علوم مستدامة

لمعالجة المياه.. الباحثون يسلطون الضوء (بالليزر) على تقنية جديدة

الطريقة تستخدم أيونات الحديد في تنقية المياه بدلا من الكلور والأوزون

البَاحثونَ يُسلِّطُونَ الضَّوْءَ (بالليزر) على تِقنيَّةٍ جديدةٍ لمعالجةِ المِياه

لمعالجة المياه.. الباحثون يسلطون الضوء (بالليزر) على تقنية جديدة

سيتطلب ضمان حصول عدد متزايد من سكان العالم على المياه النظيفة طرقا جديدة لمعالجة المياه. تتضمن إحدى طرق الجيل التالي هذه شكلا من أشكال الحديد يعرف بالـ Ferrate وهو الحديد رباعي التكافؤ، والذي ينتج عنه منتجات ثانوية سامة أقل من المواد الكيميائية مثل الكلور ويحتمل أن يكون أرخص وأسهل في الاستخدام بالمقارنة مع أنظمة معالجة المياه بالأوزون.

ولكي يعمل هذا الشكل من الحديد بشكل أفضل، يجب دمجه مع مركبات أخرى، أو تحفيزه بواسطة الطاقة الضوئية. والآن باستخدام تقنية تشتمل على نبضات الليزر والأشعة السينية فائقة السرعة، كشف فريق من باحثي جامعة رود آيلاند عن تفاصيل جديدة حول التفاعل الكيميائي الذي يحدث عندما يتعرض هذا النوع من الحديد للضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية. يمكن أن تساعد النتائج -والتي نشرت في مجلة الجمعية الكيميائية الأمريكية- الباحثين على تحسين استخدام هذه المادة في تطبيقات معالجة المياه.

التنشيط الضوئي لأيونات الحديد

قال» دوجان هايز» أستاذ الكيمياء المساعد في جامعة رود آيلاند، والمؤلف المسؤول عن الدراسة: «لم يتم البحث في آليات التنشيط الضوئي بشكل عميق مطلقا، ولكن في هذه الدراسة تمكنا من الكشف عن بعض تلك الخصائص الفيزيائية الضوئية لأول مرة».

مادة الـ Ferrate هي مادة مؤكسدة، مما يعني أنه يمكن أن تقوم بتكسير الملوثات عن طريق اكتساب إلكتروناتهم، حيث تعتبر هذه المادة بمفردها مادة مؤكسدة قوية إلى حد ما، ولكن عندما يتم تنشيطها بالضوء، فإنه يكون هناك مادة مؤكسدة أكثر قوة هي أيونات الحديد خماسية التكافؤ. قبل هذه الدراسة الجديدة، لم يكن معروفا مقدار الطاقة المطلوبة لإنتاج الحديد الخماسي، وما الكميات التي يمكن إنتاجها.

وللعثور على إجابات لهذه التساؤلات، قاد طالب الدكتوراه في مختبر هايز «كالي أنتوليني» التجارب باستخدام مطيافية الامتصاص العابر، وهي تقنية يتم التحقق بها في التفاعلات الكيميائية الضوئية باستخدام نبضات الليزر فائقة السرعة. تبدأ النبضة الأولية التفاعل، بينما تستكشف النبضات اللاحقة خطوات التفاعل أثناء عمله. تعطي سرعة النبضات -بترتيب بضعة أجزاء من المليون من الثانية- للباحثين سجلا مفصلا حتى عن أقصر نواتج التفاعل عمرا.

أجرى «أنتوليني» تجارب باستخدام نبضات الضوء فوق البنفسجي، والضوء المرئي باستخدام الأجهزة الموجودة في جامعة رود آيلاند، كما أجريت تجارب مماثلة باستخدام الأشعة السينية في مختبر أرجون الوطني في شيكاغو، حيث يعمل أنتوليني كجزء من برنامج أبحاث الطلاب التابع لوزارة الطاقة الأمريكية.

تطوير أنظمة مُعالجة المياه

أظهر العمل أن معدل التحويل من الحديد الرباعي إلى الحديد الخماسي شديد التفاعل كان حوالي 15٪، وهو المعدل المقارب لمعدلات أنظمة تنقية الأوزون. أظهر البحث أيضا نتائج مفاجئة تتعلق بنوع الضوء اللازم لإنتاج أنواع الحديد الأكثر تفاعلا، حيث وجد الفريق أن مجموعة من الأطوال الموجية للضوء تمتد من أطياف الأشعة فوق البنفسجية تقريبا إلى الأطياف المرئية، يجب أن تكون قادرة على إنتاج الحديد الخماسي.  يقول الباحثون إن هذا الاكتشاف مهم لسببين: الأول أن الضوء المرئي يستهلك طاقة أقل لإنتاج الضوء فوق البنفسجي؛ مما قد يجعل هذه الطريقة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة مما كان يفترض سابقا، وبالإضافة إلى ذلك، يتشتت الضوء المرئي بشكل أقل في المياه العكرة، مما يعني أنه يمكن إنتاج الحديد الخماسي في مجموعة متنوعة من الظروف المائية.

النتائج مشجعة لجوزيف جودويل، الأستاذ المساعد للهندسة المدنية والبيئية في رود آيلاند ومؤلف الدراسة المشارك، جزء من برنامجه البحثي هو إيجاد طرق لسد «فجوة المياه النظيفة» بين أنظمة مُعالجة المياه الحضرية الأكبر، والأنظمة الريفية الصغيرة.

ويقول جودويل: «إن أنظمة التنقية القائمة على أيونات الحديد تعد خيارا واعدا للأنظمة الأصغر، حيث لا تكون أنظمة الأوزون المكلفة والمعقدة عملية. يمتلك Ferrate أيضا القدرة على تقليل الاعتماد على المواد الكيميائية القاسية مثل الكلور، وقد يقضي أيضا على الملوثات العنيدة التي لا يستطيع الكلور إزالتها. وتشمل هذه المواد منشطات الأسطح الفلورية، وهي فئة من المواد الكيميائية توجد بشكل متزايد في الآبار وأنظمة المياه، ولكن قبل أن يتم نشر أنظمة تعتمد على أيونات الحديد الرباعي على نطاق واسع، يحتاج العلماء إلى فهم أفضل لكيمياء هذه المادة».

وأضاف: «كان من الصعب علينا فهم كيفية تشكيل المؤكسدات القوية ميكانيكيا من أيونات الحديد الرباعي، وقد أعاق هذا تحسين العملية والتنفيذ الشامل في تطبيقات مُعالجة المياه، لكن النتائج المقدمة في هذه الورقة البحثية تحسن فهمنا الأساسي لنظام الحديد الرباعي، وهو ما سيفتح الأبواب لعدد من التطبيقات».

يأمل الباحثون أن تساعد هذه النتائج الجديدة حول كيفية عمل الكيمياء الضوئية مع الحديد في توسيع استخدام أنظمة مُعالجة المياه القائمة على أيونات الحديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى