خطى مستدامة

اليوم الدولي للقاضيات يؤكد دور المرأة في ترسيخ العدالة

اليوم الدولي للقاضيات يؤكد دور المرأة في ترسيخ العدالة

تظل المساواة والعدالة مجالًا مهمًّا لجميع شعوب العالم إذا أردنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة بصورة شاملة، ومن أبرز محاور هذا المجال تعزيز دور المَرأة في شتى المجالات، وعلى رأسها النظام القضائي، الذي يعد أحد أهم أركان الاستقرار المجتمعي. ومن هذا المنطلق، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 10 مارس من كل عام يومًا دوليًّا للقاضيات، وذلك تأكيدًا لأهمية تمثيل المَرأة في القضاء ودورها في ترسيخ العدالة.

وفي إطار دعم هذه الجهود، ستعمل حماة الأرض في هذا المقال على إبراز أهمية دور المَرأة في القضاء باعتباره جزءًا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتسليط الضوء على المبادرات الرامية إلى تعزيز المساواة في القضاء، فضلًا عن إبراز التحديات التي تواجه القاضيات؛ مما يسهم في رسم صورة أكثر شمولية عن دور المَرأة في هذا المجال الحيوي.. فتابعوا القراءة.

أهمية وجود المرأة في الساحة القضائية

يُعَدُّ اليوم الدولي للقاضيات مناسبة مهمة لتسليط الضوء على أهمية تمثيل المَرأة في النظام القضائي وتعزيز العدالة من خلال مشاركتها الفعالة، حيث إن المناصب القضائية كانت لفترات طويلة حكرًا على الرجال في العديد من الدول، ورغم تزايد مشاركة النساء في الحياة العامة يبقى وجودهن في المناصب القيادية القضائية محدودًا؛ مما يؤثر في تمثيل النظام القضائي لشرائح المجتمع كافة.

ولا تقتصر أهمية وجود المَرأة في النظام القضائي على تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، وإنما تمتد إلى تحسين مستوى العدالة ذاتها، وقد أثبتت الدراسات أن التنوع داخل الهيئات القضائية يسهم في تعزيز الاستجابة لقضايا حقوق الإنسان، ويضمن اتخاذ قرارات أكثر شمولية تعكس احتياجات المجتمع بأكمله، كما أن حضور المَرأة في القضاء يسهم في تعطيل شبكات الفساد، ويعزز مناخ النزاهة والشفافية داخل المؤسسات القضائية.

وإلى جانب ذلك، يسهم وجود المَرأة في القضاء في تعزيز ثقة الأفراد في النظام القضائي، لا سيما الفئات التي قد تجد صعوبة في الوصول إلى العدالة بسبب الفجوات الاجتماعية؛ فإنَّ وجود قاضيات في القضايا المتعلقة بحقوق الأسرة أو العنف القائم على النوع الاجتماعيّ يعزز من شعور النساء بالأمان والإنصاف.

دور المَرأة في القضاء المصري

واتفاقًا مع أهمية دور المَرأة في القضاء شهدت الساحة القضائية المصرية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصةً في عام 2003 حين تم تعيين تهاني الجبالي -التي عملت بالمحاماة لنحو 30 عامًا- لتكون أُولى القاضيات المصريات، بالإضافة إلى تعيينها رئيسةً للمحكمة الدستورية العليا، وحتى الآن لا تزال المَرأة الوحيدة التي احتلت المنصب القضائيّ الأعلى في تاريخ مصر.

وذلك حدث تاريخي شكَّل نقطة تحول مهمة في تاريخ القضاء المصري. وقد شهدنا بعد ذلك تمثيلًا للمرأة في القضاء بشكل مطرد؛ فقد عيَّن المجلس الأعلى للقضاء 98 قاضية دفعة واحدة في عام 2021، وكان هذا رقم قياسي جديد في تاريخ القضاء المصري، مما رفع النسبة إلى حوالي 15-20% بحلول 2023، مقارنةً بنسبة لم تتجاوز 5% قبل عقدين من الزمان.

وإضافة إلى هذه الجهود تبنت مصر عدة مبادرات، منها “الاستراتيجية الوطنية لتمكين المَرأة 2030“، إلى جانب برامج التدريب والتثقيف. ومع استمرار جهود التعيينات منذ عام 2021، يُتوقع أن يرتفع عدد القاضيات بشكل ملحوظ، مع بذل محاولات لتعيين النساء في مناصب مثل النيابة العامة والمحاكم العسكرية.

التحديات التي تواجه القاضيات

على الرغم من التقدم الذي أحرزته المَرأة في العديد من المجالات، فلا تزال تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى المناصب القضائية العليا؛ ففي بعض الدول تمثل التصورات المجتمعية النمطية وغياب الفرص المتكافئة في الترقيات عوائقَ تحوُل دون وصول المَرأة إلى المناصب العليا في القضاء؛ مما يستدعي تبني سياسات واستراتيجيات تدعم تمكين المَرأة، وتضمن حصولها على فرص متساوية في جميع المستويات.

مبادرات لتعزيز دور القاضيات

واحتفاءً بهذا اليوم تعمل العديد من الجهات الدولية والمحلية على إطلاق مبادرات وبرامج تهدف إلى تعزيز دور المَرأة في النظم القضائية على جميع المستويات، سواء في المناصب القيادية أو الإدارية؛ ففي عام 2024 أطلقت الشبكة العالمية لنزاهة القضاء -التابعة لمكتب الأمم المتحدة- برنامجًا إرشاديًّا يهدف إلى تعزيز التواصل بين القاضيات وتبادل الخبرات؛ مما يسهم في بناء مجتمع قضائي أكثر تضامنًا وقدرة على التصدي للتحديات.

وعلى المستوى الدولي تُسلط الأمم المتحدة الضوء على الجهود الرامية إلى تحقيق المساواة في القضاء من خلال مبادرة “النساء في العدالة من أجل تحقيقها”، التي تركز على تمكين المَرأة في النظام القضائي، وضمان تمثيلها العادل في المناصب القيادية، باعتبار ذلك جزءًا أساسيًّا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، خاصة الهدف (5) “المساواة بين الجنسين”.

ومن الجدير بالذكر أنه على مدى العشرين سنة الماضية زاد عدد النساء والفتيات اللاتي يتعاملن مع نظام العدالة الجنائية بأيّ شكل من الأشكال، وبسبب هذه الزيادة فهناك حاجة ماسة لبذل مزيد من الجهود لدعم وصول المَرأة إلى القضاء، وضمان استجابة مؤسسات النظام القضائي لاحتياجاتها بكفاءة وفاعلية.

ولذلك ترى حماة الأرض أنَّ تمكين المَرأة في القضاء ليس مجرد استحقاق قانوني حقوقي، بل هو استثمار في نظام قضائي أكثر كفاءة يعكس تنوع المجتمعات، ويحقق العدالة بإنصاف وشفافية؛ فمن خلال تعزيز دور المَرأة وتوفير الفرص القيادية لها، يمكن ضمان تقديم خدمات قضائية أكثر شمولًا وعدلًا، والإسهام في بناء مجتمع يسوده الاستقرار والسلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى