علوم مستدامة

زراعة الصخور سبيل لتحقيق صافي انبعاثات صفري

زراعة الصخور سبيل لتحقيق صافي انبعاثات صفري أظهرتْ دراسةٌ حديثةٌ إمكانية إسهام المزارعينَ حول العالم في الحد من الانبعاثات الكربونية، وهذا لتحقيق الهدف الذي حددته الهيئة الحكومية الدولية المَعنية بالتغيُّر المناخي (IPCC)؛ صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050. تقترح الدراسةُ أنَّ خَلْطَ أجزاءٍ من الصخور البركانية مع التربة يمكن أنْ يؤدي دورًا فعَّالًا في امتصاص الكربون من الهواء الجوي، كما تُبين الدراسةُ أنَّ البيئاتِ الرطبة والدافئة هي أفضل مواقع تطبيق هذه الآلية المبتكَرة؛ لأجل الحصول على أفضل نتائج.

زراعة الصخور سبيل لتحقيق صافي انبعاثات صفري

أظهرتْ دراسةٌ حديثةٌ إمكانية إسهام المزارعينَ حول العالم في الحد من الانبعاثات الكربونية، وهذا لتحقيق الهدف الذي حددته الهيئة الحكومية الدولية المَعنية بالتغيُّر المناخي (IPCC)؛ صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050. تقترح الدراسةُ أنَّ خَلْطَ أجزاءٍ من الصخور البركانية مع التربة يمكن أنْ يؤدي دورًا فعَّالًا في امتصاص الكربون من الهواء الجوي، كما تُبين الدراسةُ أنَّ البيئاتِ الرطبة والدافئة هي أفضل مواقع تطبيق هذه الآلية المبتكَرة؛ لأجل الحصول على أفضل نتائج.

توفر هذه الدراسةُ إحدى أُولى التقديرات العالمية لنسبة انخفاض ثاني أكسيد الكربون، نتيجةً لإضافة البازلت إلى الأراضي الزراعية حول العالم. وقد نُشِرَتْ في دورية “مستقبل الأرض” التي تصدر عن الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي، وتختصُّ بالبحثِ متداخِلِ التخصصاتِ في ماضي وحاضر ومستقبل كوكبنا وسكانه.

التجوية الصخرية المُحسَّنة

يُطلق على هذا النوع من التدخلات البيئية مصطلحُ “التجوية الصخرية المُحسنة” أو enhanced rock weathering. ونقصد بمصطلح التجوية عمليةَ تحلل وتفتت معادن وصخور التربة على الطبقة السطحية والطبقات القريبة منها، بواسطة العوامل الجوية.

عملية التجوية هي عملية طبيعية تحدث دون أي تدخل بشري، وتتميز بأنها تعزل ثاني أكسيد الكربون في كربونات المعادن، حيث تتفاعل المعادن الموجودة في الصخور مع الهواء والماء؛ لإنتاج معادن وصخور جديدة، في حين تتحد المواد المتبقية بَعد هذه العملية مع المواد العضوية لتكوين التربة.

الفكرة في هذا البحث هي تسريع عملية التجوية الصخرية، للسماح بامتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون؛ للمساعَدة على مكافحة تغيُّر المناخ. الأمر اللافت هنا، هو أنَّ هذه الآليةَ الجديدةَ تُعتبر أكثر الطرق أمانًا لخفض كميات ثاني أكسيد الكربون في الهواء الجوي، مقارنةً بآليات خفض الكربون الأخرى، مثل التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون (CCS).

ويقول عالِمُ المناخِ في جامعة “ييل” وقائد فريق البحث “هان بايك”: «إنَّ التجويةَ الصخريةَ المُحسَّنةَ تمتلك نسبةَ أخطارٍ أقل عند مقارنتها بالتدخلات البيئية الأخرى، كما أنها توفر ميزات جوهرية، مثل تجديد التُّرْبَاتِ المستنزفة، وهو ما قد يجعل لتلك الآليةِ قبولًا مجتمعيًّا أكبر».

تركز هذه الدراسةُ الحديثةُ على مدَى فاعليةِ إضافة صخور البازلت -وهي إحدى الصخور سريعة التجوية، التي تتكون من الحمم البركانية- إلى الأراضي الزراعية حول العالم، كما تُركز على المناطق الجغرافية المؤهَّلة للاستفادة من هذه الصخور بكفاءةٍ أكثر من غيرها.

