خطى مستدامة

اليوم الدولي للغابات حلقة الوصل بين الأمن الغذائي واستدامة الكوكب

fores

اليوم الدولي للغابات حلقة الوصل بين الأمن الغذائي واستدامة الكوكب

تمثل الغابات أحد أهم النظم البيئية التي يرتكز عليها مستقبل التنمية المستدامة؛ فهي ليست مجرد مساحات خضراء، بل منظومة حيوية تسهم في الحفاظ على توازن الكوكب، وتؤدي دورًا أساسيًّا في دعم الحياة على الأرض من خلال إمداد المجتمعات بالموارد الطبيعية، وتعزيز الأمن الغذائي، والحد من آثار التغير المناخي؛ مما يجعل حمايتها ضرورة لتحقيق مستقبل أكثر توازنًا.

وفي هذا السياق، تسلط حماة الأرض الضوء على الدور المحوري للغابات في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية، بالتزامن مع اليوم الدولي للغابات، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، ويُحتفى به في 21 مارس من كل عام، للتذكير بأهمية الغابات في بناء نظم بيئية مستدامة.

أهمية الغابات

تسهم الغابات في تنظيم المناخ عبر امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه؛ وهو ما يساعد على الحد من الاحتباس الحراري، كما أن لها دورًا رئيسيًّا في حماية التنوع البيولوجي من خلال توفير موائل طبيعية لعدد هائل من الكائنات الحية، بالإضافة إلى أنها تُعد عنصرًا أساسيًّا في الدورة المائية، حيث توفر أكثر من 85% من إمدادات المياه العذبة للمدن الكبرى؛ مما يعزز الأمن المائي ويضمن استدامة الموارد الطبيعية.

وإلى جانب دورها البيئي، تُعد الغابات مصدرًا للغذاء لملايين البشر، خاصة في المناطق الريفية، كما أن تنوع مواردها الغذائية يسهم في تحسين جودة التغذية، ويضمن استقرار الإمدادات الغذائية، خاصة خلال الأزمات والكوارث الطبيعية التي تؤثر في الإنتاج الزراعي التقليدي.

ولا تقتصر أهمية الغابات على الجوانب البيئية والغذائية، وإنما تمتد لتكون محركًا اقتصاديًّا، خاصة في المجتمعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية بشكل كبير؛ إذ توفر الغابات فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتسهم منتجات الغابات الخشبية وغير الخشبية بما يصل إلى 20% من دخل الأسر الريفية، كما تدعم قطاعات اقتصادية متعددة، مثل الزراعة المتكاملة، والغابات الحضرية، وإنتاج الأغذية التقليدية؛ وهو ما يعزز سبل العيش المستدامة ويقلل الاعتماد على الموارد الصناعية في هذه الأماكن.

ويحمل اليوم الدولي للغابات لعام 2025 رسالة محورية بعنوان “الغابات والأغذية“، مسلطًا الضوء على العلاقة الوثيقة بين صحة الغابات وضمان الأمن الغذائي، ويأتي الاحتفال هذا العام بالتزامن مع احتفال منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بذكرى مرور 80 عامًا على تأسيسها؛ مما يمثل فرصة لاستعراض الحلول المبتكرة والممارسات الرائدة التي تساهم في بناء مستقبل غذائي أكثر استدامة وشمولًا، يدعم المجتمعات المحلية ويحمي الموارد الطبيعية.

التحديات التي تواجه الغابات

ورغم ما توفره الغابات من فوائد بيئية وغذائية واقتصادية، فإن هذه النظم الحيوية تواجه تحديات متصاعدة تهدد استمرار دورها الحيوي؛ فإزالة الغطاء النباتي، والتغيرات المناخية المتسارعة، والضغوط الناتجة عن الأنشطة البشرية تمثل أخطارًا جسيمة على هذه المساحات الطبيعية.

وتجدر الإشارة إلى أنه تُبذل جهود عالمية كبيرة للحد من معدلات إزالة الغابات، ومع ذلك لا تزال هذه النظم البيئية معرضة للخطر بسبب الحرائق، والآفات، والاستهلاك المتزايد للمنتجات الخشبية وغير الخشبية، حيث تشير التقارير إلى أن العالم يشهد إنتاجًا قياسيًّا للخشب يصل إلى نحو 4 مليارات متر مكعب سنويًّا، وفي الوقت نفسه يعتمد أكثر من 6 مليارات إنسان حول العالم على منتجات غير خشبية تُستخرج أيضًا من الغابات، مثل الثمار والأعشاب والمواد الطبيعية الأخرى.

تعكس هذه الأرقام حجم الاستغلال الحالي لهذه الموارد الطبيعية، ويظهر من خلالها الدور المحوري الذي تؤديه الغابات في تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية، غير أنه يفرض تحديًا مزدوجًا يتمثل في ضرورة ضمان استدامة هذه الموارد دون الإخلال بالتوازن البيئي.

نحو حلول مستدامة

وفي مواجهة هذه التحديات تبرز الحاجة إلى استراتيجيات متكاملة تجمع بين الابتكار العلمي والمعرفة التقليدية، وقد أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) استراتيجية علمية ابتكارية تهدف إلى تسخير الأدوات الرقمية الحديثة، مثل تقنيات الاستشعار عن بُعد والحوسبة السحابية؛ لرصد التغيرات في الغابات، وتحليل البيانات بدقة.

وتشير البيانات الصادرة عن الفاو إلى الدور المتزايد للتكنولوجيا في تحسين مراقبة الغابات وحمايتها، حيث توفر هذه التقنيات معلومات دقيقة تساعد على اتخاذ القرارات المستندة إلى الأدلة، وتأتي هذه الجهود في إطار السعي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، التي تجعل من الحفاظ على الغابات وتعزيز التنوع البيولوجي ركيزة أساسية لتحسين سبل العيش ودعم المجتمعات المحلية.

ومن بين الحلول المستدامة التي يُمكن تبنيها تأتي الزراعة الحراجية، التي تجمع بين زراعة المحاصيل والأشجار في نظام متكامل يعزز خصوبة التربة، ويحافظ على التنوع البيولوجي، ويحد من آثار تغير المناخ من خلال امتصاص الكربون، كما يُسهم هذا النظام في تقليل الاعتماد على الأنظمة الصناعية التي تستنزف الموارد الطبيعية.

وترى حماة الأرض أن اليوم الدولي للغابات يمثل فرصة للتأكيد على أهمية الغابات في دعم الحياة على الأرض، والدعوة إلى تكاتف الجهود العالمية لحمايتها، كما أنه فرصة لدعوة جميع الجهات إلى العمل لحماية الغابات، انطلاقًا من إدراك أن تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرة الغابات على أداء دورها الحيوي في دعم النظم البيئية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى