«حُماة الأرض» في حوار مع وزير البترول طارق الملا
«حُماة الأرض» في حوار مع وزير البترول طارق الملا حول أهم القضايا البيئية ومشروع «حياة كريمة»
«حُماة الأرض» في حوار مع وزير البترول طارق الملا
حين نتحدَّث عن مشروعات مصر في قطاع البترول والغاز الطبيعي سنجد قصص نجاح تتحدث عن نفسها، وخريطة اكتشافات أبهرت العالم.
عن موقع مصر على خريطة الإنتاج العالمي، والمشروعات الكبرى، وكذلك التوقُّعات بشأن ملف الطاقة الجديدة والمتجددة كان لدينا أسئلة مهمة استفاض في الرد عليها المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية.
وفي مطلع حديثه سلَّط الملا الضوء على المشروعات في قطاع الطاقة أو البترول والغاز الطبيعي، والتي كان لها أثر إيجابي على الوطن وصدى طيب على مستوى العالم، ومن أهم هذه المشروعات على مستوى البحث والاستكشاف والإنتاج البترولي أو الغازي، اختار الوزير الحديث عن مشروع «حقل ظُهر»، الذي قال عنه: إننا نفتخر به ليس لأنه احتياطي غازي كبير، لكن لأنه استغرق 28 شهرًا فقط كشفًا واستخراجًا، وهذا مقارنةً بأي مشروع مماثل في العالم كان سيستغرق 5 سنوات على الأقل، وهناك دول استغرقت 8 سنوات.
ومن أهم ما تميَّز به هذا المشروع وجود مشاركة من شركات عالمية كشركة إيني الإيطالية وغيرها، وبالتالي فهذا سيُسوِّق للمشروع بشكل جيد، فمدة 28 شهرًا لاكتشاف حقل والاستخراج منه، يُعدُّ إنجازًا أمام العالم، ومن ثَمَّ فالشركات المحلية والعالمية التي اشتركت في المشروع مثل «شنايدر» و«شلمبرجير» يخبر بعضها بعضًا وأيضًا تخبر مؤسسات التمويل الدولية، فنجد أن شركات البترول العالمية وشركات الخدمات الدولية وشركات الموردين الدوليِّين يلتفت انتباهها إلى مصر، وهذا تطبيق المثل القائل: «النجاح يأتي بالنجاح»؛ ولذلك بدأت كل الشركات تهتم بفرص العمل معنا في مجال البحث والاستكشاف، أو في مجال البترول والغاز بصفة عامة.
وفيما بعد تمت عدة مشروعات، كمشروع حقول شمال الإسكندرية، ومشروع «أتول»، ومشروعات أخرى تتبع شركة إيني اسمها «بلطيم».
وقد تحولنا من بلد كانت تستورد الغاز بأكثر من 2.5 مليار دولار في السنة، إلى الاكتفاء الذاتي والتصدير للعالم من خلال محطات الإسالة، أو التصدير لدول الجوار كالأردن من خلال خط أنابيب الغاز.
وأضاف «الملا» قائلًا: لدينا أكثر من شكل من أشكال الغاز للتصدير، النوع الأول: التصدير على حالته الخام من خلال خطوط الأنابيب العادية بيننا وبين دول الجوار كالأردن، فيمر الخط في سيناء، وينزل في خليج العقبة.
والنوع الثاني: الغاز المسال، فبعد استكشافه يتم تسييله ونقله عبر السفن إلى الدول المختلفة.
والنوع الثالث: هو المضغوط في السيَّارات، فيتم ضغطُه مثل أسطوانات البوتاجاز في المنزل، والنوع الأخير يتم إدخاله في الصناعات ليس بوصفه غازًا ولكن كمادة خام تدخل في تكوين المنتج نفسه، في شكل أسمدة مثل الأمونيا أو اليوريا، أو تخرج في شكل محبب أو سائل، ثم يتم تصديرها؛ وبالتالي أخضعناه للقيمة المضافة بدلًا من تصديره على صورته الخام وهي الأقل سعرًا وفائدة.
لافتًا إلى أن التصدير على الصورة الخام هو الأقل كمية، وهذا يتم تصديره لاحتياج أشقائنا في الأردن، وتعاقدات قديمة ملتزمون بها دعمًا لأشقائنا .
وتطرَّق الحديث إلى المساهمات الاجتماعية خاصة في المشروع الوطني «حياة كريمة»، الذي وصفه الملا بأنه يعد الأكبر في مصر -في القرن الحالي- وأكَّد مشاركة وَزارته فيه، مبيِّنًا أن المرحلة الأولى منه تشمل 1413 قرية، وسيتم إيصال الغاز الطبيعي إلى هذه القرى، وأضاف: «المرحلة الأولى تضم حوالي 4 ملايين وحدة سكنية، وهذا رقم كبير جدًّا، خاصة أننا نحوِّل في السنة مليونًا و200 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى 4 ملايين وحدة سكنية، التي يتم العمل عليها في السنوات الثلاث القادمة.
وكشف الوزير خلال حواره لـ«حُماة الأرض»، أنه في خلال الفترة القادمة سيتم الانتهاء من 19 مليون وحدة سكنية، ما يشمل عدد سكان يتجاوز 70 أو 75 مليون نسمة يمتلكون الغاز الطبيعي.