نموذج محاكاة جديد لحساب التأثيرات

في دراسة سابقة، اعتمد الباحثون على آلية منفصلة لحساب مقدار الخفض في كميات ثاني أكسيد الكربون، بحلول عام 2050، إلا إنَّ باحثِي هذه الدراسة أرادوا النظرَ بعيدًا فيما وراء حدود الدول والوقت الراهن.

استخدم الباحثون نموذجًا جيوكيميائيًّا حيويًّا جديدًا لمحاكاة النتائج التي يمكن الحصول عليها عند إضافة البازلت إلى الأراضي الزراعية حول العالم؛ بهدف خفض ثاني أكسيد الكربون. تهدف تلك المحاكاة إلى اختبار حساسية هذه الآلية للمناخ، بالإضافة إلى إظهار المناطق الجغرافية الأفضل لتطبيق هذه الآلية.

يحاكي النموذجُ الجديدُ التجويةَ الصخريةَ المُحسَّنةَ على 1000 موقع زراعي حول العالم في سيناريوهَي انبعاثٍ مختلفينِ، ما بين 2006 و2080. تُظهر النتائجُ خفضَ تلك المناطق الزراعية لكمية 64 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون على مدار مدة الدراسة المقدرة بخمسة وسبعين عامًا، بتعميم تلك التقديرات على الحقول الزراعية كافةً؛ لتقدير الإمكانات الكاملة للتطبيق العالمي لهذه الآلية. ومن المتوقع عزل ما يصل إلى 217 جيجا طن من الكربون في خلال تلك المدة الزمنية.

مِن الجدير بالذِّكْرِ، هو أنَّ أحدثَ تقارير هيئة IPCC أظهر حاجتنا إلى إزالة ما يتراوح بين 100 إلى 1000 جيجا طن من الكربون بحلول عام 2100، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات بشكلٍ حادٍّ؛ للإبقاء على درجة حرارة الكوكب دون الارتفاع لأكثر من درجة ونصف مئوية. وفي حال التوسع في استخدام الآلية الجديدة لوضع البازلت في جميع الأراضي الزراعية المناسبة حول العالم، فإنَّ تقديرات إزالة الكربون التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة ستتجاوز الحدَّ الأدنى الذي نحتاجه لنمتلك فرصةً أفضل لتحقيق أهدافنا المناخية.

توضح الدراسةُ أنه من المتوقع أنْ تعملَ التجويةُ الصخريةُ المُحسَّنةُ بشكل أسرع في البيئات الاستوائية عند دوائر العرض العليا؛ حيث إنَّ التجويةَ تتم بوتيرة أسرع في البيئات الحارة والرطبة.

تحمُّل التغيُّرات المناخية

أظهر نموذجُ المحاكاةِ نتيجةً واعدةً أخرى، هي أنَّ آليةَ التجويةِ الصخريةِ المُحسَّنةِ يمكنها العمل في درجات الحرارة الأعلى -أيضًا- المتوقعة في المستقبل، وستعمل حينها بشكلٍ أفضل، وهذا على عكس بعض الآليات الأخرى التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة.

وفي هذا السياق، صرَّح “بايك” بأنَّ التجوية الصخرية المُحسَّنة -على نحوٍ مفاجئٍ- مقاوِمةٌ للتغيُّر المناخي، مضيفًا أنَّ النتائجَ التي تحصلوا عليها تُبين -بشكل واضح- أنَّ التجوية الصخرية المُحسَّنة لا تتأثر باختلاف الظروف المناخية، حيث تعمل الآليةُ بالكفاءة نفسها -تقريبًا- في كلا سيناريوهَي الحرارةِ المعتدلةِ والاحْتِرَارِ العالميِّ الشديدِ، وهو ما منح الباحثينَ الثقةَ للاعتمادِ على نتائج المحاكاة حال تطبيق هذه الاستراتيجية على المدى الطويل.

في الوقت الحالي، يضيف المزارعون -بالفعل- ملايين الأطنان من الحجر الجيري إلى حقولهم، بغرض إيصال العناصر الغذائية والتحكم في حمضية التربة؛ لذا فالمزج التدريجي للبازلت ضمن الصخور التي يستعين بها المزارعون في حقولهم، قد يعني تحولًا سلسًا نحو تطبيق آلية التجوية الصخرية المُحسَّنة في إطار واسع؛ وبالتالي خفض كميات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بشكل كبير.

وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أنه قد جرى تطبيق التجوية الصخرية المُحسَّنة على نطاق ضيق في بعض المَزارع، وستتضمن الخطواتُ المستقبلية العملَ على نشر هذه الآلية في نطاق واسع بين مختلف البلدان حول العالم.

زراعة الصخور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى