لقاء مع الدكتور/ أحمد طه “رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية”
لقاء مع الدكتور/ أحمد طه “رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية“
في الوقت الراهن ازداد المشهد العالميّ اهتمامًا بأهداف التنمية المستدامة؛ لضمان مستقبل مستدام للأجيال الحالية والقادمة، ولأجل هذا تَبـرُزُ حماة الأرض في هذا الزخم باعتبارها منبـرًا رائدًا في نشر الوعي البيئيّ والتنمويّ؛ لذا تسعى المجلة إلى تسليط الضوء على الجهود التـي تبذلها الهيئات والمؤسسات المختلفة لتحقيق تلك الأهداف التنموية.
مِن هنا، تُقدم حماة الأرض إلى قرائها الأعزاء هذا الحوار الخاص مع الدكتور/ أحمد طه «رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية»، وفيه تناقش الدور الحيويّ الذي تُعزز به الهيئة النظام الصحيّ المصريّ، بما يعكس ما تحقق مِن خطوات ملموسة بخصوص أهداف التنمية المستدامة.. فإلى سطور الحوار.
تطورت منظومة الصحة المصرية في الأعوام الأخيـرة في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكان من أهم أركان هذا التطور: الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية؛ فما أدوار هذه الهيئة، وما معايير الاعتماد التي تُقَوِّمُ بها المنشآت الصحية؟
في البدء أود الحديث عن حقيقة منظومة التأميـن الصحي الشامل؛ حتى نفهمَ دورَ الهيئةِ في ذلك؛ فالتأمين الصحي الشامل هو المشروع القوميّ، الذي تبنته الدولة لأجل إصلاح النظام الصحي عامةً، فلو ألقينا نظرةً على النظام الصحي المصري لوجدنا أنه كان يعاني بشدة من صعوبة حوكمته.
وهذا بسبب تفتت النظام الصحيّ، حيث كانت هناك منشآت صحية كثيـرة تتبع وزارة الصحة والسكان، وهناك منشآت أخرى تتبع وزارة التعليم العالي، أو منشآت تتبع القوات المسلحة، وأخرى وزارة النقل، أو الشرطة. كما كانت هناك منشآت صحية تابعة للجمعيات الأهلية والقطاع الخاص. وكان كل قطاع من هذه القطاعات له نظام عمل مختلف، وهنا يأتي سؤالٌ: هل انعكس هذا على المواطن المصريّ بالفائدة؟
لقد كان واقع تفتت المنشآت الطبية لا يعكس سوى الارتباك بين متلقِّي الخدمات الطبية -وكذلك مقدمِي هذه الخدمات- بسبب اختلاف جودة الخدمة في كل قطاع، وتغيـر معاييـرها الخاصة؛ وبالتالي استلزم الأمر وجود قطاع صحيّ يتبنـَّى نظامًا يعمل على حوكمة كل هذه القطاعات المتباينة.
لقد كان النظام الصحيّ قبل عام 2019 يعاني من نمط اجتماعيّ سائد، حيث كان المريض يفضل الذهاب إلى المستشفى لأسباب بسيطة جدًّا؛ ومن ثَمَّ تكبَّل النظامُ الصحيّ حينئذٍ بأعداد طالبِي الخدمات الصحية بصورة أرهقته، لذا أصبحت جودة الخدمات الصحية محلَّ تساؤلات كثيـرة؛ لأنَّ المواطن في حاجَةٍ إلى خدمة صحية جيدة، تضمن له ألَّا تقع أخطاء طبية، وهي الأخطاء التي تُعدُّ السببَ الثالثَ من أسباب الوفاة على مستوى العالم!
وإذا كانت الخدمة الصحية غيـر جيدة فسوف يذهب المواطن إلى القطاع الخاص؛ لأنَّه غيـر مطمئـن إلى جودة الخدمات الصحية في القطاع الحكوميّ؛ وبالتالي فإنَّ مقدمِي الخدمات الصحية في القطاع الخاص سيجعلون منشآتهم ذات سمعة طَيبة وجودة طِبية متميـزة؛ وبالتالي وضع هذا عبئًا ماليًّا على كاهل الأسرة المصرية، حتى إنَّ ما يربو على 90.000000 مواطن حول العالم قد تحولوا من طبقة متوسطِي الدخل إلى فقراء؛ فأصبح هناك تهديد بالفقر لأجل العلاج.
وكل ما وصفته لكم أكَّد لنا أنَّ النظام الصحيّ المصريّ كان في حاجَةٍ إلى مشروع قويّ شامل، تكفله الدولةُ وتضمن تطبيقه، حيث يجب أنْ يكون لكل مواطن تغطية تأمينية تحفظ له صحته بتكلفة ميسورة وعادلة وشاملة؛ وكان هذا المشروع هو التأميـن الصحيّ الشامل.
إنَّ التأميـن الصحيّ الشامل مشروع يقوم على مفهوم الشمولية في الخدمات الطبية، وشمولية وتنوع مقدمِي الخدمة كالقطاع الخاص، والقطاع الأهليّ كله. ولأجل أنْ نحقق هذا يجب أنْ يكون النظام الصحيّ مبنيًّا على التكافل بيـن المصرييـن؛ كل مواطن يدفع من راتبه مبلغًا معلومًا نظيـر تقديم الخدمات الصحية له ولأسرته؛ مما يعنـي أنه لا يوجد تخارج مثلما كان الحال في النظام الصحيّ القديم. وهذه الشمولية في تقديم الخدمات الطبية لا تعني أنَّ على النظام الصحـيّ الجديد أنْ يقوم بأعباء خدمات مثل تجميل وتقويم الأسنان، أو زراعة مفصل؛ فالذي نقصده من شمولية الخدمات الطبية هي تلك الخدمات الطبية الضرورية، التـي لا تكون في متناول الجميع.
وبخصوص هيئة الاعتماد والرقابة الصحية فهـي البوابة لدخول هذا المجال، فمَن يُرِدْ أنْ يدخل النظام الصحي الجديد -أفراد أو مؤسسات حكومية وغيـر حكومية- فعليه أنْ ينصاع لمعاييـر هيئة الاعتماد والرقابة الصحية؛ وهي معاييـر تعمل على أنْ تكون المنشآت الصحية ملاءمةً لمنظومة التأميـن الصحيّ الشامل. ليس هذا فحسب، وإنما كان من الواجب أنْ نعتمد هذه المعاييـر دوليًّا، وهو شرط قانونيّ؛ لأجل أنْ تكون معاييـر الهيئة متوافقةً مع معاييـر خدمات الصحة في جميع أنحاء العالم.
هذه المعاييـر تصاحب المريض في رحلته، بدءًا من شعوره بالمرض وتَوجُّهه إلى المستشفى؛ فتكون المعاييـر خطةً طبيةً تخبرنا بمَن يجب عليه استقبال المريض، ومَن المسموح له بفحصه، وما مؤهلات هذا الفاحص، بالإضافة إلى مؤهلات الطاقم الطبيّ المعاون، وكيف ستتعامل معه المنشأة الصحية نفسها؟
كما تتدخل المعاييـر في خطوات الفحص الطبيّ، مرورًا بمرحلة التشخيص، حتى يطرح الطبيب المختص على المريض أبعادَ المشكلة، وأسلوبَ العلاج، والبدائلَ الأخرى، كما تشترط المعاييـر النظر بعيـن الاعتبار إلى رأي المريض في الاختيار بيـن أساليب العلاج المختلفة وبدائله.
وتُحتم المعاييـر -أيضًا- أنْ تكون غرف المنشأة الطبية وممراتها ذات مستوى صحيّ معيـن، ومكافحة أيّ عدوى محتملة داخل المنشأة، بالإضافة إلى إجراءات التسجيل والمتابعة لتاريخ المريض داخل المنشأة، مثل رصد تأثيـرات جرعات الدواء، مع التأكد من أوقات إعطائه للمريض. وهذا الدواء ينبغي أنْ يكون ضمن استراتيجية تتبع بالغة الدقة، حيث يجب على المنشأة تخزينه بما يتوافق مع اشتراطات التخزين المتبعة للدواء منذ شرائه حتى وصوله إلى المريض.
وعلى المنشأة كذلك العمل باهتمام على الحيلولة دون وقوع كوارث في المنشأة كالحرائق، حيث يلزم أنْ تكون كوادر المنشأة مدربةً على التعامل مع الحرائق وجميع الأزمات الطارئة، مع وجود استراتيجيات إخلاء وأنظمة إطفاء. وإضافةً إلى ما سبق، يجب أنْ تكون لإدارة المنشأة الطبية خطة لإدارة نفاياتها الخطرة بصورة مستدامة.
وتشمل المعاييـر -أيضًا- الحالات الجراحية، ويتضمن هذا كيفية تعامل الطبيب المختص مع العمليات الجراحية، وتحديد مكانها، بعد التأكد من الفحوصات اللازمة للعملية، مع الاهتمام والتركيـز على السيناريوهات المحتملة داخل غرف العمليات، مثل نسيان آلة داخل أمعاء المريض، أو إعطائه دواء يتعارض مع جرعات التخدير. وعن هذا المعيار الأخيـر يجب على طبيب التخدير أنْ يستوفي معاييـر السلامة.
كل تلك المعاييـر البالغة 274 معيارًا تقوم الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية على تنفيذها. ومن هذه المعاييـر ما يندرج تحت معاييـر السلامة الوطنية، البالغة 28 معيارًا، ومعاييـر الجودة الأساسية، وتبلغ حوالي 30 معيارًا. وهي معاييـر شديدة الأهمية؛ إذْ لو غابت عن العملية الرقابية الصحية لحدثت أخطاء طبية كارثية. ولا نقول إنَّ تطبيق هذه المعاييـر الأساسية سوف يمنع وقوع الأخطاء الطبية تمامًا، وإنما سيجعل معدلات هذه الأخطاء متناسبةً مع المعدلات العالمية؛ فهناك أخطاء طبية مقبولة وأخرى لا يمكن تجاوزها.
بعد ذلك يكون علينا أنْ نعمل على تأهيل المنشآت الصحية حتى تكون مستعدةً وقادرةً على تطبيق هذه المعاييـر تطبيقًا فعليًّا؛ أي أنَّ الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية تُدرب كوادر المنشآت الصحية الداخلة في نطاق الهيئة، وبعدها نعمل على تقييم هذه الكوادر؛ حتى تتأهل للدخول في منظومة التأميـن الصحيّ الشامل، مع منحهم شهادات تفيد بمدى جاهزيتهم لذلك. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما للهيئة دورٌ تالٍ لعمليات التدريب والتأهيل، وهو الدور الرقابيّ؛ لنتأكدَ من استدامة تطبيق معاييـر الجودة داخل النظام الصحيّ.
قد صدر قانون التأميـن الصحيّ الشامل في نهاية عام 2018، فهل يمكن أنْ توضح لنا مدى ما تحقق بخصوص هذا القانون، وما أهم ملامح المرحلة الثانية من مشروع التأميـن الصحيّ الشامل؟
لهذا القانون عدد من المراحل، وقد شملت المرحلةُ الأولى سِتَّ محافظاتٍ، بدءًا بمحافظة بورسعيد، منذ أنْ أطلق فخامةُ الرئيس عبد الفتاح السيسي إشارةَ البدء لتطبيق هذا النظام في نوفمبـر 2018، ثم انتقلنا من بورسعيد إلى الإسماعيلية، والأقصر، وأسوان، والسويس، وجنوب سيناء. هذه هي المحافظات التي تم تطبيق النظام فيها حتى الآن، وإننا نستعد لتغطية خَمس محافظات أخرى، وهي -تحديدًا- دمياط، ومرسى مطروح، وكفر الشيخ، والمنيا، وشمال سيناء؛ بالتالي سنكون قد غطينا -بنهاية عام 2025 أو بداية 2026- 11 محافظةً من أصل 27 محافظةً، وتظل أمامنا فرصة جيدة -بإذن الله- لنُكمل الطريقَ في ظل رئاسة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
هذه المنظومة الصحية المبتكرة قد دعمها سيادة رئيس الجمهورية -شخصيًّا- منذ أنْ شرعنا عامَ 2014 في إجراء الدراسات العلمية اللازمة، حتى كان التنفيذ في عام 2018؛ ففي الجملة تخضع الهيئة للإشراف المباشر لفخامة رئيس الجمهورية؛ حتى نظلَّ على توافق مع استراتيجية الدولة، أعني «رؤية مصر 2030».
بالإضافة إلى ما سبق، فإنَّ الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية ضمن هيئات أخرى تعمل علَى مراقبة النظام الصحيّ، وهي: هيئة التأميـن الصحي الشامل، التـي تمثل الشق الماليّ، والمعنية بتحصيل الاشتراكات من المواطنيـن. وهيئة الرعاية الصحية التي تمثل ذراع الدولة.
للقطاع الخاص دور استراتيجيّ، خاصةً وأننا نعيش في عصر التحول الرقميّ والشراكات التنموية؛ فما فلسفة مشروعات الإصلاح الصحيّ بخصوص التكامل بيـن مشاركة القطاع الخاص وتقديم خدمة صحية تنافسية لصالح جميع فئات الشعب؟
إننا نؤمن بأنَّه لا يوجد أيّ نظام صحيّ شامل ناجح إلَّا بالشراكة مع القطاع الخاص، سواء في مصرَ أم غيرها من دول العالم؛ فالقطاع الخاص يقدم ما بيـن 40% إلى 50% من الخدمات الصحية في مصرَ؛ وبالتالي يُعدُّ إقصاء القطاع الخاص عن هذا النظام الحيويّ حكمًا بالفشل على المشروع من البداية.
إنَّ القطاع الخاص قادرٌ على تقديم خدمات الرعاية الأساسية، وخدمات الرعاية المتقدمة، ويُسمح له -مثل القطاع الحكوميّ- بالانضمام إلى منظومة التأميـن الصحيّ الشامل من خلال حصوله على اعتماد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، ومن خلال التعاقد مع هيئة التأميـن الصحيّ الشامل؛ حتـى يمكنه الحصول على مقابل تقديم الخدمات كالقطاع الحكوميّ تمامًا. وذلك يعكس معنى الشراكات الاستراتيجية والتنموية، التي تُعبـر أصدق تعبيـر عن مفهوم «الاستدامة».
أمَّا عن التحول الرقميّ فهو أمر في غاية الأهمية؛ لأنَّ المريض عندما يذهب لتلقي الخدمة في وحدة رعاية أساسية، ثم تُطرح أمامه الخياراتُ الأخرى كالمستشفيات الحكومية أو الأهلية، أو مستشفيات القطاع الخاص؛ فلو اختار المريضُ القطاعَ الخاصَّ -على سبيل المثال- فإنَّ ما سيربطه من مكان الرعاية الأساسية إلى القطاع الخاص هو ربط إلكترونيّ، حيث يكون السجل الطبيّ لهذا المريض وتاريخه المرضيّ داخل منظومة إلكترونية، التي تكون على شكل سمارت كارد -بطاقة ذكية- محمَّلًا عليها جميع بياناته؛ لأنه لا يمكن أنْ يكون هناك نظام صحيّ شامل جيد إلَّا من خلال رقمنة النظام الصحيّ كله، بدءًا من المريض، ومرورًا بالمنشأة، ثم الكوادر الطبية.
بخصوص التحديات المجتمعية التي تقف عائقًا أمام جهود الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، حدِّثْنَا عن أهم هذه التحديات؟
هناك تحديانِ يواجهانِ المنظومة الصحية، الأول: تغييـر ثقافة الناس السائدة؛ لأنه يجب على المواطن أنْ يدرك ما نفعله لأجله، وهذا سوف يحتاج إلى تغييـر في السلوكيات، وقد أشرتُ سابقًا إلى أنَّ الثقافة العامة هي الذهاب إلى المستشفى لأيّ سبب من الأسباب؛ مما يضع عبئًا على طاقة وقدرة هذه المستشفيات.
وأمَّا التحدي الآخر فهو استعدادنا لتنفيذ التحول الرقميّ بصورة شاملة، وتتمثل مشكلات هذا التحول في توفيـر الوقت والجهد والتدريب والمال، كما أنه يحتاج إلى ما يسمى بالـ« Learning Curve» أو منحنى التعلم؛ لذا على الناس أنْ يصبـروا؛ إذْ لا يمكن تطبيق النظام الصحيّ الشامل دفعةً واحدةً في كل المحافظات، فلا بُدَّ من أنْ تنضج التجربة في هدوءٍ.
إنَّ بلدًا مثل إنجلتـرا طبَّق نظام التأميـن الصحيّ الشامل في حوالي 30 عامًا، وإذا كنَّا نقول بأنَّ الأمر يستلزم تغييرًا جذريًّا في السلوك والثقافة السائدة فلا بُدَّ من أنْ يأخذ هذا وقتًا من خلال الوعي المجتمعيّ الذي ينشره الإعلام، بالإضافة إلى الدور المهم للبرامج والمبادرات والندوات التوعوية، بالإضافة إلى التسويق.
تنتهـج الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية منهجًا يجمع بيـن جوهر «رؤية مصر 2030» ومفهوم الشفافية وتعزيز كفاءة المؤسسات الحكومية؛ فكيف استطاعت الهيئة تطبيق هذا في أرض الواقع؟
إننا نقصد بالاستدامة هو أنْ تنشِـئ الهيئة ما يسمى بمتطلبات التحول نحو المنشآت الصحية الخضراء، وقد بدأت الهيئة هذا التحول منذ 2022، حيث تزامن هذا مع استضافة مصر لـ«COP27»، وتمثلت مظاهر هذا التحول في البصمة الكربونية، وتقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن المنشآت الصحية، والاستخدام الأمثل للطاقة الجديدة والمتجددة، واستخدام المياه بصورة مسئولة، وإعادة تدوير بعض المخلفات كالعبوات الخاصة بالمحاليل، والتعامل الآمن مع النفايات الخطرة الخارجة من المنشآت الصحية.
وقد عملنا في هذه المنشآت على تحويلها إلى منشآت صحية خضراء، ومن خلال اعتمادات الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية طوَّرنا منشآتٍ صحيةً مهمةً، مثل مستشفى شفاء الأورمان في الأقصر، حيث أحدث هذا تحولًا مستدامًا فريدًا من نوعه.
هذه الاستدامة الخضراء التـي هي أهم ملامح عمل حماة الأرض تصب في صالـح التقدم المجتمعيّ، والتقدم في المجال الطبـيّ المصريّ، بما يضمن للمواطن المصريّ حياةً صحيةً ومستدامةً؛ لذا تهتم الدولة المصرية بهذا التحول، خاصةً مع وجود مشكلات مناخية كبـرى كالاحتباس الحراريّ، وزيادة الانبعاثات الكربونية.
من ضمن القيم الحاكمة لعمل الهيئة: العمل الجماعيّ؛ فما أوجه التعاون بيـن الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية وهيئة «تيموس» الدولية، المسئولة عن اعتماد المنشآت الصحية لتقديم خدمات السياحة العلاجية؟
مما هو معلوم أنَّ مصرَ من الدول المؤهَّلة بشدة لأنْ تكون ذات حصة كبيـرة من السياحة العالمية؛ لما تتمتع به من موقع جغرافيّ استراتيجيّ يتوسط العالم كله، بالإضافة إلى الاعتدال المناخيّ أغلب أوقات العام، وهي أيضًا ذات مناطق جذب سياحيّ، مع احتوائها على ثلث آثار العالم.
ومِن ضمن أنواع السياحة في مصر: السياحة الاستشفائية أو العلاجية، ونجد هذا النوع في أماكن مثل عيون موسى، والواحات؛ وبالتالي مصر مؤهلة لتقديم مثل هذا النوع من السياحة، وبعد تطبيق منظومة التأميـن الصحيّ الشامل ستكون المنشآت الصحية ذات بنية تحتية جيدة جدًّا، وتُطبق معاييـرَ جودة عالميةً؛ وهذا ما سيجعل السائح مطمئنًا إلى جودة الخدمة الصحية التي يريدها، ليس من خلال وجود معاييـر الجودة العالمية فقط، وإنما بالإضافة إلى ذوبان حاجز اللغة بيـن الطبيب والمريض الوافد إلى مصرَ، وكل ذلك ميـزة تنافسية بتكلفة منخفضة جدًّا.
لكن، تكمن المشكلة في حاجَةِ مصر إلى تسويق مثل هذا النوع من السياحة؛ لذا عملت جهار -الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية- على عقد اتفاقية مع هيئة الاعتماد الدولية الألمانية «تيموس». هناك عملنا على تنفيذ بروتوكول تعاون بيننا وبيـن هذه الهيئة العالمية لتصبح معاييرنا قادرةً على تحقيق متطلبات المريض الدوليّ، من خلال رعاية طبية جيدة، وإقامة مريحة، بل إنَّ رحلتنا مع المريض الوافد إلى مصرَ تبدأ من وصوله المطار، حيث نعمل على تيسير إجراءات التأشيرة، وصولًا إلى الفندق، مع وضع برنامج سياحيّ متميـز.
كل ذلك هو فحوى الاتفاقية بيـن جهار وتيموس، وكان هذا منذ عاميـن ونصف تقريبًا، ونعمل حاليًّا على تطبيق مخرجات هذا البروتوكول في مستشفى مصر للطيـران، ونستهدف مستشفيات أخرى، وفي القريب العاجل سوف نصدر معاييـرَ خاصةً بالسياحة الاستشفائية، وهي سابقة جديدة من نوعها في العالم كله.