محصول الذرة في إفريقيا يواجه خطر غزو دودة الحشد الخريفية
دراسة جديدة توضح كيف تسبب الآفـــات خسائر بمليارات الدولارات
محصول الذرة في إفريقيا يواجه خطر غزو دودة الحشد الخريفية
وفقًا لدراسة جديدة، فإنَّ محصولَ الذرةِ كله -تقريبًا- مُعَرَّضٌ في قارة إفريقيا لخطر آفة دودة الحشد الخريفية (Spodoptera frugiperda)، حيث سلط العلماءُ الضوءَ علَى المناخات التي يُزْرَعُ فيها محصولُ الذرةِ الأفريقي، وكيف تدعم تفشي هذه الآفة الموسمية الخطيرة.
العلماء من مركز «GEMS» المعلوماتي في «جامعة مينيسوتا»، والدكتور «روجر داي» مِن «مركز الزراعة والعلوم البيولوجية الدولية» (CABI)، والمستشار العالمي في صحة النبات؛ قد أوضحوا جميعًا كيفية زراعة محصول الذرة الأفريقي بأكمله -تقريبًا- حيث يحدث ذلك في المناطق ذات المناخات التي تدعم انتشار الآفات الموسمية.
جرس إنذار لقارة إفريقيا
قام الباحثون بتحديد 3175 موقعًا جغرافيًّا توجد فيها دودة الحشد الخريفية في جميع أنحاء العالم، واستخدموا هذه البيانات جنبًا إلى جنب مع المعلومات حول المتطلبات الفسيولوجية للآفة؛ وذلك لتقييم مدَى ملاءمتها للمناخ العالمي.
وجدوا أيضًا أنَّ 92٪ -تقريبًا- مِن مناطق زراعة الذرة في إفريقيا تدعم نمو دودة الحشد الخريفية علَى مدار العامِ، ومن المثير للقلق أنَّ 95٪ من هذا المحصول يعتبر -أيضًا- ملائمًا من الناحية المناخية، ليس لدودة الحشد الخريفية فحسب، وإنما لثلاث آفات أخرى علَى الأقل -أو أكثر- مثل: حفَّار ساق الذرة، ودودة جذر الذرة الغربية، والنباتات الطفيلية.
البحث بَيَّنَ نتيجةً صادمةً أخرى، هي أنَّ أكثر من نصف (52.5٪) مساحة زراعة الذرة الإفريقية -التي يُعتقدُ أنها ملائمة لدودة الحشد الخريفية- مُعَرَّضٌ لخطرٍ آخرَ يتمثل في تِسْعِ آفاتٍ إضافية، في حين أنَّ أكثرَ مِن ثلث (38.1٪) المساحة مُعَرَّضٌ لغزو عشر آفاتٍ مختلفة.
قال الدكتور «سينايت سيناي» مِن «جامعة مينيسوتا»، والمؤلف الرئيسي للدراسة: «إنَّ التوافقَ المكانيَّ للمواقع المناسبة مناخيًّا لهذه الآفات يزيد من المخاطر المتعلقة بالإنتاج للمزارعين بشكل أعلى كثيرًا مِن المخاطر التي تشكلها دودةُ الحشد الخريفية وحدها».
ومِن الجدير بالذِّكْرِ، اعتبار دودة الحشد الخريفية -التي تنتمي إلى رتبة حرشفيات الأجنحة- إحدى الآفات التي تدمر أعدادًا كبيرةً مِن المحاصيل، وقد لُوحِظَ تفشي هذه الدودة في إفريقيا -أول مرَّة- في حقول الذرة – جنوب غرب نيجيريا، في يناير 2016، وبعد ذلك في بنين، وتوجو، وساو تومي، وبرينسيب. ومنذ ذلك الحين، انتشرتِ الآفةُ في أكثر من 40 دولة أفريقية، بما في هذا إثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا.
خسائر فادحة نتيجة الآفات
في عام 2021، أَجْرَى علماءُ «CABI» أولَ دراسةٍ شاملة حول التأثير الاقتصادي لمجموعة من «الأنواع الغريبة الغازية»، التي تُعْرَفُ اختصارًا بـ (IAS)، ونعني بها الحيوانات والنباتات التي يتم تقديمها -سواء بشكل متعمد أم غير متعمد- إلى بيئة طبيعية لا تعتبر موطنًا لها. الدراسة شملت القطاعَ الزراعيَّ في إفريقيا، الذي قدَّروا أنه يُمَثِّلُ 65.58 مليار دولار أمريكي سنويًّا، وقد أثبتوا أنَّ دودةَ الحشد الخريفية تسببت وحدها في أعلى خسائر في هذا العائد السنوي، بمبلغ قَدْرُه 9.4 مليار دولار أمريكي.
قال الدكتور «داي»: «إنَّ المناخاتِ التي تعتبر مناسبةً لإنتاج الذرة مناسبةٌ أيضًا -للأسف!- بشكل موسمي لازدهار دودة الحشد الخريفية، ليس في إفريقيا فحسب، وإنما يُحتملُ أنْ يتأثر حوالي نصف مساحة زراعة الذرة في العالَمِ، والتي يقع معظمها في المناطق الاستوائية الرطبة والدافئة، وهو مناخٌ يُحَفِّزُ تطور دودة الحشد الخريفية علَى مدار العامِ».
ولكن يجب التنويه هنا علَى أنَّ الأفضلَ في استراتيجيات التعامل مع دودة الحشد الخريفية -أو أي آفة أخرى للمحاصيل- هو تصورها وتنفيذها من منظور التعامل مع الآفات متعددة المخاطر، لا سيما من خلال اعتبارها جزءًا من ممارسة الإدارة المتكاملة للآفات؛ وذلك بدلًا مِن التعامل بشكل جزئي مع كل آفة علَى حدة.
خَلُصَتِ الدراسةُ -التي هي جزء من جهد معلوماتي أوسع في مركز GEMS، فيما يتعلق بالتحليلات العالمية لمخاطر الآفات- إلى نتيجة مفادها أنَّ إدارة المحاصيل قد تستفيد بشكل أكبر من الحلول الجينية وعوامل المكافحة البيولوجية الصديقة للبيئة، وهو أمرٌ يمكن تحقيقه عن طريق تأمين مبيدات الفطريات والمبيدات الحشرية الضرورية؛ لتكون متاحةً في الوقت المناسب في مختلف البلدان، وذلك بالتزامن مع انتشار الآفات الموسمية.
ولكن علَى جانبٍ آخرَ، يعترف الباحثون بأنه علَى الرغم مِن أنَّ ممارسات «المكافحة المتكاملة للآفات» تُعتبرُ استراتيجيةً أخرى غالبًا ما تكون مكملةً لمكافحة آفات المحاصيل، بخاصة في المناطق الاستوائية، حيث يمكن للآفات البقاء علَى قيد الحياة طوال العامِ، إلا إنَّ هذه الاستراتيجية المتكاملة للآفات لا يتم تبنيها علَى نطاق واسع في العالم النامي؛ وبالتالي تكون أغلب المساحات المزروعة في قارة مثل إفريقيا مُعَرَّضَةً بشكل كبير للخطر علَى الدوام.