الاستدامة والقانون

أهم لمحات الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة

أهم لمحات الدورة السادسة

أهم لمحات الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة

بعد أشهر من التحضيرات وخمسة أيام من الاجتماعات الرسمية، اختُتِمَتْ جلساتُ الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة “UNEP”. وكانت هذه الدورةُ تاريخيةً لأسبابٍ كثيرةٍ؛ إذْ كانت تجمعًا لأكبر هيئة مسئولة عن اتخاذ أهم القرارات البيئية في العالم كله.

كان ذلك في المدة بين 26 فبراير و1 مارس 2024، حيث اعتمدتِ الجمعيةُ 15 قرارًا تستهدف بها معالجةَ بعض التحديات البيئية العالمية، بما في هذا تغيُّر المناخ، وتلوث الهواء، والتصحر. وهناك أظهرتِ الجمعيةُ كيف أنَّ البلدانَ يمكنها العمل معًا والتعاون فيما بينها على تجاوز هذه المحنة المناخية، على الرغم من الانقسامات الجيوسياسية العميقة.

وعن هذا قالت “إنجر أندرسن” -المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة-: «إنَّ هذه الروح التعاونية والتعددية في الجمعية تعكس قدرة البلدان على العمل معًا؛ لأجل مواجهة تحديات البيئة».

ومِن أهم ما جاء في أعمال هذا المؤتمر من لحظات فارقة وقرارات تاريخية ما سنسرده عليكم في السطور الآتية، رغبةً من مجلة حماة الأرض في زيادة الوعي بشأن قضايا المناخ وتأثيراته في البيئة ومواردها.

معالجة الأزمة الثلاثية

بعد مفاوضات متوترة في بعض الأحيان، اعتمدتِ البلدانُ والأطرافُ الدوليون المشاركون إعلانًا وزاريًّا يؤكد التزامها بتكثيف الجهود؛ لأجل مكافحة ثلاث أزمات، هي: تغيُّر المناخ، والحد مِن فقدان الطبيعة والتنوع البيولوجيّ، والقضاء على التلوث والنفايات. وقد أكد الإعلانُ ضرورةَ التعاون الدوليّ للعمل على تهيئة “غد أفضل”، وأنَّ تدهورَ العالم الطبيعيّ يشكل تهديدًا خطيرًا على خطوات التنمية المستدامة.

اعتماد قرارات واسعة

بعد محادثات استمرت حتى وقتٍ متأخرٍ من الليل، اعتمدتِ الدولُ والأطرافُ 15 قرارًا؛ حتى تُعالِجَ بها بعضَ التحديات البيئية الأكثر إلحاحًا فوق كوكب الأرض. وشملت هذه القراراتُ دعوةً إلى تعدين المواد الأساسية بأساليبَ مستدامةٍ، وهذا في إطار سياسات الانتقال من الطاقة التقليدية إلى الطاقة النظيفة؛ لتحفيز الحد من التلوث الكيميائيّ والنفايات، ومكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والقضاء على تلوث الهواء، وحماية المحيطات والبحار، وإدارة المياه العذبة إدارةً مستدامةً، وحماية البيئة في أوقات النزاعات.

ومما تجدر الإشارة إليه، هو أنَّ هذه القرارات ليست إلًّا خطوةً أُولى نحو صياغةِ المعاهدات البيئية العالمية والسياسات الوطنية. ويُتوقَّعُ لهذه القرارات أنْ تُشكل جهودًا مهمةً لمعالجة التحديات البيئية على الصعيدينِ الدوليّ والوطنيّ.

تعددية الأطراف

لأول مرَّة في تاريخها خصَّصتْ جمعيةُ الأمم المتحدة للبيئة يومًا كاملًا، لتسليط الضوء على أهمية الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف (سلسلة من الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية الكوكب)، التي يمتد بعضها إلى خمسة عقود، وقد أسهمت إسهامًا ملحوظًا في حماية الأنواع المهددة بالانقراض، وإصلاح طبقة الأوزون، والحد من التلوث الكيميائيّ، وغيرها من الإسهامات ذات الصلة.

وفي هذه الدورة -الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة- تمحورت مناقشاتٌ كثيرةٌ حول كيفية تعزيز التعاون بين مختلف الاتفاقيات ذات الأطراف المتعددة، وكيفية تعزيز علاقاتها مع جمعية البيئة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وقد وصَفَ بعضٌ هذا اليومَ بأنه “لَمُّ شمل الأُسرة”، حيث أكَّد المشاركون مدى أهمية القوة التي تأتي من التنوع في وجهات النظر، والدعوة إلى التوجه بروح التعاون والتضامن؛ لأجل تحقيق أهداف حماية البيئة.

العِلم في مركز الصدارة

قَدَّمَ برنامجُ الأمم المتحدة للبيئة ثلاثةَ تقارير أساسية في أثناء هذه الدورة؛ رغبةً في تزويد صانعِي السياسات بالمعرفة والبيانات العلمية اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن البيئة. وهناك أظهر تقرير التوقعات العالمية لإدارة النفايات -التقرير الأول- أنَّ البشريةَ ينبغي لها تخفيض كميات النفايات التي تنتجها بشكل كبير، إذا أرادت الحفاظ على صحة الكوكب وجاهزيته للاستمرار في دعم الحياة.

وأمَّا عن التقرير الثاني فهو تقرير توقعات الموارد العالمية، والذي كشف عن نضوب الموارد الطبيعية بمعدلات تهدد الاستدامة؛ مما دعا الدولَ الأطرافَ إلى تبني تغييرات جذرية في السياسات؛ لأجل ضمان استدامة موارد الكوكب وقدرته على استيعاب البشرية.

وفي الأخير تمحور تقرير المُركَّبات الثقيلة المستعملة والبيئة حول كيفية تقليل كميات الانبعاثات الضارة من الشاحنات والمَركَبات الكبيرة؛ مما يساعد على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراريّ وتلوث البيئة بشكل عامّ.

الطريق يبدأ من الشباب

في الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة كان للشبابِ دورٌ بارزٌ، حيث تحدثتِ الناشطةُ “جريس كاتابانج” من الفلبين، قائلةً: «في أثناء مسيرة حياتي القصيرة شهدت بنفسي الظلمَ المدمِّرَ الذي لَحِقَ بالبيئة والمجتمعات؛ لذا علينا جميعًا أنْ ندركَ أنَّ وراءَ الإحصاءات والأرقام البيئية المخيفة إنسانٌ لا ينبغي لنا أنْ ننساه».

كما قدَّم الشبابُ في هذه الدورة نداءً واضحًا -حسب وصف السيدة/ أندرسن- حيث طرحوا آرائهم ووجهات نظرهم البيئية، مشيرينَ إلى أنَّ جمعيةَ البيئة العالمية -الأكثر طموحًا على الإطلاق- لن تكون قادرةً وحدها على منع التدهور السريع للعالم الطبيعيّ.

لم يعد هناك وقت

أصبح من الواضح في هذه الدورة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة أنَّ العالمَ يواجه نقطةَ تحولٍ حرجةً؛ لأنه يجب أنْ تتخذ البشريةُ إجراءاتٍ عاجلةً لمواجهة تلك الأزمة الثلاثية، التي أشرنا إليها سابقًا، وهي: تغيُّر المناخ، وفقدان الطبيعة والتنوع البيولوجيّ، والتلوث والنفايات.

هذه الأزمات الثلاثية أكَّد خطورتها الحالية والمستقبلية نشطاء وشباب وحتى رؤساء دول وحكومات؛ مما يُعتبر مؤشرًا إيجابيًّا. لكن، يجب أنْ تُترجم هذه الكلماتُ إلى سياسات عملية؛ لحماية الكوكب وإصلاحه.

وتعبيرًا عن هذا المؤشر الإيجابيّ أكدتِ السيدةُ/ أندرسن، قائلةً: «يحتاج العالم إلى العمل، ويحتاج إلى اتخاذ إجراءات بشكل أسرع من ذي قبل؛ فهو في حاجَةٍ إلى تغيير حقيقيّ ودائم». وقد أشارتْ أيضًا إلى أنَّ هذا الدورةَ ستساعد حتمًا على تحقيق التغيير الإيجابيّ؛ لضمان حق كل إنسان في بيئة آمنة وصحية.

كانت هذه أبرز لمحات الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، ويظهر من هذه القرارات مدى الجدية التي يتعامل بها العالم تجاه قضايا التغيُّر المناخيّ وفقدان التنوع البيولوجيّ والتلوث، وهو ما دعا حماة الأرض إلى إلقاء الضوء على هذه القرارات التاريخية، باعتبارها مؤشرًا إيجابيًّا على التزام الدول بمعالجة التحديات البيئية العالمية بشكل جديّ ومستدام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى