خطى مستدامة

اليوم الدولي للقضاء على الهدر خطوة نحو الاستدامة

اليوم الدولي للقضاء على الهدر خطوة نحو الاستدامة

في عالم تتسارع فيه وتيرة الاستهلاك وتتزايد التحديات البيئية، تبرز قضية إدارة النفايات باعتبارها من أبرز العقبات التي تعيق تحقيق التنمية المستدامة. وفي إطار الجهود الدولية لمعالجة هذه الأزمة، يُحتفل في 30 مارس من كل عام باليوم الدولي للقضاء على الهدر، وفي هذا المقال سوف تسلط حماة الأرض الضوء على هذا اليوم باعتباره فرصة للدعوة إلى تعزيز أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة، وتحفيز الابتكار في تصميم المنتجات، والتحول نحو اقتصاد دائري يحافظ على الموارد الطبيعية ويحد من الأثر البيئي.

وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم في ديسمبر 2022، في خطوة تعكس التزام المجتمع الدولي بمعالجة التحديات البيئية الناجمة عن النفايات. ويهدف اليوم الدولي للقضاء على الهدر إلى تعزيز الوعي بأهمية تقليل النفايات، وتشجيع تبني ممارسات مستدامة في الإنتاج والاستهلاك، بما يدعم أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف (11) “مدن ومجتمعات محلية مستدامة”، والهدف (12) “الاستهلاك والإنتاج المسئولان”.

ويتولى برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية تنظيم هذا اليوم، حيث تُدعى الدول الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، وغيرها من الجهات المعنية للمشاركة في فعاليات تهدف إلى نشر الوعي بمبادرات “صفر نفايات” على جميع الأصعدة.

أزمة عالمية تتطلب حلولًا عاجلة

تشير الإحصائيات إلى أن العالم ينتج ما بين 2.1 و2.3 مليار طن من النفايات الصلبة سنويًّا، في حين يفتقر حوالي 2.7 مليار إنسان إلى خدمات جمع النفايات الأساسية، وهو ما يزيد من حدة الأزمات الصحية والبيئية، ويعمق الفجوات الاجتماعية. وفي ظل استمرار الوضع الراهن يُتوقع أن ترتفع كمية النفايات إلى 3.8 مليار طن بحلول عام 2050، مما يُفاقم الأزمات المناخية.

وتعد صناعة الأزياء والمنسوجات مثالًا بارزًا على تأثير أنماط الاستهلاك غير المستدامة في البيئة؛ إذ يشهد هذا القطاع نموًا سريعًا في الإنتاج والاستهلاك، بما يفوق جهود الاستدامة الحالية، ويؤدي إلى آثار بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة، خاصة في دول الجنوب العالمي؛ فقد تضاعف إنتاج الملابس بين عامي 2000 و2015، ومع ذلك ينتج ما يصل إلى 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويًّا، وهو ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس تُحرق أو تُرسل إلى المكبات كل ثانية.

مفتاح التغلب على الهدر

يتطلب التصدي لهذا التحدي تغييرًا جذريًّا في أنماط الإنتاج والاستهلاك، والانتقال من الاقتصاد الخطي القائم على (الاستخراج – التصنيع – التخلص) إلى الاقتصاد الدائري، الذي يعتمد على (التصميم – الاستخدام – إعادة الاستخدام)، ويعتمد هذا النهج على تقليل الهدر من خلال إعادة استخدام المنتجات، وإصلاحها، وإعادة تدويرها، بما يسهم في خفض استهلاك الموارد وتقليل التلوث.

ولتحقيق هذا التحول يتطلب الأمر جهودًا متكاملة من جميع الجهات، حيث تؤدي الحكومات دورًا أساسيًّا في دفع عجلة التحول نحو الاقتصاد الدائري، من خلال سنّ التشريعات التي تفرض توسيع نطاق مسئولية المنتج، ووضع معايير صارمة لتنظيم استخدام المواد الكيميائية الضارة، والاستثمار في بنية تحتية فعالة لإعادة التدوير. وفي الوقت نفسه تسهم المنظمات البيئية ومنظمات المجتمع المدني في رفع الوعي البيئي، وإطلاق مبادرات تعزز ثقافة الاستهلاك المسئول.

أما القطاع الخاص فله دور أساسي في تصميم منتجات قابلة للإصلاح وإعادة التدوير، واعتماد نماذج أعمال تدعم الاقتصاد الدائري، مثل خدمات تأجير المنتجات أو إعادة البيع. وعلى المستوى الفردي يتطلب التحول نحو الاستدامة تبني عادات شراء واعية، وتقليل الاعتماد على المنتجات قصيرة العمر، والاستثمار في الخيارات الأكثر استدامة وقابلية للإصلاح وإعادة الاستخدام.

وانطلاقًا من هذا النهج الشامل، تؤكد حماة الأرض أن القضاء على الهدر عامل أساسي في مواجهة التحديات البيئية وتحقيق الاستدامة؛ فمن خلال الإدارة الفعالة للنفايات، واعتماد الاقتصاد الدائري، وتعزيز الوعي البيئي؛ يمكن تقليل استنزاف الموارد والحد من التلوث، مما يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى