جدد إعلان مالابو هذه الالتزامات مع تحديد أهداف لعام 2025، من بينها القضاء على الجوع، وتقليص الفقر.
ثم هدفت قمة الاتحاد الإفريقي للتنمية الزراعية إلى اعتماد إعلان كمبالا، الذي يحدد رؤية جديدة لتطوير أنظمة زراعية مستدامة ومرنة في إفريقيا للفترة من عام 2026 إلى عام 2035، مع اعتماد الاستراتيجية العشرية وخطة العمل للبرنامج الشامل لتنمية الزراعة في إفريقيا، واللتين تهدفان إلى تحقيق أهداف محددة لتعزيز الإنتاجية الزراعية، والتصنيع الغذائي، والتجارة البينية.
وقبل اعتماد تلك الخطة المستقبلية الجديدة كان للإعلان -إعلان كمبالا- خطواته التي تحققت عبْر الأعوام الماضية، حيث نصَّ في عام 2015 على إنشاء الشبكة الإقليمية للمزارعين في إفريقيا؛ من أجل تعزيز التعاون على إتاحة المعلومات والخدمات المتعلقة بالطقس والمناخ للمزارعين. وكان ذلك بالتعاون بين وزارة المياه والبيئة ووزارة الزراعة في أوغندا والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وكذلك بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ثم في عام 2023 -خلال قمة الأرض في نيروبي- وقعَّت الدول الأعضاء على اعتماد قرارات إعلان كمبالا بشأن التغير المناخيّ، وكانت تلك القرارات مكافَحةً لظاهرة هجرة السكان بسبب تأثيرات التغير المناخي في جميع أنحاء القارة.
محاور رئيسية والتزامات
في المرحلة الجديدة يركز إعلان كمبالا على تطوير منظومة صناعات غذائية مرنة ومستدامة في إفريقيا، مع تحديد أهداف طموحة بحلول عام 2035، من بينها:
- زيادة إنتاج الصناعة الغذائية بنسبة 45%.
- الحد من خسائر ما بعد الحصاد بنسبة 50%.
- مضاعفة المبادلات التجارية بين بلدان القارة في منتجات ومدخلات الصناعة الغذائية ثلاث مرَّات.
لتحقيق هذه الأهداف دعا الإعلان إلى توفير بيئة سياسية وتنظيمية مواتية، ودمج التكنولوجيا الحديثة -مثل التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي والرقمنة- في العمليات الزراعية. كما التزمت الدول الإفريقية بتحفيز الاستثمارات والتمويل، مع السعي إلى تعبئة 100 مليار دولار في شكل استثمارات عمومية وخاصة بحلول عام 2035.
دور مصر في تعزيز التعاون الزراعي الإفريقي
شاركت مصر بفعالية في قمة الاتحاد الإفريقي، حيث نقل وزير الزراعة واستصلاح الأراضي -السيد/ علاء فاروق- تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتأكيده التزامَ مصر بدعم الجهود الإفريقية لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة.
وأشار فاروق إلى أهمية تبني سياسات زراعية شاملة، وتشجيع الاستثمار في الإدارة المستدامة، بالإضافة إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والزراعة الذكية مناخيًّا. كما دعا إلى تأسيس شراكات إقليمية إفريقية، وتعزيز التجارة البينية، وتبادل الخبرات في مجالات الصحة والصحة النباتية.
التحديات والفرص
مما لا شك فيه أن تحقيق الأهداف الطموحة لإعلان كمبالا يتطلب مواجهة تحديات متعددة، من بينها التغيرات المناخية، ونقص التمويل، وضعف البنية التحتية. ومع ذلك، توفر هذه التحديات فرصًا لتعزيز التعاون بين الدول الإفريقية وتبني ممارسات زراعية مبتكرة ومستدامة.
ومن الجدير بالذِّكْرِ، هو أنَّ التركيز على تطوير القطاع الزراعيّ لا يسهم في تحقيق الأمن الغذائي فقط، فهو يسهم أيضًا في خلق فرص عمل جديدة، وتحفيز النمو الاقتصادي في القارة بصورة عادلة وشاملة.
التعاون الإقليمي والدولي
إنَّ تحقيق الأهداف المحددة في إعلان كمبالا يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الدول الإفريقية، بالإضافة إلى دعم من الشركاء الدوليين. ويمكن للتعاون الإقليمي أنْ يسهم أيضًا في تبادل الخبرات والتقنيات، وتعزيز التجارة البينية، وتنسيق السياسات الزراعية؛ لتحقيق التكامل والازدهار المشترك. كما أن الدعم الدولي من خلال التمويل أو نقل التكنولوجيا، يمكن أن يؤدي دورًا كبيرًا في تسريع وتيرة التحول الزراعي في القارة.
في الختام، تؤمن حماة الأرض بأنه لا بُدَّ من التعاون المشترك، وتبني استراتيجيات مبتكرة حتى تستطيع قارة إفريقيا أنْ ترسم مستقبلًا مشرقًا يوفر الأمن الغذائي، ويحقق أهداف التنمية المستدامة، ويحمي البيئة لنا وللأجيال القادمة.