خطوة جديدة نحو تنمية إفريقيا وتعزيز التعاون مع أوروبا
خطوة جديدة نحو تنمية إفريقيا وتعزيز التعاون مع أوروبا
في خطوة تعكس التزامًا متجددًا بتعزيز التنمية المستدامة والتكامل الإقليمي، وقع الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي اتفاقية برنامج تسريع أداء الشراكة بين الاتحادين (AUPPAP)، وهي مبادرة تمويلية بقيمة 20 مليون يورو تهدف إلى بناء القدرات، وتعزيز التنمية المتكاملة في القارة الإفريقية.
يأتي هذا الاتفاق ضمن الشراكة التاريخية بين القارتين، التي يحتفل هذا العام بمرور 25 عامًا على تأسيسها؛ ليؤكد التزام الطرفين بتطوير مشروعات تنموية تدعم الاستقرار والازدهار المشترك، وفي هذا المقال تستعرض حماة الأرض تفاصيل تلك الشراكة باعتبارها جزءًا من الجهود العالمية لتحقيق التنمية المستدامة.
يُعتبر هذا البرنامج استكمالًا للدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي وشركاؤه من الدول الأعضاء للاتحاد الإفريقي، ويمثل نقلة نوعية من حيث تركيزه على تسريع تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى، وتعزيز قدرات المؤسسات الإفريقية؛ فمن خلال هذه الاتفاق سيتم توفير دعم أوسع للمبادرات الاستراتيجية التي تتوافق مع أجندة 2063، وتدعم الرؤية المشتركة للاتحادين لعام 2030، بهدف تحويل إفريقيا إلى قارة مزدهرة، ومتكاملة، ومستقلة اقتصاديًّا، وبناء مستقبل قائم على التعاون العادل والمستدام بين القارتين.
وقد جاء توقيع الاتفاقية خلال حدث استراتيجي عقد في أديس أبابا، على هامش جلسة إعلامية عن حزمة الاستثمار الأوروبية “البوابة العالمية Global Gateway” لإفريقيا، وهي مبادرة ضخمة تهدف إلى دعم التنمية في القطاعات المختلفة، مثل الرقمنة، والطاقة، والنقل، والصحة، والتعليم والبحث العلمي، وقد أتاحت هذه الجلسة فرصة لإبراز الاستثمارات الأوروبية الحالية والمستقبلية في إفريقيا.
الاتفاق الجديد يضع خارطة طريق واضحة تهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة خلال العامين المقبلين؛ إذ سيتم التركيز على تحسين الأداء المؤسسي في الاتحاد الإفريقي، ودعم السياسات التي تعزز التكامل الاقتصادي والطاقة والرقمنة، وتطوير آليات أكثر كفاءة لمراقبة المشروعات وتقييم تنفيذها؛ مما يسهل تحقيق أهداف التنمية للقارة بطرق أكثر استدامة واستقلالية.
وفي كلمته خلال التوقيع، أكد السفير/ فتح الله سجيلماسي -المدير العام لمفوضية الاتحاد الإفريقي- أن هذه الشراكة ليست مجرد تعاون مالي، بل هي جزء من رؤية استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز تكامل القارة الإفريقية وتنميتها المستدامة، وأضاف أن الاتحاد الإفريقي يستفيد من هذا النوع من المبادرات لتسريع التحول المؤسسي وتحقيق تطلعات أجندة 2063، مؤكدًا أن التعاون بين القارتين يجب أن يتطور إلى شراكة حقيقية تستند إلى تقاسم الخبرات وبناء القدرات.
وقد أشار السفير/ خافيير نينيو بيريز -ممثل الاتحاد الأوروبي لدى الاتحاد الإفريقي- إلى أن إفريقيا تمثل أولوية سياسية رئيسية للاتحاد الأوروبي، حيث ترتكز هذه الشراكة على التضامن، والسلام، والأمن، والتنمية المستدامة، والازدهار المشترك، وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر شريك دولي للاتحاد الإفريقي، مشيرًا إلى أن البرنامج الجديد سيعمل على تعزيز قدرة الاتحاد الإفريقي في تنفيذ استراتيجياته التنموية.
نحو مستقبل مشترك
يعكس الاتفاق الجديد إدراك الجانبين بأن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب شراكة راسخة وطويلة الأمد؛ فإفريقيا تحتاج إلى استثمارات قوية وإصلاحات مؤسسية لتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية، وفي المقابل تدرك أوروبا بأن ازدهار القارة الإفريقية لا يقتصر أثره عليها وحدها، وإنما يسهم في تعزيز الاستقرار العالمي ودعم التنمية المشتركة.
ومع احتفال الشراكة بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي بذكراها الخامسة والعشرين، يشكل برنامج (AUPPAP) نقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل مشترك أكثر استدامة؛ فهو لا يهدف فقط إلى دعم المؤسسات الإفريقية في الوقت الحالي، وإنما يضع أسسًا لنهج أكثر تكاملًا في التعاون الإنمائي، حيث يكون التركيز على نقل المعرفة، وتعزيز الابتكار، وتطوير القدرات الذاتية لدول القارة.
وتؤكد حماة الأرض أن التنمية الحقيقية تتحقق من خلال تمكين الأفراد، وتعزيز المعرفة، وتوفير فرص حقيقية تجعل إفريقيا شريكًا أساسيًّا في رسم ملامح مستقبلها؛ ولذا تثمن هذه الجهود الدولية، متطلعةً إلى خطوات عملية تحول مثل هذه الاتفاقيات إلى واقع ملموس يسهم في بناء تنمية مستدامة حقيقية، تنبع من داخل القارة وتلبي احتياجاتها الفعلية.