تغير المناخ قدْ يُحوِّلُ بعضَ البُحيْراتِ الزرقاءِ إلى خضراءَ أوْ بُنيَّةِ اللَّون
قد لا تَكونُ بعضُ البحيراتِ الزرقاءِ الخَلَّابةِ زرقاءَ في المستقبلِ بسببِ تغيُّرِ المناخ
تغير المناخ قدْ يُحوِّلُ بعضَ البحيرات الزرقاء إلى خضراءَ أوْ بُنيَّةِ اللَّون
في أوَّلِ إحصاءٍ عالميٍّ لألوانِ البحيرات، حلَّلَ العلماءُ أكثرَ من «85000 بُحيرة» في جَميعِ أنحاءِ العالَم، وتوصَّلوا إلى أنَّ ما يقرُبُ من ثُلثِ بُحيراتِ الأرضِ زرقاء، ولكنْ عندَ ارتفاعِ متوسطِ درجاتِ حرارةِ الهواءِ في الصيفِ ببضعِ درجات، نجِدُ بعضَ هذهِ المياهِ الصافيةِ قد تتحوَّلُ إلى اللوْنِ الأخضرِ الداكِنِ أوِ البُني، وذلكَ حَسْبَمَا أفادَ الفريقُ البحثيُّ منْ جامعةِ ساوثرن ميثوديست.
يمكنُ أنْ يكونَ لتغيُّرِ ألوانِ البحيراتِ دَورٌ في تَغييرِ كيفيَّةِ استخدامِ الناسِ لتلكَ المِياه، كما يمكنُ أنْ يُقَدِّمَ أدلَّةً حولَ استقرارِ النُّظمِ البيئيةِ للبُحيرة. يَعتمدُ لونُ البحيرةِ على ما هوَ موجودٌ في الماء، ولكنْ هناكَ عواملُ أخرى هامَّةٌ مِثلَ عُمْقِ المِياهِ واستخداماتِ الأرضِ المُحيطةِ بها، وبالمُقارنةِ معَ البحيراتِ الزرقاء، فإنَّ البحيراتِ الخضراءَ أوِ البُنيةَ تَحتوي على المَزيدِ مِنَ الطحالبِ والرَّواسبِ والموادِّ العُضوية، كما يقولُ «شياو يانغ»، عالِمُ الهيدرولوجيا في جامعةِ ساوثرن ميثوديست في دالاس بالولايات المتحدة.
صورُ الأقمارِ الصناعيةِ لتتبُّعِ ألوانِ البحيرات
استخدمَ يانغ وزملاؤُهُ صورَ الأقمارِ الصناعيةِ من 2013 إلى 2020 لتحليل «85000 بحيرة» حولَ العالمِ أوْ يَزيد، ونظرًا لأنَّ العواصفَ وتغيُّرَ المواسمِ يمكنُ أن يُؤثِّرَ مُؤقَّتًا على لونِ البحيرة، فقد ركَّزَ الباحثونَ على اللونِ الأكثرِ شُيوعًا الذي لُوحِظَ منْ كلِّ بُحيرةٍ خلالَ فترةِ السنواتِ السبعةِ المُشارِ إليها، كما أنشَأَ البَاحِثونَ أيضًا خَريطةً تفاعُليَّةً عبرَ الإنترنت يمكنُ استخدامُها لاستكشافِ ألوانِ هذهِ البحيرات.وتقولُ «دينا ليش»، عالمةُ البيئةِ المائيَّةِ في جامعةِ لونغوود بولاية فيرجينيا -والتي لمْ تُشارِكْ في الدراسة-: «إنَّ النهْجَ المُتبَعَ في هذهِ الدراسةِ هو نهجٌ رائعٌ للغَاية، حيثُ تُمثِّلُ بياناتُ الأقمارِ الصناعيةِ معلوماتٍ وأدلةً قويةً يمكنُ البناءُ عليها مستقبلًا».
الفريقُ البحثيُّ نظرَ إلى المناخاتِ المحليةِ خلالَ تلكَ الفترةِ لِيَرَوْا كيفَ يُمكنُ ربطُها بلونِ البحيراتِ حولَ العالم. بالنسبةِ للعديدِ مِنَ المسطَّحاِت المائيةِ الصغيرةِ أوِ البَعيدة، لا توجدُ سِجِلاتٌ لدرجةِ الحرارةِ وهُطولِ الأمطار؛ لذا اعتمدَ الباحثونَ على توقُّعاتِ المناخ المَحسوبةِ لكلِّ بُقعةِ على الكُرةِ الأرضيَّة، والتي تمَّ تجميعُها معًا منْ مصادرَ مُتفرقَةٍ نسبيًّا.
وجدَ الباحثونَ أنَّ البحيراتِ في الأماكنِ التي يقلُّ فيها متوسطُ درجاتِ حرارةِ الهواءِ في الصيفِ عن «19 درجة مئوية» تكونُ أكثرَ عُرضةً لِتَحوُّلِها إلى اللونِ الأزرقِ، حيثُ إنَّ ما يَصلُ إلى 14 في المائةِ مِنَ البُحيراتِ الزرقاءِ التي دَرسُوهَا وَجدُوهَا عندَ هذَا الحَدِّ منْ درجةِ الحرارة.
ولكن عندَ زيادةِ متوسطِ درجاتِ الحرارةِ في الصيفِ بمَقدارِ «3 درجات مئوية» أخرى، وهو مقدارٌ يَعتقدُ العلماءُ أنَّهُ مَعقولٌ بحُلولِ نهايةِ القرن، فإنَّ «3800 بحيرة» يمكنُ أن تتحوَّلَ إلى اللونِ الأخضرِ أوِ البُني؛ وهذا لأنَّ الماءَ الدافئَ يُساعِدُ الطحالبَ على التكاثُرِ بشكلٍ أكبر؛ ممَّا يُغيِّرُ خصائصَ الماء، ويُعطيها لوْنًا بُنيًّا أوْ أخضر، كما يقولُ يانغ.
التغيُّراتُ في ألوانِ البحيرات وماذَا تَعني
واجهَ الفريقُ البحثيُّ بعضَ الصُّعوباتِ في عمليةِ الرَّصدِ الخاصَّةِ بعددٍ كبيرٍ مِنَ البحيرات، وذلكَ كمَا تَقولُ المؤلفةُ المشاركةُ في الدراسة «كاثرين أورايلي»، عالمةُ البيئةِ المائيةِ في جامعةِ ولايةِ إلينوي والتي أضافَت: «لا نَعرفُ عددَ البحيرات الموجودةِ في العالم، العديدُ مِنَ البحيراتِ صغيرةٌ جدًّا بحيثُ لا يُمكنُ اكتشافُها بشكلٍ مَوثُوقٍ عبرَ الأقمارِ الصناعيَّة، ولكن وَفقًا لبعضِ التقديرات، فقد تَفقِدُ عشراتُ الآلافِ مِنَ البحيراتِ الكبيرةِ لونَها الأزرقَ الجميل».
الخُطورةُ مِنْ تحوُّلِ ألوانِ البحيراتِ إلى اللونِ الأخضرِ أوِ البُنيِّ هو فقدانُ بعضِ المواردِ المُكتسبةِ للمُجتمعاتِ المُحيطةِ قِيمتَها إذَا أصبحَتْ بعضُ البُحيراتِ أقلَّ زُرقة، حيث إنَّ البحيراتِ غالبًا ما تُستخدَمُ لمياهِ الشُّربِ أوْ توفيرِ الطعامِ عنْ طريقِ الأسماكِ التي يَتمُّ اصطيادُها أو حتى لأغراضِ الترفيه، ولكنْ إذَا كانَ الماءُ مَسدودًا بالطحالب، فقد يتطلَّبُ تكلفةً أكبرَ للتنظيفِ منْ أجلِ الشرب، كما قد يؤثِّرُ بشكلٍ كبيرٍ على الأنواعِ التي تعيشُ في هذِه البحيرات.
تغيُّراتُ اللونِ لا تَعني بالضرورةِ أنَّ البحيراتِ أقلُّ صحةٍ على الإطلاق، الأمرُ يَحتاجُ إلى دراسةِ التنوُّعِ في كلِّ بحيرة، والظروفِ التي تتواجدُ بها، فزيادةُ الطحالبِ ربَّما تمثِّلُ أخبارًا جيدةً لأنواعٍ محددةٍ مِنَ الأسماك، على عكسِ الاعتقادِ السائدِ بالشرِّ المطلقِ لنموِّ الطحالب.
يمكنُ أن يُشيرَ لونُ البحيرةِ إلى استقرارِ النظامِ البِيئيِّ للبحيرة، حيثُ تُشيرُ الألوانُ المتغيرةُ للبُحيراتِ إلى الظروفِ المتغيرةِ للمَخلوقاتِ التي تَعيشُ في الماء. تتمثَّلُ إحدى مزايا الدراسةِ الجديدةِ في أنَّها تُوفِّرُ للعُلماءِ أساسًا لتَقييمِ كيفيةِ تأثيرِ تغيُّرِ المناخ على مواردِ المياهِ العَذبةِ للأرض، كما يمكنُ أنْ تُساعِدَ المُراقَبةُ المُستمرةُ للبحيراتِ العُلماءَ على اكتشافِ التغيُّراتِ المستقبليَّة.
وفي الخِتام، يقولُ «مايك بيس»، عالمُ البِيئةِ المائيةِ في جامعةِ فيرجينيا -والذي لم يُشاركْ في الدراسة-: «تضعُ الدراسةُ خطًّا أساسيًّا يمكنُنا منْ خلالِه مقارنةُ النتائجِ المستقبليَّةِ به، وهذَا يُعَدُّ -بالنسبة لي- الفائدةَ العظيمةَ لهذهِ الدراسة».