أخبار الاستدامة

بالأرقام.. ثاني أكسيد الكربون يسجل قفزة تاريخية

بالأرقام.. ثاني أكسيد الكربون يسجل قفزة تاريخية

بين يوم وآخر تتوالى التقارير والبيانات العالمية لتكشف عن الموقف الحالي الذي يحيط بكوكب الأرض، وهي أخبار توضح ببيانات دقيقة صورةَ المناخ العالمي، التي من أبرز مكوناتها الغلاف الجوي بما فيه من غازات؛ خاصةً غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2).

وحول هذا تسلط حماة الأرض في السطور الآتية الضوء على أحدث تقرير عالمي يؤكد أنَّ معدل غاز ثاني أكسيد الكربون قد ارتفع ارتفاعًا غير مسبوق في الغلاف الجوي خلال عام 2024، وهو ما يثير مخاوف متزايدة بشأن انهيار الأنظمة البيئية الطبيعية، التي تمثل الحصن الأول في مواجهة التغير المناخي.

ثاني أكسيد الكربون

لقد بلغ متوسط الزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون -وفقًا لأحدث بيانات صادرة عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)- 3.75 جزء من المليون في عام واحد فقط، وهو أعلى معدل منذ بدء رصد هذه الغازات، متجاوزًا الرقم القياسي المسجَّل في الأعوام الماضية.

وهو ارتفاع مفاجئ أثار قلق العلماء؛ لأنه لا يتناسب مع معدل زيادة الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري، التي لم تتجاوز 0.8% مقارنة بالعام السابق، وهذا حسب ما أفاده مشروع الكربون العالمي (منظمة عالمية تقيس انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري).

الطبيعة تتراجع عن دورها التقليدي

ويشير خبراء المناخ إلى أنَّ هذا الخلل يعود -قبل أي شيء- إلى تراجع قدرة الأنظمة البيئية البرية والبحرية على امتصاص الكربون، بسبب موجات الجفاف والحرائق، وتقلص الغطاء النباتي، لاسيما في المناطق الاستوائية كغابات الأمازون، التي شهدت في العام الماضي -عام 2024- جفافًا حادًّا تسبب في فقدانها لوظيفتها الحيوية التي تتمثل في كونها مصرفًا طبيعيًّا للكربون.

وفي السياق نفسه، أظهرت بيانات “مرصد الكربون المداري” التابع لوكالة ناسا أنَّ اليابسة امتصت في عام واحد نحو 2.24 جيجا طن، وهو ما يعادل معدل الانبعاثات الناتجة عن احتراق أكثر من 40 مليار كيلو -تقريبًا- من الفحم.

وحول هذا قال الدكتور/ جون ميلر -الباحث في مختبر الرصد العالمي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي-: «إنَّ هناك مؤشرات واضحة تُظهر أنَّ الأرض بدأت تفقد وظيفتها الخاصة بامتصاص الكربون؛ وهذا بفعل التغير المناخي».

ذلك لأنَّ الغابات والأراضي الزراعية والتربة كانت تمتص -سابقًا- حوالي 30% من الانبعاثات، وهذا وفقًا لتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، غير أنَّ هذه النسبة قد بدأت بالتراجع، خاصةً مع التغير المناخي المتطرف المرتبط بظاهرة النينيو (ظاهرة مناخية عالمية، وفيها تنتقل كتل المياه الحارة من شرق المحيط الهادئ إلى غربه)، التي أسهمت في تعميق موجات الجفاف، وتفاقم حرائق الغابات في عام 2024.

وفي ذروة هذه الظاهرة عانت قرابة ثلث غابات الأمازون من جفاف شديد، تبعته حرائق كارثية التهمت مساحات شاسعة من الأشجار القديمة، التي كانت تُخزن الكربون منذ قرون. ومع اختفاء الغطاء النباتي، وتراجع عمليات التمثيل الضوئي، وتسارع تحلل التربة بسبب الحرارة؛ تحولت هذه المناطق من مصارف للكربون إلى مصدر له.

وفي المقابل لم تسجل المحيطات –التي تمتص حوالي ربع انبعاثات الكربون عالميًّا– تغييرات ملحوظة في قدراتها على امتصاص الكربون حتى الآن، غير أنَّ العلماء يحذرون من أنَّ استمرار زيادة التركيزات الكربونية سيؤثر حتمًا في قدرة هذه المحيطات مستقبلًا.

فقدان الخط الدفاعي الطبيعي

ما سبق بيانه من عدم حدوث تغييرات في قدرة المحيطات على امتصاص الكربون، يعزز فرضية تقول إنَّ السبب الرئيسي في قفزة الكربون -في عام 2024- يعود إلى انهيار الغطاء النباتي البري بسبب التغير المناخي؛ مما يشير إلى بداية خطيرة لمزيد من الانبعاثات الكربونية العالمية.

ولذلك تحمل حماة الأرض في عقلها وقلبها رسالة واضحة؛ هي تعزيز كل ما يمكنه أنْ يكافح هذه التغيرات المناخية المؤسفة؛ تحقيقًا لحياة صحية لجميع شعوب الأرض وفق أهداف التنمية المستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى