حسام عوض: مصر تخطو خطوات متسارعة نحو التحوُّل الأخضر والاستدامة
المهندس/ حسام عوض رئيس لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب
حسام عوض: مصر تخطو خطوات متسارعة نحو التحوُّل الأخضر والاستدامة
لم تكن لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب بمنأى يومًا عمَّا يحدث في قطاعات البترول والكهرباء والبيئة، وهي ثلاثيَّة العبء الكوني التي قادت العالم إلى الأنفاق المظلمة للتغيرات المناخيَّة، التي ينزلق بداخلها العالَمُ بشكل متسارع في السنوات الأخيرة، ورغم أن الصورة تبدو قاتمةً أمام الجميع خاصة حين تقرأ الأبحاث العلمية المتخصِّصة في تأثير التغيرات المناخيَّة على الكون والإنسان والنبات، وحتى البحار والمحيطات، إلا أننا ما زلنا نتشبَّث بالأمل الذي يبثُّه النائب حسام عوض الله رئيس لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب دائمًا في حواراته الصحفية، وأيضًا نقاشاته الجانبيَّة حول الوضع في مصر، خاصة فيما يتعلَّق بالسير قُدُمًا نحو تنفيذ رؤية الدولة في مجال التحول الأخضر والاستدامة؛ ولأن لجنة الطاقة والبيئة رقيب على أهم ثلاث وزارات ذات الصلة بكافة قضايا البيئة، فهو الأكثر إلمامًا بكل تلك القضايا؛ من حيث الرؤية والمدى الزمني للتنفيذ، وحرفيَّة الأداء.
مجلة «حُماة الأرض» كان لها حوار حصريٌّ مع النائب حسام عوض الله، في محاولة لاستشراف بعض الدلالات حول مجموعة من الأحداث والقرارات التي تُتَّخذ في مصر في الآونة الأخيرة.
كيف ترى جهود الدولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وجهود الإصحاح البيئيِّ والطاقة الجديدة والمتجدِّدة، وقضايا الاستدامة التي تعدُّ أولوية في رؤية مصر 2030؟
الحقيقة لا يمكن أن ننكر أبدًا الجهود المتسارعة من جانب الحكومة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال خطة إستراتيجيَّة علميَّة واضحة المعالم والأهداف، وعلى رأس تلك الأهداف والخُطى، تشجيع ودعم الكثير من الأنشطة الاستثماريَّة المتعلِّقة بالطاقة الخضراء، واتِّخاذ العديد من الإجراءات التي تختصر الوقت والجهد اللَّازمين للحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة، فضلًا عن تفعيل نظام الحوافز غير الضريبيَّة وغيرها من الإجراءات، التي من شأنها تعزيز الاستثمارات المحليَّة والأجنبيَّة، خاصة خلال فترة الأزمة التي يواجهها العالم.
ولن ننسى كيف علَّمتنا القيادة السياسيَّة أن الفرص الحقيقيَّة تكمُن في الأزمات، وهذا بدى جليًّا في إصرار الدولة على استمرار تنفيذ المشروعات الكبرى والمدن والأنفاق والطرق والكباري، في عز انتشار موجة فيروس كورونا، وفي الوقت الذي أغلقت فيه أعتى الاقتصادات الأوربيَّة والعالمية، إلا أن الرئيس اتخذ القرار بالاستمرار ليُحرِّك الاقتصاد، وتستفيد العمالة من حركة الاقتصاد والمجتمع كله، ومن المؤكَّد أن الإشادة الدوليَّة باهتمام مصر بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر، يتماشى مع الرؤية العالميَّة في الحفاظ على البيئة والعمل من أجل مكافحة التغيُّر المناخي.
بما أننا في مجلة «حُماة الأرض» نهتمُّ بالاستدامة ورؤية مصر 2030، كيف تقيِّم المشروعات التي تم تنفيذها في السنوات الـ8 الأخيرة على مستوى الالتزام البيئي والاستدامة؟
لا شكَّ أن هناك اهتمام كبير من الدولة بالمشروعات التي تحافظ على النظام البيئي، وقد وصلنا إلى حجم إنجاز ملحوظ في الاتجاه نحو الطاقة النظيفة، حيث تحقق حتى الآن ما يتحاوز 20 بالمائة من الطاقة المنتجة في مصر، من الطاقة المتجدِّدة أو النظيفة، قبل الوصولِ للمدى الزمني المحدد في الخطة الإستراتيجيَّة، وقريبًا سنصل إلى 40 بالمائة من استخدامنا للطاقة المتجدِّدة، ولا يمكن أن نغفل الحديث عن مشروع بنبان للطاقة الشمسية كأكبر محطة في إفريقيا والشرق الأوسط، ومصر لديها توجُّه للسير في ملف إحلال الطاقة النظيفة بقوة، وقد تقدم القطاع الخاص أيضًا بخُطًى متسارعة في إنتاج الطاقة النظيفة، وأصبح لدينا شركات تنافس الشركات العالمية في ذلك المجال، وهو ما يبشِّر بأننا قد نتجاوز في 2035 المستهدف في خطة الدولة إن شاء الله.
هل ترى أن المشروعات الكبرى التي تتبنَّاها الدولة والمبادرات الكثيرة، وعلى رأسها مبادرة «حياة كريمة»، وكذلك المدن الجديدة، والمشروعات الزراعية – تراعي قواعد الاستدامة في تنفيذها؟
بالفعل، كل المشروعات التي يتم تنفيذها الآن تندرج تحت مسمى «مشروعات مستدامة»، فمثلًا: لو تحدَّثنا عن مشروع تبطين التُّرع، وهو مثال بسيط قد يستهين به كثيرون، لكنه يراعي كلَّ شروط الاستدامة، من حيث الاستخدام الأمثل للمياه، والحفاظ عليها من البخر، وإعادة استخدام مياه المصارف، من خلال معالجتها معالجة ثنائيَّة أو ثلاثية، إذن فهناك فوائد كثيرة يتم تحقيقها من خلال مشروع قد يظنُّه الكثيرون بلا جدوى حقيقيَّة، ونفس الشيء في مشروعات الطرق والكباري، وغيرها من المشروعات التي يتم تنفيذها على أعلى درجة من الكفاءة، فضلًا عن مراعاة البُعد البيئي لها.
ما دلالةُ استضافة مصر للمؤتمر العالمي «COP27»، وما هو التأثير المباشر لوجود مثل هذا المؤتمر على أرض مصر؟
استضافة مصر لهذا المؤتمر العالمي يدل على أهميَّة دور مصر الإقليمي ومدى اهتمامها بمشروعات التنمية المُستدامة والمحافظة على البيئة، فنحن كدولة لنا دور قوي في هذا الشأن، كما أننا نمثِّل قارة إفريقيا في هذا المؤتمر، ونتحدَّث باسمها، ونتفاوض لكل الدول الإفريقية للحصول على أكبر قدر ممكن من المُكتسبات، وهو الدور الإقليمي المنوط بمصر، والذي تُوليه كل الدول الإفريقية ثقة كبيرة، لسوابق مصر في هذا الشأن على – خاصةً في السنوات الأخيرة – وانخراط مصر داخل العمق الإفريقي بالمشروعات، والاستثمارات وكافة الأشكال الأخرى.
كنائب في البرلمان هل ترى أن وجود مثل هذا المؤتمر على أرض مصر سيفرض علينا التزامات قد تؤرِّق أو تؤثِّر على الاقتصاد المصري؟
لا أعتقد أن هناك التزامات يمكن أن يفرضها وجود المؤتمر على أرضنا، قد يؤثر بأي شكل أو يُجهد الاقتصاد؛ لأننا بالفعل لدينا نظام قائم ننتهجه وَفقًا لقانون البيئة، وهناك رقابة شديدة من أجل المحافظة عليه، وهناك نهج تنتهجه الوزارات، فلدينا وَزارة خاصة بالبيئة وقوانين تنظِّم وتتابع بصفة دوريَّة ما يحدث؛ لذلك استضافة مصر لـ«COP27» لن يؤثِّر علينا أو يلزمنا أكثر تجاه التعامل مع البيئة، ولكن استعدادنا المكثف لاستقبال رؤساء وزعماء العالم في مدينة شرم الشيخ، سيُغيِّر وجه المدينة، خاصة بعد أن قرَّرت الدولة إعلانها مدينة خضراء، وكذلك المناطق السياحيَّة والأثرية التي تستعد لزيارة الوفود، هذا الاستعداد والتطوير في حد ذاته يُعدُّ من أهم المكتسبات التي يجب كمصريين الحفاظ عليها، والالتزام بقواعد استدامتها.
هل سنحصل على مكتسبات على مستوى تمويل المشروعات الصديقة للبيئة؟ أم أنه لم تتَّضحْ خُطَّة الحكومة بعدُ في هذا الإطار؟
إلى الآن لم تتَّضحْ خطة الحكومة في هذا الشأن، ولكن أعتقد أن وجود مثل هذا المؤتمر على أرض مصر في هذا التوقيت سنستفيد منه.
بصفتك رئيسًا للجنة الطاقة والبيئة في مجلس النواب، كيف تُقيِّم الـ3 وزارات: البيئة، والبترول، والكهرباء؟
أداء الوزارات الثلاث مميَّز والجميع يرى ذلك.. ولكن هناك بعض السلبيَّات اليسيرة، وهنا يأتي دورنا في التوجيه، ولكن في الإطار العام الوزارات الثلاث تعمل كما نرى، ومجهوداتهم واضحة على أرض الواقع، وإنجازات الوزارات الثلاث تبدو لنا جميعًا كالشمس، فوزارة الكهرباء استطاعت خلال السنوات الثمانية الماضية أن تحوِّل العجز في الكهرباء إلى فائض يمكن تصديره أو ربطُه مع الدول المجاورة أو الشقيقة، وذلك من خلال بناء المزيد من محطات توليد الكهرباء، واستحداث طاقات جديدة وإدخالها على الشبكة، وهو جهد رائع تحت إشراف القيادة السياسيَّة، فضلًا عن توصيل الكهرباء لكل القرى والنجوع في مشروع حياة كريمة، فضلًا عن توقيع مصر اتفاقية إصدار السندات الخضراء؛ وهي الاتفاقية الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لإعادة تمويل 6 محطات لشركة «سكاتك» النرويجيَّة للطاقة المتجدِّدة.
وزارة البترول لن نستطيع حصر إنجازاتها، بداية من الاكتشاف والتنقيب في (حقل ظهر)، والاكتشافات البتروليَّة التي لفتت أنظار العالم إلى مصر، وصولًا إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز وتصديره في صورة مصنَّعة ليست خامًا كالماضي، وانتهاء بمشروعات التعدين والذهب والبتروكيماويات، فكلها مشروعات لا نستطيع حصرها ولا تقدير حجم ضخامتها، وقد ساهمت في دعم الاقتصاد، وساعدت الدولة المصرية على الوقوف راسخةً أمام الأزمات التي عصفت بدول كثيرة، وساهمت أيضًا في ارتفاع معدل النمو القومي في نفس الوقت.