ما جائزة الأمير وليام إيرث شوت وما أهدافها؟
نسلط الضوء على الفائزين بالجائزة لعام 2022
جائزة “إيرث شوت -Earthshot ” أو “محاولة الأرض“، هي جائزة أسسها الأمير ويليام في عام 2020 لدعم رواد الأعمال الذين يطورون حلولا مناخية غير تقليدية.
اسم الجائزة هو إشارة إلى خطاب الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي عام 1962 بعنوان “محاولات القمر” التي حشدت الدعم العام للجهود المبذولة لإنزال رواد الفضاء الأمريكيين على سطح القمر خلال عقد من الزمان.
لقد استمر هذا المصطلح باعتباره استعارة لأهداف طموحة للغاية لدرجة أنها تتطلب التزامات هائلة فكريا وماليا. في السنوات الأخيرة، دفعت الضرورة الملحة لتحدي المناخ البعض إلى التساؤل هل سيكون الحد من تغير المناخ هو المطلوب لتجنب كارثة في المستقبل؟
تجيب جائزة إيرث شوت على هذا السؤال بنعم، وتجلب مبلغا يقارب «60 مليون» دولار يتم صرفها خلال العقد الجاري. الجائزة تقيم حفلا سنويا وحتى عام 2030 لتكريم أهم المشروعات البيئية على مستوى العالم.
فئات الجائزة وعدد الفائزين
تمنح جائزة إيرث شوت وهي مؤسسة خيرية مستقلة انفصلت مؤخرا عن مؤسسة ويليام وكاثرين الملكية، وقدرها «5 مليون جنيه إسترليني»، توزع على الفائزين الخمسة، واحد من كل فئة من فئات الجائزة وهي: الحفاظ على الطبيعة وحمايتها، جودة الهواء، إحياء المحيطات، والمعيشة الخالية من النفايات، والعمل المناخي.
هذا العام كان هناك أكثر من 1000 مرشح من 80 دولة، حيث تمت مراجعة الملفات المتقدمة من قبل لجنة خبراء من العلماء وواضعي السياسات والأكاديميين، وذلك وفقا لموقع المنظمة على الإنترنت.
تختار مجموعة رفيعة المستوى من الحكام بقيادة «الأمير ويليام» الفائزين من مجموعة من ثلاثة متسابقين نهائيين من كل فئة، وتضم تلك المجموعة: عالم الطبيعة ديفيد أتينبورو، والممثلة كيت بلانشيت، والمغنية شاكيرا، والملكة رانيا ملكة الأردن، ورجل الأعمال جاك ما مؤسس موقع علي بابا، ونسلط الضوء فيما يلي على الفائزين لسنة 2022.
الحفاظ على الطبيعة وحمايتها: الصوب الزراعية لشركة Kheyti
من بين «570 مليون» مزرعة في العالم، أكثر من 80 في المائة منها مزارع تقل مساحتها عن 5 أفدنة، تنتج هذه المزارع الصغيرة معا ثلث طعامنا، لكن أولئك الذين يزرعونها من أفقر الناس على هذا الكوكب، وأكثرهم تضررا من تغير المناخ.
الهند موطن لـ «100 مليون» مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة، كما أن الهند هي واحدة من أكثر المناطق تأثرا بالمناخ في العالم، وقد سجلت هذا العام أولى موجاتها الحارة وأعنفها على الإطلاق؛ مما أدى إلى انخفاض في المحاصيل في ظل وقت كان العالم يعاني فيه بالفعل من نقص الغذاء.
شركة Kheyti، وهي شركة هندية ناشئة طورت حلا بسيطا لكن له تأثيرا كبيرا، حيث صممت الشركة صوبة زراعية مبتكرة للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة والمحاصيل التي يزرعونها، مما يوفر المأوى من التغيرات المناخية والآفات المدمرة، كما تقوم Kheyti أيضا بتدريب ودعم المزارعين لضمان أن تكون الصوب الخاصة بهم فعالة قدر الإمكان.
وعلى الرغم أن الأمر قد يبدو معتادا، فما الجديد في الصوبة الزراعية تلك؟ إن الجديد هنا هو أن النباتات في هذه الصوبة تستهلك ماء أقل بنسبة 98 في المائة من تلك الموجودة في الهواء الطلق، كما أن الإنتاجية أعلى بسبع مرات. تصميم الصوبة الزراعية جعلها أسهل في الفك والتركيب هذا بخلاف أنها أرخص بنسبة تسعين في المائة بالمقارنة مع الصوب التقليدية، لذا فهي تزيد دخل المزارعين بأكثر من الضعف، وتساعدهم على الاستثمار أكثر في مزارعهم وتعليم أطفالهم، وباستخدام كميات أقل من المياه والمبيدات الحشرية؛ وبذلك فهم يحمون الكوكب أيضا.
جودة الهواء: مواقد موكورو النظيفة
نشأت شارلوت ماجاي في موكورو، أحد أكبر الأحياء الفقيرة في نيروبي، وكانت تبيع الفحم كوقود لسنوات، إلا إن هذا الفحم سبب التهابات الجهاز التنفسي المنتظمة لها ولجيرانها. ثم في عام 2012، أصيبت ابنتها بحروق شديدة بسبب موقد يعمل بالفحم، وسعيا وراء حل أفضل؛ أسست شركة “مواقد موكورو النظيفة – Mukuru Clean Stoves في عام 2017”.
وفي أحياء إفريقيا الفقيرة، يتم الاعتماد على حلول بدائية للطهي بخلاف تماما الأفران (البوتجازات) التي نراها في بيوتنا، لذا كان التحدي هنا هو إيجاد حل اقتصادي وخفيف يمكن الاعتماد عليه.
وبدلا من حرق الوقود الصلب، تستخدم مواقد موكورو النظيفة الكتلة الحيوية المعالجة المصنوعة من الفحم النباتي والخشب وقصب السكر، مما ينتج عنه تلوث أقل بنسبة 90 في المائة من استخدام مصدر للنار في الهواء الطلق، و70 في المائة أقل من موقد الطهي التقليدي. الموقد يأتي بسعر رخيص حيث يكلف 10 دولارات فقط.
واليوم يستخدم 200,000 شخص في كينيا مواقد موكورو النظيفة، مما يوفر 10 ملايين دولار من تكاليف الوقود وينقذ الأرواح أيضا في المناطق الريفية، حيث تقضي الفتيات الصغيرات ثلاث ساعات في اليوم في جمع الحطب، كما تعمل الشركة على تمكين النساء لكسب عيشهن.
تخطط ماجاي لإنشاء موقد أكثر نظافة يحرق الإيثانول، في غضون ثلاث سنوات، وتأمل في الوصول إلى مليون عميل. في غضون عشر سنوات، تخطط للوصول إلى عشرة ملايين شخص في جميع أنحاء إفريقيا.
إحياء المحيطات: نساء الشعوب الأصلية من الحاجز المرجاني العظيم
في مواجهة كوكب يزداد احترارا، يتعرض الحاجز المرجاني العظيم الواقع في بحر المرجان قبالة سواحل كوينزلاند بأستراليا لتهديد مستمر. وفي الوقت نفسه، على الأرض، تتعرض النباتات والحيوانات للخراب بسبب حرائق الغابات المنتظمة بشكل متزايد.
يحاول سكان المنطقة الأصليون الدفاع عنها مع ما لديهم من المعرفة القديمة التي تنتقل من جيل إلى جيل، مع الاستعانة بمعظم الأدوات الحديثة، مثل الطائرات بدون طيار «درون» التي تراقب التغيرات المرجانية وحرائق الغابات وتدهور الأراضي.
ومع ذلك، فإن 20٪ فقط من العاملين في حراسة الغابات من السكان الأصليين في كوينزلاند هم من النساء، وهنا يأتي دور «شبكة النساء الحراس من السكان الأصليين» في كوينزلاند. على مدى السنوات الأربع الماضية، ساعدت الشبكة في بناء الجيل القادم من حراس الغابات من النساء.
قام البرنامج بتدريب أكثر من 60 امرأة، وشجع أساليب الحفظ الجديدة من خلال تبادل المعرفة. وعن طريق عملهم الحيوي، والبيانات التي جمعوها تمكنا أن يكون لنا نظرة ثاقبة على أحد أهم النظم البيئية على هذا الكوكب. وبصفتهم حماة للأرض، فإن الحراس لديهم أيضا مواقع محمية ذات أهمية ثقافية وروحية كبيرة.
وبدعم أكبر، يمكن لفكرة «توظيف حراس للبيئة من السكان الأصليين» أن تمتد عبر الكوكب؛ مما سيساعد على إصلاح النظم البيئية من هاواي إلى نيبال وتنزانيا.
المعيشة الخالية من النفايات: بديل للبلاستيك من الأعشاب البحرية
لقد وصل الوعي العالمي بمشكلة العبوات البلاستيكية إلى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، مع السعي في إيجاد بديل مستدام حقيقي مستمر، ولكن هل يكمن الحل في البحار؟ تعتقد شركة Notpla ذلك، وهي شركة ناشئة تتخذ من لندن مقرا لها، أسسها «بيير باسلير» و»رودريغو غارسيا غونزاليس».
الجدير بالذكر هنا، أنه تم إعادة تدوير 9٪ فقط من إجمالي البلاستيك الذي تم إنتاجه عبر التاريخ بينما تم حرق 12٪ منه، حيث يذهب الباقي إلى مدافن النفايات أو يتم إلقاؤه في المحيطات. Notpla هو بديل للبلاستيك مصنوع من الأعشاب البحرية والنباتات. الحل الجديد هو بديل طبيعي تماما وقابل للتحلل بشكل كامل، ويمكن استخدامه لإنشاء مجموعة من منتجات التعبئة والتغليف.
صنعت Notpla بالفعل أكثر من مليون صندوق طعام للوجبات الجاهزة لأحد الشركات الغذائية، مع وجود إمكانية استبدال أكثر من «100 مليون» عبوة مغلفة بالبلاستيك في أوروبا في المستقبل، وتواصل الشركة البحث لتطوير أشكال وحلول جديدة من المنتج.
تأثير Notpla واسع ومتنوع، فالأعشاب البحرية المزروعة والتي تستخدم كمادة خام بعد ذلك، تلتقط الكربون أسرع بعشرين مرة من الأشجار، وتعالج أحد الأسباب الرئيسية لأزمة المناخ. العبوة نفسها تعني تقليل البلاستيك الذي يسد بحارنا؛ مما يقلل من نفايات المحيطات. وفي الوقت نفسه، تعمل المزارع على زيادة أعداد الأسماك، كما أن زراعة الأعشاب البحرية تخلق فرصا جديدة لمجتمعات الصيد.
لا تزال Notpla في بداية رحلتها، مع وجود مواد جديدة قيد التطوير يمكن أن تحل يوما ما محل تطبيقات التغليف البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد عبر مختلف الصناعات وعلى نطاق عالمي.
العمل المناخي: تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أحجار
في حين أن العديد من الشركات قد أحرزت تقدما في تطوير تقنيات التقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، إلا إن تخزين ملايين الأطنان منه -أو التخلص منها بشكل أفضل- لا يزال يمثل تحديا.
شركة «44.01» والتي سميت على اسم الوزن الجزيئي لثاني أكسيد الكربون، هي شركة عمانية تقدم حلولا للتخلص من الكربون بشكل دائم عن طريق «البريدوتيت»، وهي صخرة توجد بكثرة في عمان، وكذلك في أمريكا وأوروبا وآسيا وأستراليا.
تتميز صخور البيريدوتيت بأنها يمكنها التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، حيث تتفاعل معه لتشكل معدنا صلبا من الحجر الجيري أو الرخام، إلا إن هذه العملية يمكن أن تستغرق سنوات عديدة حتى تتفاعل مع كمية صغيرة من ثاني أكسيد الكربون. 44.01 يعمل على تسريع هذه العملية في طبقات البريدوتيت في أعماق الأرض.
على عكس «تخزين» الكربون، الذي يتضمن دفن ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض في آبار النفط أو طبقات المياه الجوفية المهجورة، فإن هذه الطريقة تزيل ثاني أكسيد الكربون إلى الأبد. هذا يعني أنه لا توجد حاجة للمراقبة طويلة الأجل، أو التأمين المستمر لكميات الكربون التي يتم التخلص منها، كما أن الطريقة الجديدة يمكن أن تجعل العملية أكثر فعالية من حيث التكلفة وقابلية التطوير بخلاف أنها أكثر أمانا.
مع انتقال العالم إلى أشكال نظيفة من الطاقة، توفر 44.01 أيضا فرص عمل جديدة للمهندسين والجيولوجيين العاملين في صناعة الوقود الأحفوري، وبالنظر إلى أن عمان لديها أكبر تركيز للبريدوتيت في العالم، فإن التقنية الجديدة يمكن أن يكون لها دور في توفير عدد كبير من فرص العمل للجميع في هذا البلد.
من كان الفائز في العام الماضي؟
في نسخة العالم الماضي والتي حضرها النجم المصري «محمد صلاح» بدعوة رسمية، فازت كوستاريكا في فئة حماية واستعادة الطبيعة من خلال نظامها الوطني لمنع إزالة الغابات عن طريق دفع أموال للمواطنين لرعاية الغابات، وتبرز الفئة كل الجهود المبذولة للحد من الانهيار العالمي للتنوع البيولوجي.
في فئة جودة الهواء، حازت شركة Takachar، وهي شركة مقرها الهند، على الجائزة لجهودها في مكافحة تلوث الهواء الناجم عن الحرق الزراعي، حيث طورت تقنية محمولة ترتبط بالجرارات وتحول نفايات المحاصيل إلى وقود وسماد.
ومن أجل إحياء المحيط، فازت شركة Coral Vita، وهي شركة تعمل على استعادة الشعاب المرجانية المحتضرة والمتضررة في عالمنا، عن طريق زراعة الشعاب المرجانية المرنة في المزارع وفي النظم البيئية للشعاب المرجانية المهددة في جزر الباهاما.
بينما فازت مدينة ميلانو في فئة المعيشة الخالية من النفايات؛ وذلك تقديرا لمراكز مخلفات الطعام الخاصة بها، والتي تستعيد الطعام غير المبيع من المتاجر الكبرى والشركات وتعيد توزيعها من خلال الجمعيات الخيرية وبنوك الطعام. في جميع أنحاء العالم، تمثل مخلفات الطعام ما بين 8 إلى 10 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
في فئة العمل المناخي، والتي تسلط الضوء على الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات، فازت شركة Enapter، وهي شركة ألمانية لتكنولوجيا الطاقة؛ وذلك لابتكارها لجهاز تحليل كهربي صغير، والذي يباع الآن في 50 دولة حول العالم، ويستخدم في إنتاج وقود الهيدروجين من الماء.
ونحن في انتظار لحفل العام القادم لنرى الابتكارات الجديدة في مجال الحفاظ على البيئة ومكوناتها، كل ذلك سعيا نحو غاية واحدة وهي حفظ واستعادة كوكب الأرض والعمل على استدامته.