تقرير الوكالة الدولية للطاقة يبرز جهود مصر في مجال الطاقة النظيفة
تقرير الوكالة الدولية للطاقة يبرز جهود مصر في مجال الطاقة النظيفة
في ظل التحديات البيئية المتزايدة تقع على عاتق كل دولة مسئولية الحد من آثار التغير المناخي، وتبرز مصر بوصفها نموذجًا يحتذى به في هذا المجال داخل القارة الإفريقية وفي أنحاء المنطقة العربية كلها، حيث تبنَّت استراتيجية طموحة للتحول إلى الطاقة النظيفة، ووفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة احتلت مصر المرتبة الأولى عربيًّا في امتلاك أكبر قدرات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة في عام 2023؛ فما العوامل التي أسهمت في هذا النجاح الملحوظ؟ وما الفوائد التي تعود على الاقتصاد المصري من هذا التحول؟ هذا ما تجيب عنه حماة الأرض في السطور الآتية؛ فتابعوا القراءة.
احتفال اليوم الدولي للطاقة
تزامنًا مع احتفال العالم باليوم الدولي للطاقة النظيفة يأتي تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IEA)، الذي يُشير في بدايته إلى أن مصر احتلت المرتبة الأولى عربيًّا في امتلاك أكبر قدرات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة عام 2023، بإجمالي قدرات 6709 ميجاوات، في حين جاءت الإمارات في المركز الثاني بقدرة تبلغ 6035 ميجاوات، وتبعتها المغرب في المركز الثالث بقدرة 4105 ميجاوات، واحتلت السعودية المركز الرابع بقدرة 2988 ميجاوات، علمًا بأن قدرة مصر قد ارتفعت في العام التالي 2024 -وفقًا لأحدث بيانات وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة- إلى 7633 ميجاوات عام 2024، وذلك في الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية.
وقد أوضح التقرير أن قدرات الطاقة الشمسية قد بلغت 2611 ميجاوات في عام 2024، مقابل 140 ميجاوات عام 2013/2014، بزيادة نحو 19 ضعفًا، في حين بلغت قدرات طاقة الرياح 2190 ميجاوات عام 2024، مقابل 550 ميجاوات عام 2013/2014، بزيادة نحو 4 أضعاف، وقد بلغت قدرات الطاقة المائية 2832 ميجاوات عام 2024، مقابل 2800 ميجاوات عام 2013/2014، بنسبة زيادة 1.1%، ومن المستهدف أن تصل قدرات مصر إلى 10 آلاف ميجاوات بنهاية العامِ الجاري.
واستعرض التقرير جهود الدولة من أجل التوسع في الاعتماد على الطاقة النظيفة، وأكد أن مصر تتبنى نهجًا طموحًا في مجال الطاقة المتجددة، حيث تسعى إلى زيادة إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، لتصل إلى 42% بحلول عام 2030، ثم إلى 60% بحلول عام 2040، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية تجعل مصر نموذجًا يحتذى به في المنطقة، وأن المشروعات الكبرى للطاقة المتجددة التي تتبناها تؤكد عزمها على تحويل تلك الرؤية إلى حقيقة واقعة كما تسهم في تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بالطاقة المستدامة.
أثر الطاقة المتجددة في النمو الاقتصادي
وبناء على ما سبق، ظهر تقدم ملحوظ لمصر في مجال الطاقة المتجددة، حيث ارتقت 5 مراكز في مؤشر جاذبية الاستثمار وفقًا لمؤسسة “إرنست ويونج – Ernst & Young” التي يُرمز لها اختصارًا بـ”E&Y”، لتنتقل مصر من المركز 39 في مارس 2015 إلى المركز 34 في يونيو 2024، وقد ارتقت 6 مراكز في مؤشر التحول للطاقة المستدامة الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، لتنتقل من المركز 81 في عام 2018 إلى المركز 75 في عام 2024.
وهذه الجهود الحثيثة للتنمية في مصر جعلت منها وجهةً جاذبةً للاستثمارات في هذا القطاع، وهو الأمر الذي أشارت إليه وكالة “فيتش – Fitch” للتصنيف الائتماني؛ إذ ذكرت أن سوق الطاقة في مصر مهيأ للنمو المستمر بناءً على مبادرات الطاقة المتجددة القوية، والدعم المستمر من استثمارات القطاع الخاص، كما توقعت الوكالة أن تكون مصادر الطاقة المتجددة غير الكهرومائية هي القطاع الأسرع نموًا.
مشروعات الطاقة المتجددة في مصر
إن هذا التقدم الملحوظ في مؤشرات الاستثمار والتحول للطاقة المستدامة يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري، ويشجع على المزيد من الاستثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة، ومن ضمن هذه المشروعات صناعة الهيدروجين الأخضر؛ ولذلك جاء ذكرها في تقرير الوكالة الدولية، حيث أوضح التقرير أن استراتيجية الهيدروجين منخفض الكربون التي أطلقتها مصر في أغسطس 2024 من المتوقع أن تسفر عن نتائج إيجابية؛ إذ تشير التقديرات إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 18 مليار دولار بحلول عام 2040، واستحداث 100 ألف فرصة عمل، وتحقيق حصة سوقية تبلغ 5-8% في سوق الهيدروجين العالمي.
ولمواكبة هذه الاستراتيجية، تم توقيع 30 مذكرة تفاهم لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وقد تحول العديد منها إلى اتفاقيات إطارية. وتُقدر الاستثمارات في هذه المشروعات بحوالي 64 مليار دولار، ومن المتوقع أن تسهم في إنتاج 18 مليون طن سنويًّا من الهيدروجين الأخضر.
بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى برنامج “نُوَفِّي” الذي يهدف إلى التحول نحو الطاقة المتجددة، عن طريق إيقاف تشغيل محطات تستخدم مصادر الطاقة التقليدية بقدرات 5000 ميجاوات، وقد تم بالفعل إيقاف تشغيل محطات تقليدية تقدر بحوالي بقدرة 1200 ميجاوات، ومن أهداف برنامج “نُوَفِّي” تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة، حيث يسعى إلى جذب استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار لإضافة 10,000 ميجاوات جديدة بحلول 2028، وقد حقق البرنامج تقدمًا ملحوظًا حتى الآن، حيث تم بالفعل توفير 3.9 مليارات دولار لمشروعات تبلغ قدرتها 4200 ميجاوات.
في الختام، فإنَّ هذه الجهود المبذولة والأهداف المُحققة تثبت يومًا بعد يوم ريادةَ مصر في مجال الطاقة المتجددة، حيث تسعى جاهدةً إلى تحقيق التحول الأخضر في الاقتصاد، وتثمن حماة الأرض هذه الجهود ذات الآثار الواضحة؛ لأنَّ التحول إلى الطاقة المتجددة ليس ضرورة بيئية فقط، بل هو فرصة لتحقيق التنمية المستدامة في جميع القطاعات.