علوم مستدامة

خارج الصندوق.. الديدان سلاح جديد ضد تغير المناخ

الديدان

خارج الصندوق.. الديدان سلاح جديد ضد تغير المناخ

هل كنتم تعتقدون يومًا ما أن الديدان ذات فائدة بشرية؟! هذه الكائنات التي يعتبرها أغلب البشر مقززة لها منافع وفوائد أكثر مما نتخيل؛ لذا دعونا نفكر خارج الصندوق، ونستكشف كيف للديدان أن تكون أداة فعّالة في مواجهة التغير المناخي.

مع تزايد التحديات التي يفرضها تغيّر المناخ، يظهر أن الحلول غير التقليدية أصبحت ضرورية أكثر من أي وقت مضى. ومن بين هذه الحلول يبرز استخدام الديدان باعتبارها مساعدًا جيدًا على إحداث تأثير مزدوج في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وأيضًا تحسين جودة الحياة البشرية.

هذه الفكرة التي تبدو بسيطة تحمل بين طياتها إمكانات هائلة لتحسين الصحة العامة وحماية البيئة؛ لذا سوف تشرح لكم حماة الأرض في هذا المقال كيفية استخدام الديدان لمواجهة التغير المناخي؛ لما لها من فوائد تعود بالإيجاب على صحة الإنسان وحياته اليومية، فتابعوا القراءة.

تغير المناخ: أزمة عالمية تتطلب حلولًا مبتكرة

لقد شهد العالم في العقود الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، حيث ارتفع متوسط درجة حرارة الغلاف الجوي بمقدار 1.4 درجة فهرنهايت خلال القرن الماضي، ويُتوقع أن يزيد هذا المتوسط من درجتين إلى 11.5 درجة فهرنهايت خلال القرن المقبل. وآثار هذا الارتفاع واضحة في كل شيء حولنا، حيث تغيّرت أنماط الطقس بشكل كبير؛ مما أدى إلى فيضانات مدمرة في بعض المناطق، وجفاف قاسٍ في مناطق أخرى.

كما أن ذوبان الجليد في القطبين يهدد برفع مستويات مياه المحيطات، مما قد يؤدي إلى غمر مناطق ساحلية عديدة. وهذا التحدي البيئي يتطلب حلولًا جديدة ومستدامة، ومن بين هذه الحلول المبتكرة يأتي دور الديدان في مكافحة تغير المناخ.

كيف تُساهم الديدان في مواجهة التغير المناخي؟

يحدث التغير المناخي بسبب انبعاث كميات هائلة من الغازات الدفيئة -مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان- وهي غازات تحبس الحرارة داخل الغلاف الجوي. ومن بين المصادر الرئيسية لهذه الانبعاثات نفايات المنازل والمزارع، التي تُدفن في مواقع الطمر الصحي، حيث تنتج غاز الميثان الضار خلال تحللها.

هنا يأتي دور الديدان، ونقصد -تحديدًا- ديدان السماد، مثل ” Eisenia foetida – الديدان الحمراء”؛ وهي ديدان قادرة على تحويل النفايات العضوية إلى سماد غني بالمغذيات بطريقة طبيعية وسريعة، حيث إن هذا السماد لا يحسِّن من جودة التربة فحسب، وإنما يقلل أيضًا من الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية التي تعد مصدرًا آخر للانبعاثات الضارة.

وحول دور هذه الديدان في مكافحة التغير المناخي اكتشف باحثون -وفقًا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية- أنها قادرة على استهلاك مادة الستايروفوم (مادة خفيفة الوزن، وتُستخدم في مجالات كثيرة من أشهرها عزل المباني) دون أن تتراكم في أجسامها أي سموم.

وقد لاحظ الفريق البحثي من جامعة  ستانفورد أن الديدان تستطيع الحفر عبر كتلة من الستايروفوم حتى تُخرج 90% -تقريبًا- من المواد البلاستيكية خلال 24 ساعة، حينما يتم التخلص من الباقي خلال 48 ساعة. وعن هذا قالت “أنجا ملاوي براندو” -الباحثة في الدكتوراة بمجال الهندسة المدنية والبيئية في الجامعة-: «لم نتوقع هذه النتيجة على الإطلاق، وإنه لأمر مدهش أن تتمكن الديدان من هضم المواد الكيميائية المضافة دون أن تتراكم في أجسامها مع مرور الوقت!».

فوائد الزراعة باستخدام الديدان

لعملية تحويل النفايات العضوية إلى سماد -باستخدام الديدان- فوائد متعددة، ومنها تقليل معدلات الغازات الدفيئة، والحفاظ على الموارد الطبيعية لكوكب الأرض، كما يمكن استخدام السماد الناتج من هذه العملية -وهو سماد غني بالعناصر الغذائية- في تحسين جودة المحاصيل الزراعية؛ مما يزيد من قيمتها الغذائية.

وعلى المستوى الصحي يقلل استخدام السماد الطبيعي من التعرض للمواد الكيميائية الموجودة في الأسمدة الصناعية؛ مما ينعكس بالإيجاب على صحة الإنسان. كما أن هذه الطريقة تعزز من وعي المجتمعات بأهمية إعادة التدوير والاستدامة البيئية.

ماذا لو اعتمد كل منزل على ديدان السماد؟

تشير الدراسات إلى أن 12,000 دودة سماد يمكنها إعادة تدوير أكثر من طن واحد من النفايات العضوية سنويًّا؛ فإذا اعتمد كل منزل على هذا النظام فسوف يمكن للعالم تقليل كميات ضخمة من النفايات العضوية، التي تذهب إلى الطمر الصحيّ؛ وبالتالي الحد من انبعاثات غاز الميثان الضار.

وتعي حماة الأرض أن العالم في حاجة ماسة إلى التفكير في حلول جديدة ومستدامة، لمواجهة التغير المناخي والتحديات البيئية؛ لذا ترى أن العمل الدؤوب على الابتكارات القابلة للتطبيق سيساهم بشكل كبير في تحقيق تحول جذري في حماية البيئة. والسؤال الذي يظل قائمًا هو: إلى أي مدى يمكن أن نوسع نطاق هذه الحلول حتى تشمل مجتمعاتنا بأسرها، ونحقق توازنًا بيئيًّا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى