علوم مستدامة

بالأرقام.. أحدث مؤشرات القطاع الخاص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

القطاع الخاص

بالأرقام.. أحدث مؤشرات القطاع الخاص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

نشاهد جميعًا تلك التحديات الاقتصادية والأزمات المناخية والاضطرابات الجيوسياسية، وكلها تحديات تفرض علينا إيجاد مسارات مستدامة، لا سيما في القطاع الخاص، الذي يحمل العبء الأكبر من جهود تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، ولما له من دور شديد الأهمية في توفير فرص العمل اللائق.

وعلى ذلك نجد أنَّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مفترق طرق شديد الصعوبة؛ فمع اشتداد التحديات المناخية أصبح دور القطاع الخاص محوريًّا؛ ولذلك سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال الوضع الراهن للقطاع الخاص في هذه المنطقة، مستكشِفةً أوجه تطويره؛ من أجل تعزيز النمو الاقتصادي المستدام.. فتابعوا القراءة.

إلى أين وصل القطاع الخاص؟

للوقوف على حقيقة أداء القطاع الخاص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف تعتمد حماة الأرض على أحدث البيانات العالمية، التي يمثلها تقرير جديد صادر عن البنك الدولي في إبريل 2025، والذي يكشف عن صورة أداء هذا القطاع الحيوي في موقع جغرافي مهم، حيث يعاني تراجعًا ملحوظًا في مؤشرات الأداء، وفجوات إنتاجية واسعة، وضعفًا في الاستثمار والتدريب؛ متأثرًا بالصراعات والنزاعات السياسية.

وقد انعكست تلك التحديات في صورة معدلات اقتصادية لا تلبي تطلعات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ ففي عام 2024 بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في هذه المنطقة 1.9%، وهو معدل منخفض ومماثل -تقريبًا- لمعدل عام 2023.

وبالرغم مما سبق فإنَّ التقرير يتوقع نموًّا محدودًا لمعدلات الأداء الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذْ تقول البيانات إنه من المحتمل أنْ يتسارع النمو الإجمالي للناتج المحلي في هذه المنطقة ليصل إلى نسبة 3.7% في عام 2026، غير أنه سيكون نموًّا -وفقًا لتقرير البنك الدولي- مشوبًا بعدم اليقين في الدول النفطية بسبب السياسات العالمية.

فجوة في الإنتاجية ومحدودية في الابتكار

ومن بين أحد أبرز التحديات التي يعانيها القطاع الخاص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو ضعف الإنتاجية؛ إذْ سجَّلت الشركات -وفق التقرير- انخفاضًا في نمو المبيعات بنسبة 8% في المتوسط، وهو أسوأ بكثير من المعدلات المسجلة في:

  • الدول المنخفضة الدخل: 0.4%.
  • الدول المتوسطة الدخل: 0.4%.
  • الدول المرتفعة الدخل: 2.4%.

كما أنَّ نسبة الشركات التي تستثمر في رأس المال المادي تبلغ نسبة 21.7% فقط، وهي أقل بكثير من المعدلات العالمية، وهذا حينما تقدم 14.5% من الشركات تدريبًا رسميًّا للموظفين، وهو رقم ضعيف في مقابل الاقتصادات الخاصة بالدول المتوسطة الدخل.

الفجوة بين الجنسين

وأمَّا ما يتعلق بمشاركة المرأة في سوق العمل، فإنَّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سجَّلت أدنى معدل عالمي لمشاركة النساء في القوى العاملة داخل القطاع الخاص، وهذا بنسبة بلغت 18% فقط، مقارنةً بالمعدل العالمي البالغ 49%.

وبالرغم من جهود بعض الدول -مثل السعودية- فإنَّ نسبة الشركات التي تتقلد فيها النساء مناصب قيادية لا تزال منخفضة؛ إذ تبلغ 2.95% فقط، مقارنةً بـ18.7% في الدول ذات الاقتصادات المرتفعة الدخل. وعلى ذلك يشير التقرير إلى أنَّ سد الفجوة بين الجنسين في التوظيف داخل القطاع الخاص يمكن أنْ يرفع نصيب الفرد من الدخل بنحو 50% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

كيف يمكن للقطاع الخاص أن يقود النمو؟

إعادة تعريف دور الدولة

يجب على الحكومات تقليص تدخلها في السوق، وتعزيز المنافسة، وتحقيق تكافؤ الفرص بين الشركات الخاصة وشركات القطاع العام؛ إذْ تُشكل الشركات الحكومية في بعض الدول -وفقًا للتقرير- حاجزًا أمام الديناميكية الاقتصادية، وتستقطب الكفاءات بعيدًا عن القطاع الخاص.

الابتكار من خلال الإدارة

يُظهر التقرير أنَّ تحسين ممارسات الإدارة يمكن أنْ يسد حوالي ثلث الفجوة في الإنتاجية بين اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والولايات المتحدة على سبيل المثال. ويمكن أنْ يتحقق ذلك عبر:

  • استثمار أكبر في تدريب الموظفين.
  • تطوير هياكل الحوكمة.
  • تبني الرقمنة والابتكار في العمليات الاقتصادية.

تمكين المرأة

إنَّ وجود النساء في المناصب القيادية يعزز توظيف النساء الأخريات، ويزيد من التنوع الإنتاجي؛ لذا يجب:

  • إصلاح القوانين التمييزية ضد المرأة.
  • دعم ريادة الأعمال النسائية.
  • تسهيل حصول النساء على التمويل.

بناء المرونة في مواجهة الصدمات

تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا -وكذلك الدول النامية في الجنوب العالمي- من أكثر مناطق العالم تأثُّرًا بالكوارث المناخية، ومِن هنا تشير البيانات إلى أنَّ شركات القطاع الخاص يمكنها الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وأنها قادرة على الصمود بشكل أفضل أمام الأزمات المناخية العالمية.

من الضعف إلى الانطلاقة

إنَّ ما كشفت عنه أرقام تقرير البنك الدولي يؤكد أنَّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقف اليومَ على مفترق طرق تاريخي، حيث لم تعد تنمية القطاع الخاص خيارًا ثانويًّا، وإنما ضرورة لمواجهة شبح البطالة، والفقر المتصاعد، والتداعيات المدمرة للصراعات.

لذلك ليس أمام الحكومات -مثلما أشرنا من قبل- إلَّا أنْ تعيد تعريف دورها أمام القطاع الخاص، ويجب أنْ تفسح المجال للمنافسة العادلة، وأنْ تشجع الابتكار، وتستثمر في رأس المال البشري، لا سيما المرأة؛ لأنَّ الاستفادة من طاقة جميع أفراد المجتمعات ضرورة للصمود والازدهار.

وختامًا، فإنَّ الإجابة الوحيدة عن أسئلة التحديات الراهنة تكمن في إطلاق العنان لإمكانات القطاع الخاص، وهو ما حاولت حماة الأرض أنْ تركز عليه في هذا المقال؛ سعيًا إلى إعادة النظر في دوره لتعزيز النمو الاقتصادي بصورة عادلة وشاملة متى واجهنا التحديات بعقلية مبتكِرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى