خطى مستدامة

استراتيجيات إدارة المياه في مصر

استراتيجيات إدارة المياه

استراتيجيات إدارة المياه في مصر

يعتبر الماءُ موردًا ثمينًا، كما أنَّ حُسنَ إدارته أمرٌ بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهو أمر تنظر إليه دول العالم -ومن بينها مصر- بعين الاعتبار، خاصةً بعد ارتفاع درجات الحرارة أعلى من المعدل الذي كان موجودًا قبل الثورة الصناعية، وبعدما تسارعت وتيرة الاحتباس الحراريّ، بالإضافة إلى زيادة تأثيرات التغيُّرات المناخية، التي جعلت موارد المياه موضع قلق عالميّ.

مِن هنا، سنحاول في هذا المقال استكشاف الجهود المائية لمصر، وتسليط الضوء علَى استراتيجياتها الخاصة بإدارة مواردها المائية، ومدى علاقة هذه الجهود المصرية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة علَى المستوى المحليّ والإقليميّ.

إنَّ مصرَ صاحبةُ النيل العظيم، الذي يُعدُّ شريانَ حياتها، لكن مع زيادة عدد السكان -بشكل ملحوظ- في العقود الأخيرة أصبحنا في حاجَةٍ إلى تعزيز مواردنا المائية؛ حتى نستطيع تنمية كل أنحاء مصر، بخاصة مناطقها البعيدة عن نهر النيل. وقد نفَّذتِ الحكومةُ -بالفعل- استراتيجياتٍ طموحةً لتعظيم استخدام المياه، وضمان وصول مياه نظيفة إلى سكانها في كل شبر من أرض مصر.

جانب آخر مهم لاستراتيجيات إدارة المياه في مصر هو تحسين أنظمة الريّ، فغالبًا ما كانت الطرق التقليدية غير فعَّالة؛ مما أدَّى إلى إهدار المياه، وتدهور التربة، لذا أدخلتِ الحكومةُ تقنياتِ ريّ حديثة، مثل أنظمة التنقيط والرشّ، مع إدخال أساليب ريّ متطورة في المناطق الزراعية الجديدة.

استراتيجية إدارة المياه 2050

يشكل تغيُّر المناخ تهديداتٍ إضافيةً لأمن المياه في مصرَ، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة كما ذكرنا من قبل، بالإضافة إلى تغيُّر أنماط هطول الأمطار؛ وهذا دعا مصرَ إلى الاستثمار في التقنيات المائية، لأجل تعزيز الحفاظ علَى المياه، وتقليل هدرها.

تساعد تقنيات الزراعة الحديثة -علَى سبيل المثال- علَى تحسين استخدام المياه بنَاءً علَى بيانات الوقت الفعليّ، مما يضمن استخدام الموارد المائية الثمينة بصورة أكثر استدامةً وكفاءةً. ومِن هنا، وضعت مصرُ استراتيجيةً مهمةً في هذا الشأن، وهي “استراتيجية تنمية وإدارة الموارد المائية حتى 2050“، التي صُممت لدعم خطوات مصر نحو إدارة كل إمكانياتها المائية ومواردها بأساليب مستدامة وتقنيات محافِظة علَى البيئة.

إنَّها استراتيجية ذات أبعاد متعددة، وتصب في صالح إدارة المياه المصرية في القطاعات كافةً، من خلال أنظمة وبرامج مستدامة، وعن طريق محاور تدور حول ترشيد استخدام المياه، واستدامة الموارد، وتهيئة البيئة الملائمة لتفعيل أنظمة إدارية متكاملة في مجال المياه.

تقوم محاور هذه الاستراتيجية المائية علَى أمر مهم، هو مشاركة المجتمع في دعم الموارد المائية، من خلال مبادرات التنمية المستدامة المختلفة؛ ولهذا فعَّلت مصرُ حملاتٍ توعويةً وبرامجَ تعليميةً، لتشجيع الاستخدام المسئول للمياه. كما نجحت مصرُ في تنفيذ مشروعات تساعد علَى حصاد مياه الأمطار في المناطق الحضرية -علَى سبيل المثال- لزيادة إمدادات المياه، وتقليل الاعتماد علَى المصادر التقليدية.

كل ذلك -في إطار استراتيجية تنمية وإدارة الموارد المائية حتى 2050- يفيد في حفظ المياه، وتقليل هدرها، وهو ما يتماشى مع كثير من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، خاصةً الهدف رقم (6): المياه النظيفة والنظافة الصحية، والهدف رقم (12): الاستهلاك والإنتاج المسئولان.

سياسات ومحاور الاستراتيجية

يُعدُّ التعاونُ الإقليميّ محورًا أساسيًّا من محاور استراتيجية تنمية وإدارة الموارد المائية حتى 2050، وكذلك كل استراتيجيات إدارة المياه المصرية. ولأجل تحسين العلاقات الإقليمية ذات الشأن سعت الدبلوماسية المصرية والمؤسسات المعنية بشئون المياه إلى بنَاءِ جسور مشترَكة بين مصر ودول حوض النيل، من خلال دقة دبلوماسية وتعاون بنَّاءٍ لمعالجة كل التداعيات البيئية الخاصة بالمياه.

استراتيجيات إدارة المياه

أمَّا عن محاور استراتيجية 2050 فهي محاور قائمة علَى الجهود المشترَكة بين القطاعينِ العامّ والخاصّ. ومِن أهم هذه المحاور: العمل علَى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعيّ. وهو الموضوع الذي تناولته مجلةُ حماة الأرض بالشرح والتوضيح في لقائها الخاص مع الدكتور/ هاني سويلم، وزير الموارد المائية والريّ.

ولتحقيق الاستفادة القصوى من مياه الصرف الزراعيّ، عملت مصرُ علَى تقليل تلوث هذا النوع من المياه قبل صَرْفِهِ في الترع الرئيسية، وهذا عن طريق تقنيات بيولوجية، مثل تقنية الأراضي الرطبة.

استطاعت استراتيجية 2050 -أيضًا- إعداد أطلس لموارد مصر المائية، مزود بقاعدة بيانات مائية شاملة. وبهذا الأطلس يمكن للوزارات والجهات المعنية الوقوف علَى خريطة المياه المصرية، ودراسة كل المشروعات المحتمَلة القادرة علَى دعم القطاع المائيّ في مصرَ كلها.

كانت هذه أهم محاور وسياسات استراتيجية تنمية وإدارة الموارد المائية حتى 2050. وهي واحدة من استراتيجيات إدارة المياه التي اعتمدت فيها مصرُ علَى تحديث أساليب الزراعة، وتُعدُّ استراتيجيةً واعدةً، ونقطةً إيجابيةً جديرةً بالثناء! وهو أمر يتناغم مع كثير من أهداف التنمية المستدامة، ويوضح ما تم إنجازه من هذه الأهداف في مجال إدارة المياه ومواردها.

موجز القول، هو أنَّ استراتيجيات إدارة المياه تعكس كيفية مواجهة مصر لمشكلات ندرة المياه، وتأثيرات التغيُّرات المناخية؛ رغبةً من مصرَ -الحكومة والأفراد- في دعم إدارة المياه ومواردها بصورة مستدامة. وهو ما حاولت حماة الأرض تسليط الضوء عليه؛ لأنَّ المياه قاطرةُ التنمية، ومحركُ الصناعة الأول، وهذا يدعونا إلى الاهتمام بهذا الشأن، باعتباره أحدَ أبعاد أمن مصر القوميّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى