كيف تغير الزراعة المائية قواعد اللعبة في وجه المناخ؟
كيف تغير الزراعة المائية قواعد اللعبة في وجه المناخ؟
يعد التغير المناخي من أبرز التحديات التي تهدد استدامة الأنظمة البيئية في جميع أنحاء العالم، بخاصة تأثيره في النظم البيئية المائية. ومع ارتفاع درجات الحرارة أصبحت هذه التأثيرات أكثر وضوحًا في مجالات مختلفة؛ أبرزها تربية الأسماك.
يرجع سبب تأثر مجال تربية الأسماك بالتغير المناخي إلى الاحتباس الحراري، وهو أمر يهدد الإنتاجية، ويؤدي إلى عديد من الظواهر السلبية، مثل نفوق الأسماك؛ لذا سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال تحديات هذا المجال، والسبيل إلى تعزيزه أمام التغيرات المناخية، فتابعوا القراءة.
عندما يتنفس الماء بصعوبة!
يشكل التغير المناخي تهديدًا حقيقيًّا للمجتمعات البشرية والبيئية على حد سواء، خاصة في ظل تزايد الحرارة وتقلبات المناخ التي تؤثر في الأنظمة البيئية المائية والبرية. ومع تزايد هذه الأخطار البيئية أصبح العالم في حاجَةٍ إلى حلول مبتكرة وأساليب مستدامة.
لذلك أشارت دراسة أجراها مشروع “تغير المناخ والموارد المائية الأوروبية – CERES” إلى أن التغير المناخي يؤثر بشكل كبير في الأنظمة البيئية المائية -المياه العذبة أو المالحة- حيث تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى تقليل مستويات الأكسجين في المياه؛ مما يتسبب في تدهور صحة الأسماك، وبالتالي انخفاض الإنتاجية.
السلمون نموذج للتأقلم
مِن بين الأنواع المائية المتأثرة بالتغير المناخي –وفق مشروع تغير المناخ والموارد المائية الأوروبية- نوع من الأسماك يُطلق عليه لقب “سلمون قوس قزح – Oncorhynchus mykiss”؛ وهو نوع من أسماك السلمون التي تتطلب بيئة مائية ذات درجة حرارة ثابتة، ومستويات أكسجين مرتفعة؛ لتتمكن من النمو بشكل صحي.
هذا النوع من الأسماك تُمكن تربيتُه في أنظمة الزراعة المائية، التي يمكن أنْ تساعد على الحد من تأثيرات التغير المناخي. لكن، كيف هذا؟ تكمن الإجابة في تقنية الزراعة المائية المركبة، وهي ما سنوضحه في السطور القليلة القادمة.
تقنيات الزراعة المائية المركبة
حتى يعيش “سلمون قوس قزح” في مياه باردة -مستمتعًا بأكسجين مرتفع- تجب تربيته في أنظمة الزراعة المائية المركبة (Aquaponics)، التي تتحكم في جودة المياه بشكل دقيق؛ وهي تقنية واعدة في مواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي؛ لأنها تجمع بين تربية الأسماك وزراعة النباتات في نظام بيئي قائم علَى المشاركة.
ومما لا شك فيه هو أنَّ مثل هذه الأنظمة البيئية المشتركة تشكل فرصة للتقليل من تأثيرات التغير المناخي، كما تسمح بالتحكم في العوامل البيئية بشكل أفضل، وتوفير بيئة مستقرة للأسماك والنباتات على حد سواء. ويمكن لهذه الأنظمة أيضًا الاستفادة بالنفايات السامة التي تنتجها الأسماك من خلال استخدامها سمادًا للنباتات؛ ومن ثَمَّ يمكن تقليل تلوث المياه، وتحسين الإنتاج الزراعيّ في الوقت نفسه.
التحديات والفرص
على الرغم من أن أنظمة الزراعة المائية ليست منتشرة علَى نطاق تجاري واسع، إلا إن بعض الدراسات يشير إلى أن هناك إمكانات واعدة لهذه الأنظمة في المستقبل. ومن هذه الدراسات ما أجراه معهد تربية النبات والموارد الوراثية -وأيضا دراسات جامعة أرسطو في مدينة سالونيك- التي كشفت عن أن “سلمون قوس قزح” نموذج جيد لاستخدام الزراعة المائية في تربية الأسماك، بالاعتماد على تكنولوجيا المراقبة الرقمية؛ للحد من تأثيرات التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة.
في الختام تؤكد حماة الأرض أهميةَ البحث المستمر في تقنيات الزراعة المائية، وضرورةَ الابتكار في هذا المجال؛ فإنَّ مثل هذه الخطوات المستدامة تضمن مستقبلًا غذائيًّا آمنًا، وتوفر بيئةً مستدامةً لنا وللأجيال القادمة، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة.