
ماذا قال الذكاء الاصطناعي؟
2040 نقطة تحول في التغير المناخي
في عالمنا اليوم أصبح التغير المناخي واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه كوكب الأرض، ومع ازدياد الأدوات التكنولوجية التي تهدف إلى دراسة هذه الظاهرة، يأتي الذكاء الاصطناعي ليكسر حدود التقليدية، ويكشف عن أسرار قد تكون مفاجئةً؛ فهل نحن مستعدون لمواجهة ما ينتظرنا؟
هذا هو السؤال الذي تطرحه دراسة حديثة حول ارتفاع درجات الحرارة في مناطق مختلفة من العالم، وهذه الدراسة التي نُشرت في مجلة “Environmental Research Letters” تؤكد أنَّ درجات الحرارة في معظم مناطق الأرض ستتجاوز 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2040، في حين أنَّ بعضها قد يصل إلى 3 درجات مئوية بحلول عام 2060؛ فماذا يمكننا أنْ نفعل؟
من الجدير بالذكر، هو أنَّ هذه الدراسة تتبع منهجًا مبتكرًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المناخ من 10 نماذج مناخية عالمية. هذا التحليل يُظهر بوضوح أن تأثيرات التغير المناخي ستحدث بشكل أسرع من التوقعات السابقة؛ مما يجعل من الضروريّ البحث عن حلول فعّالة لمواجهة هذه الظاهرة العالمية.
تحسين دقة التوقعات المناخية
مما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي قد فتح آفاقًا جديدةً لفهم التغيرات المناخية؛ فقد قام باحثون من جامعة ستانفورد والمعهد الاتحادي السويسري للتقانة في زيورخ باستخدام تقنيات التعلم الانتقالي (Transfer Learning)؛ لتحسين دقة التوقعات المناخية الإقليمية.
ويُتوقع -وفقًا للنتائج- أنْ تصبح درجة حرارة 34 منطقةً حول العالم أكثر من 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2040، وأنَّ مناطقَ أخرى قد تتجاوز 3 درجات مئوية بحلول عام 2060. وهذه التوقعات قد تُشكل تهديدًا مباشرًا للأنظمة البيئية والإنسانية في هذه المناطق.
التأثيرات المحتملة
من الواضح أنَّ التغير المناخي لن يؤثر في الجميع بالقدر نفسه، ولكن ستكون المناطق الأكثر عرضةً للخطر هي الأكثر تأثرًا؛ فجنوب آسيا، والبحر الأبيض المتوسط، وأوروبا الوسطى، وأجزاء من إفريقيا -جنوب الصحراء الكبرى- ستكون من أكثر المناطق التي ستعاني من ارتفاع درجات الحرارة بشكل أسرع. وهذا يعني أنَّ الأخطار التي قد تواجه هذه المناطق ستكون مضاعفةً؛ مما يدمر المحاصيل الزراعية، ويُسبب الفيضانات والجفاف.
وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تقديم حلول مبتكرة؛ إذْ يساعد على تحسين النماذج المناخية، وتقديم تنبؤات أدق حول التأثيرات المحتملة في هذه المناطق. كما أنَّ تقنيات الذكاء الاصطناعي -مثل التعلم الانتقاليّ- تُقدم رؤى دقيقة وعميقة لتغيرات المناخ؛ مما يمكِّننا من اتخاذ خطوات استباقية لحماية هذه المناطق.
دور الذكاء الاصطناعي
الأمر المدهش أنَّ الذكاء الاصطناعي لا يقتصر دوره على تحسين التنبؤات المتعلقة بدرجات الحرارة فقط، وإنما يمتد أيضًا إلى دراسة ظواهر التغيرات المناخية الحادة، مثل الكتل الهوائية الجوية. وهذا ما أبرزته دراسة أخرى أجرتها كريستينا كرامبريدوي “Christina Karamperidou” من جامعة هاواي، حيث تم استخدام نموذج تعلم عميق لتحليل تردد الظواهر الجوية على مدار الألف سنة الماضية؛ مما قدَّم إلى الباحثين فهمًا أعمقَ لكيفية تأثر هذه الكتل الهوائية بتغيرات المناخ في المستقبل.
في الختام، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة لتحليل البيانات فقط، فهو عنصر أساسيّ في صراعنا ضد التغير المناخي. وإنْ تمكنَّا من استخدام هذه التقنيات بشكل فعال فسوف نتمكن من تحسين التنبؤات المناخية، وتوجيه الجهود العالمية بشكل أسرع وأكثر دقةً لمواجهة التحديات المستقبلية.