وعن تكلفة ذلك، أشار إلى أن تكلفة المرحلة الأولى تبلغ حوالي 17 مليار جنيه، أما بالنسبة لدخوله إلى المنزل، فسيتم بنظام القسط، والذي تبلغ قيمته 30 جنيهًا شهريًّا.
وفي هذا الصدد تحدَّث «الملا» عن مبادرته الخاصة بالمسؤولية المجتمعيَّة التي أطلقها مع مجموعة من شركات البترول، إذ يؤكد أن «حياة كريمة» كانت طاقة النور لها، ويضيف: نحن في قطاع البترول لدينا مساهمة مجتمعيَّة كبيرة جدًّا، ولكن الناس لا تشعر بما نقوم به من مساهمات اجتماعية، وكان لا بدَّ أن يشعر المجتمع بما نقوم به.
ومن هنا بدأت أجمع شركاتنا معًا في إطار إستراتيجي له أولويات، سواء الشركات المصرية المحليَّة الوطنية أو الشركات الأجنبية، وتم تكوين مجموعة عمل بلجنة عليا برئاستي، ووَفقًا للإستراتيجية التي وضعناها، ومستهدفات التنمية المستدامة، ووَفقًا للأمم المتحدة – فقد حددنا 10 أهداف رئيسة، وبناء على ذلك وضعنا أولوياتنا؛ وهي: التعليم، والصحة، والمساواة، وأيضًا المبادرة الرئاسية «حياة كريمة».
وتفرَّع حديثنا مع «الملا» إلى مدى اهتمام وزارة البترول والثروة المعدنية بمعدن الحديد، خاصة في الصعيد، وأكَّد أن هذا يقع في نطاق دور الوزارة، وواصَلَ: ما نعمل عليه حاليًّا هو تحديثُ الخرائط لدينا، وَفقًا للخرائط الحالية والبعثات الحقليَّة التي تمت سابقًا، والتي تدل على أماكن تركيز الحديد في مناطق مختلفة من جنوب مصر أو الوادي الجديد، مستعينين ببعض بيوت الخبرة والاستشاريين؛ بحيث يمدوننا بخُطَّة؛ لنتأكد ما إذا كان الحديد متركِّزًا بكَمية كبيرة أو خلاف ذلك؛ فنعمل له إعادة تركيز، بإدخال صناعات تكميليَّة.
وفي نفس الوقت لدينا فوسفات نعمل عليه جيدًا، فبدلًا من تصديره فوسفات خامًا – كما تحدثنا على الغاز – عملنا على عدة مشروعات بالقيمة المضافة؛ فصنعنا أسمدة فوسفاتيَّة، وحمض فوسفوريك؛ لأن العالم يحتاج إلى أسمدة فوسفاتيَّة.
وفي سياق قريب، رأى أن أزمة الطاقة العالمية كانت فرصة لمصر؛ لأننا حاليًّا لدينا فائض من الغاز نقوم بتصديره؛ فالفرصة الحقيقية كانت في أن نستغل التصدير في رفع العوائد لدينا.
وأضاف «الملا»، في الحقيقة التصدير ليس هدفنا الأساسي، لكننا نتكلم عن الفرص البديلة؛ بأن هناك فائضًا من الغاز نستطيع تصديره وتحويله إلى قيمة مضافة وعوائد.
وقد جرى الحديث في السياق ذاته عن المركز الإقليمي لتجارة وتداول الغاز؛ فمصر البلد الوحيد في شرق المتوسط التي تمتلك البنية الأساسيَّة – وهي محطات الإسالة أو محطات التصدير – ومن ثَمَّ كان الممكن أن يكون مستقبلًا الغاز في لبنان أو غزة، وحاليًّا في قبرص نستخرجه .. فكلُّ هذا عندما يأتي لنا ونصدره لصالح هذه الدول أو لصالح مصر؛ فهنا تأتي القيمة المضافة.
واستغلَّ الوزير الحديث ليبعث رسالة طمأنة إلى المواطن؛ بأنهم يعملون حاليًّا على معادلة فيها كل الجهات؛ كالتجار والصُّنَّاع والمُصدِّرين .. واستطرد في قوله: سنأخذ رأيهم في هذا الأمر، وكذلك كل جهات الدولة المَعنيَّة بالأمر، بحيث إننا حين نصنع معادلة مرتبطة بالسلعة نفسها، فالغاز الطبيعي بما إنه مدخل سيكون سعره بـ«X»، وربما يرتفع السعر أو ينخفض، فبعد ذلك لن نسعر كلَّ 3 أشهر ولا كل شهر، بل المعادلة ستعمل آليًّا.
وهذا سيتم بحوار مجتمعي مع أصحاب الصناعات المختلفة؛ للاتفاق على صيغة محددة للتسعير؛ ليجهزوا على أساسها خُطَّتهم الاقتصادية.
وقد نوَّه الوزير إلى أن هذا لا ينعكس على بنزين السيارات، فلجنة التسعير ستظلُّ مستمرةً في عملها لتحديده كلَّ 3 أشهر، والناس قد اعتادت على ذلك، وقد نشرنا معاييرها.
وقبل الختام، عرج في حديثه على الأمل المنتظر بالاكتفاء الذاتي والتصدير في البترول والسولار أسوة بالغاز، وقال: إن الاكتفاء سيحدث قريبًا من خلال مجمعات التكرير التي أوشكنا على الانتهاء منها؛ فخلال السنتين القادمتين -إن شاء الله – سيحدث اكتفاء لكل احتياجاتنا من الوقود من البنزين أو السولار محليًّا.