أخبار الاستدامة

ما محاور وأهداف منتدى الشراكة لعام 2025؟

ما محاور وأهداف منتدى الشراكة لعام 2025؟

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، تبرز الحاجة إلى حلول تنموية تحقق التوازن بين الطموحات والواقع؛ فرغم الجهود المبذولة لا تزال تحديات عدة تعرقل مسار التنمية المستدامة، مما يجعل تقييم الاستراتيجيات ضرورة أساسية لضمان تحويل الشراكات الفاعلة والآليات المدروسة إلى إنجازات ملموسة تحدث أثرًا حقيقيًّا في حياة المجتمعات، وتلبي احتياجاتها المتزايدة، ضمن الالتزام العالمي بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

وفي إطار حرص حماة الأرض على متابعة الفعاليات التي تعزز مسار التنمية المستدامة، تسلط الضوء اليوم على منتدى الشراكة لعام 2025، مستعرضةً أبرز النقاشات التي دارت خلال جلساته، التي تناولت القضايا الأكثر إلحاحًا والتحديات الراهنة، إلى جانب استعراض المخرجات التي تسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة نحو تحقيق أهدافها المنشودة.

منتدى الشراكة منصة للتعاون

مع تزايد الحاجة إلى تقييم التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يصبح من الضروري مراجعة الجهود المبذولة لرصد الفجوات والتحديات التي تعيق تحقيقها، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 17% فقط من الأهداف تسير في الاتجاه الصحيح، في حين أن 50% منها أحرزت تقدمًا ضئيلًا أو لم تحقق أي تقدم، وشهدت 30% من الأهداف تراجعًا. هذه الأرقام ليست مجرد بيانات، بل تؤكد الحاجة الملحة لإيجاد حلول مبتكرة تعزز التعاون بين جميع الأطراف لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

في هذا السياق، انعقد منتدى الشراكة لعام 2025 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لهيئة الأمم المتحدة، وكان هذا في 5 فبراير الجاري بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، تحت شعار “تعزيز الحلول المستدامة والشاملة، المبنية على العلم والأدلة؛ لتحقيق أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 دون ترك أحد خلف الرَّكْب.”

وقد جاء المنتدى ليكون منصة عالمية للحوار والتعاون، حيث جمع ممثلين عن الحكومات، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص؛ من أجل مناقشة آليات جديدة تسهم في تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على ضرورة توحيد الجهود العالمية، وإيجاد حلول عملية قائمة على البيانات والأبحاث العلمية.

محاور المنتدى الرئيسية

ركز المنتدى على القضايا الأكثر إلحاحًا في مسار تحقيق التنمية المستدامة، وتم تقسيم جلساته إلى خمسة محاور رئيسية، يركز كل منها على هدف من أهداف التنمية المستدامة، وذلك على النحو الآتي: الصحة الجيدة والرفاه (الهدف 3)، والمساواة بين الجنسين (الهدف 5)، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد (الهدف 8)، والحياة تحت الماء (الهدف 14)، وأخيرًا عقد الشراكات لتحقيق الأهداف (الهدف 17).

هذه القضايا تمثل محاور أساسية تتطلب استراتيجيات متكاملة لضمان تحقيق تقدم فعلي ومستدام؛ لذا شهدت النقاشات استعراض مشروعات ومبادرات من شتى الدول، حيث تم تقديم حلول مبتكرة للتحديات القائمة، بهدف تعميم التجارب الناجحة وإيجاد آليات عملية للتطبيق الفعلي في أرض الواقع.

ما أهمية الشراكات؟

يُبرز المنتدى أهمية التعاون الدولي في مواجهة الأزمات العالمية، وضرورة تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ ففي مجال الصحة، نجحت الجهود المشتركة منذ عام 2002 في جمع أكثر من 65 مليار دولار لمكافحة الإيدز والسل والملاريا؛ مما أدى إلى إنقاذ أكثر من 50 مليون إنسان في 100 دولة. وهذه الإنجازات دليل على أن العمل الجماعي القائم على الأدلة العلمية يمكن أن يحدث تحولًا حقيقيًّا في أرض الواقع.

وفي الجانب البيئي ناقش المنتدى تجارب ناجحة، مثل تجربة “نساء مجتمع أيمارا” في بوليفيا، اللواتي تصدين لتلوث بحيرة “أورو أورو” الناجم عن التعدين غير القانوني؛ فمن خلال استخدام نبتة “التوتوراس” لتنقية المياه تمكن المجتمع من تقليل التلوث بنسبة 30%، وهو ما ألهم مجتمعات أخرى لتبني حلول مماثلة. ويعكس هذا النموذج كيف يمكن للشراكات المحلية أن تحقق تحولًا ملموسًا في القضايا البيئية والاجتماعية، عندما يتم توجيه الموارد بالشكل الصحيح.

إشراك المجتمعات في التنمية المستدامة

ولم تقتصر نقاشات المنتدى على الجوانب البيئية والصحية فحسب، وإنما شملت أيضًا قضايا العدالة الاجتماعية وإشراك السكان الأصليين، الذين يبلغ عددهم حوالي 400 مليون إنسان حول العالم؛ فقد طالب المشاركون بتمكين هذه الفئات وإشراكها في صنع القرار، بما يحقق تنمية عادلة ومستدامة للجميع؛ لأنَّ التنمية تظل خططًا غير قابلة للتنفيذ إذا لم يتم إشراك المجتمعات المحلية.

مخرجات المنتدى وتوصياته

أكدت اللجنة التنظيمية للمنتدى أنه سيتم إعداد ملخص تحليلي يتضمن الرسائل والسياسات الأساسية التي خرج بها المنتدى؛ ليكون مرجعًا للفعاليات الدولية القادمة، وهو ما يسهم في تعزيز الاستفادة من التجارب السابقة، كما ستصدر الأمم المتحدة مذكرة معلوماتية تلخص التوصيات والمخرجات الرئيسية؛ مما يعزز من الشفافية ويدعم توجيه السياسات المستقبلية بناءً على نتائج ملموسة.

وقد أوصى المنتدى بضرورة وضع آليات لمتابعة تنفيذ التوصيات، والتأكد من تحويلها إلى برامج عملية تحقق جميع أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة؛ من أجل ضمان مستقبل مستدام لكل شعوب العالم.

ومن هذا المنطلق، تؤكد حماة الأرض أنَّ الشراكة ضرورة حتمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهذا يتطلب تعزيز التعاون الدولي، ووضع آليات متابعة تضمن تنفيذ الالتزامات بجدية وشفافية؛ فتكامل الجهود بين القطاعات هو السبيل لتحويل التوصيات إلى خطوات عملية تترك أثرًا حقيقيًّا ومستدامًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى