تكافل وكرامة.. 10 سنوات في دعم التنمية المستدامة

تكافل وكرامة.. 10 سنوات في دعم التنمية المستدامة
وسط حضور وطني ودولي واسع، وفي فعالية عكست زخمًا رسميًّا وشعبيًّا كبيرًا، احتفلت مصر بمرور عشر سنوات على إطلاق برنامج الدعم النقدي المشروط “تكافل وكرامة”، أحد أهم أعمدة منظومة الحماية الاجتماعية في مصر، الذي انطلق عام 2015 بمبادرة رئاسية وطنية تستند إلى رؤية تنموية عادلة.
أقيم الحفل الرسمي للاحتفال بمرور عشر سنوات على إطلاق برنامج “تكافل وكرامة” يوم الأحد الموافق 5 مايو 2024، وذلك في العاصمة الإدارية الجديدة، بحضور رفيع المستوى ضم عددًا من الوزراء، يعكس ثقل الحدث على الساحة الوطنية والدولية، حيث تقدّم الصفوف الدكتور/ مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى جانب عدد من الرموز الحكومية البارزة، من بينهم الدكتور/ خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، والدكتورة/ رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتورة/ مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي.
وشارك في الفعالية ممثلون عن المجتمع الدولي، من بينهم السيد/ ستيفان جيمبيرت، المدير القُطري للبنك الدولي، والسيدة/ إلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، والسيد/ جاريث بايلي، سفير المملكة المتحدة، إضافة إلى شخصيات أخرى بارزة من الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الأممية؛ مما يعكس اتساع دائرة الاهتمام بالنموذج المصري في الحماية الاجتماعية والتنمية المستدامة.
“تكافل وكرامة” برنامج اجتماعي تاريخي
جاء هذا الحدث النوعي في مرحلة مفصلية من مسيرة الدولة المصرية نحو بناء مجتمع أكثر شمولًا وعدالة، حيث أشار الدكتور/ مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن برنامج “تكافل وكرامة” لا يُعد فقط أحد أعظم برامج الحماية الاجتماعية في تاريخ مصر، وإنما أصبح مرآة تعكس الرؤية الثابتة للدولة في صون كرامة المواطن ودعم الفئات الأولى بالرعاية.
وأوضح أن الدولة المصرية، منذ انطلاق البرنامج في عام 2015، كانت حريصة على تبني نهج لا يترك أحدًا خلف الركب، موضحًا أن الحماية الاجتماعية تحوّلت من مجرد مبادرات طارئة إلى سياسة محورية ترسخ مفهوم العدالة الاجتماعية في الجمهورية الجديدة.
ركائز التنمية المستدامة
وفي كلمتها خلال الاحتفال، أبرزت الدكتورة/ رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الأبعاد التكاملية التي حققها البرنامج، مؤكدة أنه أصبح منصة فاعلة لتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال ربط الدعم النقدي بالصحة والتعليم، وأشارت إلى أن “تكافل وكرامة” لم يقتصر على تقديم الدعم المالي، وإنما تطوّر ليعكس مفاهيم الاستدامة والكرامة الإنسانية، ويجسد توجه الدولة نحو بناء شبكة أمان اجتماعي مرنة وشاملة، وأوضحت المشاط أن البرنامج يمثل أحد أعمدة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، خاصة في ضوء استهدافه للفئات الأكثر هشاشة، وتكامل جهوده مع المبادرات القومية مثل “حياة كريمة”.
وفي هذا السياق، كشفت وزيرة التخطيط عن تخصيص نحو 327 مليار جنيه لاستثمارات التنمية البشرية في خطة 2025/ 2026، بزيادة سنوية قدرها 22%؛ مما يعكس التزام الدولة بتعزيز رأس المال البشري باعتباره أولوية وطنية. كما يُعد البرنامج أداة استراتيجية في خفض نسبة الفقر وتعزيز الحماية الاجتماعية، خاصة في المناطق الريفية والقرى الأكثر احتياجًا، وهو ما يتفق مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
شراكات دولية لتعزيز الاستدامة
وقد شكل التعاون مع البنك الدولي ركيزة أساسية في نجاح برنامج “تكافل وكرامة”، حيث أشار المسئولون إلى أن التمويلات التنموية الميسرة التي حصلت عليها مصر تجاوزت 1.4 مليار دولار، أي ما يعادل 70 مليار جنيه، وقد تم توظيف هذه التمويلات ليس فقط في تقديم الدعم النقدي، وإنما في تطوير آليات صرفه، من خلال بطاقات “ميزة”، ورقمنة إجراءات التوزيع، والتوسع في أدوات المتابعة والتقييم.
وشددت المشاط على أن الدولة المصرية نجحت في صياغة اتفاقيات مرنة مع شركاء التنمية، وفقًا لأولوياتها الوطنية، حيث تم تخصيص 25 مليون دولار إضافية لتمكين الأسر المستفيدة من الحصول على تمويل للمشروعات متناهية الصغر، ويهدف هذا التمكين إلى تحويل الأسر المستحقة للدعم إلى أسر منتجة قادرة على تأمين دخل مستدام، وهو ما يُعد تطبيقًا واقعيًّا لأهداف التنمية المستدامة.
برنامج “فرصة” حلقة الوصل بين الدعم والتمكين
ويشكل برنامج “فرصة للتمكين الاقتصادي” التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، امتدادًا تكامليًّا لبرنامج “تكافل وكرامة”، حيث يسعى إلى تمكين المستفيدين اقتصاديًّا من خلال التدريب والتأهيل لسوق العمل، مع التركيز على تعزيز مشاركة المرأة، وتشير الإحصاءات إلى أن 75% من حاملي بطاقات الدعم هم من النساء؛ مما يبرز الدور الحيوي للمرأة في قيادة عملية التمكين الاجتماعي والاقتصادي.
ويتمثل الهدف من هذا البرنامج في بناء قدرات الأفراد وتحفيزهم للانخراط في أنشطة إنتاجية؛ مما يدفع عجلة الاقتصاد المحلي ويوسع قاعدة المشاركة المجتمعية، وهو ما يعكس رؤية الدولة في تحويل الحماية الاجتماعية من أداة للإعالة إلى وسيلة للتمكين الذاتي والتنمية المستدامة.
نتائج ملموسة لبرنامج “تكافل وكرامة”
بلغ عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” أكثر من 4.6 مليون أسرة، بإجمالي نحو 17 مليون مستفيد مباشر وغير مباشر، وقد أظهرت المؤشرات التقييمية التزام 63% من الأسر المشمولة بشروط التعليم، و51% منها بشروط الصحة، في حين يحصل 100% من المستفيدين على الدعم من خلال وسائل إلكترونية؛ مما يعكس كفاءة التحول الرقمي للبرنامج.
ومن أبرز ثمار هذا الإنجاز، تحفيز الفئات المهمشة على المواظبة على التعليم والحصول على الرعاية الصحية؛ مما يُعزز فرص التنمية البشرية ويرفع من كفاءة رأس المال البشري الوطني، وهي إحدى الركائز الأساسية لتحقيق النمو الشامل المستدام.
وترى حماة الأرض أنه بعد عشر سنوات من العمل المتواصل، أصبح برنامج “تكافل وكرامة” أكثر من مجرد آلية للدعم النقدي، وإنما تحول إلى نموذج متكامل للعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، كما تدرك أن ما تحقق يعكس قدرة الدولة على إدارة ملفات الحماية الاجتماعية بكفاءة وشراكة واسعة النطاق، ويُعد دليلًا على أن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة.




