خطى مستدامة

كيف أخذت لينوفو زِمام المبادرة نحو تحقيقِ الأهداف الاجتماعية والبيئية للاستدامة؟

التكنولوجيا الأكثرُ ذكاءً تَخلقُ مُستقبلًا أكثرَ استدامةً للجميع

التكنولوجيا الأكثرُ ذكاءً تَخلقُ مُستقبلًا أكثرَ استدامةً للجميع

كيف أخذت لينوفو زِمام المبادرة نحو تحقيقِ الأهداف الاجتماعية والبيئية للاستدامة؟

في عام 2017، تلقَّى «بيتر سكوت مورجان» عالمُ الرُّوبُوتاتِ منْ توركواي بإنجلترا خبرًا صادمًا، لنْ يكونَ أمامَهُ سِوَى عاميْنِ فقطْ قبلَ أنْ يَموت، حيثُ تَمَّ تشخيصُه بمرضِ العَصْبُونِ الحركِيِّ النادر، وهو مرضٌ عُضَال، تَتدهورُ فيهِ العضلاتُ إلى درجةِ الشَّلل، إلَّا إنَّ «سكوت مورجان» قامَ بفعلِ المستحيلِ حرفيًّا ليُنقذَ حياتَهُ مستغلًّا علمَه وعقلَه.

بالاعتمادِ على خبرتِه الكبيرةِ في مجالِ الروبوتات، استخدمَ مورجان التكنولوجيا؛ لابتكارِ طُرقٍ للحفاظِ على استمرارِ وظائفِه الحيوِيَّة، كمَّا توصَّلَ إلى طريقةٍ بارعةٍ لمُواصلةِ التواصُلِ معَ النَّاسِ بمُجرَّدِ أنْ فقدَ القدرةَ على التحدُّث، حيثُ قامَ بتسجيلِ 20000 كلمةٍ مختلفةٍ حتى يتمكَّنَ منْ تَجميعِ الجُملِ معًا بصوتِه، وقدْ نجحَ بالفعلِ في مساعيه، وذلكَ قبلَ أنْ يموتَ في يونيو مِنَ العامِ الجاري.

وخلالَ هذهِ السنواتِ القليلةِ الماضيَة، لمْ تمْنعِ الظروفُ الصحيةُ القاتلةُ مورجان أنْ يترُكَ بصمةً في عالمِ التكنولوجيا والاستدامَة، حيثُ تعاوَنَ في سنواتِه الأخيرةِ معَ شركةِ التكنولوجيا العالميَّة «لينوفو» لاستخدامِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في تطويرِ حُلولٍ مبتكرةٍ لمساعدةِ الأشخاصِ الذينَ يُعانونَ منْ ظروفٍ صعبةٍ في كلِّ مكان.

وقال سكوت مورجان: «لقدْ حوَّلْتُ حياتي كلَّها إلى بحثٍ وتجربةٍ لإعادةِ كتابةِ مستقبلي، ولكنَّ الأهمَّ منْ ذلكَ أنَّني حَظِيتُ بفُرصةٍ لإعادةِ كتابةِ المستقبلِ للملايينِ ورُبَّمَا للمليارات».

تحدِّياتُ الاستدامةِ تَفرضُ نفسَها على السَّاحة

يُعَدُّ إنشاءُ عالَمٍ أكثرَ ذكاءً مُهمَّةً أساسيَّةً للعديدِ منْ شركاتِ التكنولوجيا حولَ العالم، ومنهم عملاقُ التكنولوجيا العالمي «لينوفو»، وهي شركةُ خدماتٍ وحلولٍ تِقنيةٍ تضمُّ أكثرَ من 63000 موظفٍ في أكثرَ منْ 66 دولة، وتُقدِّمُ عددًا كبيرًا من المنتجاتِ الإلكترونيةِ الاستهلاكيةِ كالحواسيبَ والهواتفِ الذكيةِ وغيرِها.

وفي ظلِّ الاهتمامِ والوعيِ المُتزايِد، بدأَتِ لينوفو في الاهتمامِ والعنايةِ بالاستثمارِ لابتكارِ تدابيرَ خضراءَ وشاملةٍ ومسؤولةٍ لنفسِها وعُملائِها، واليومَ، تَتعهَّدُ الشركاتُ بتحسينِ الحَوكمةِ البِيئيةِ والاجتماعيةِ وحوكمةِ الشركات، وهي التزاماتٌ كانَتْ ذاتَ يومٍ اختياريَّةٍ ولكنَّها أصبحَتْ إلزاميَّةً بشكلٍ متزايد.

في الآونةِ الأَخيرَة، على سبيلِ المثال، نجدُ لجنةَ الأوراقِ الماليَّةِ والبورصاتِ الأمريكيةَ بدأَتْ في طلبِ كشْفٍ عَنِ البصمةِ الكربونيةِ للشركاتِ المُسجَّلَةِ بِها، وقد تحتاجُ الشركاتُ قريبًا إلى تتبُّعٍ وتخفيفِ آثارِ بصماتِها الكربونيةِ طوالَ سلاسلِ التوريدِ بأكملِها؛ لتتوَافَقَ معَ اللوائحِ والقوانينِ الجديدة.

لا شكَّ أنَّ الشركاتِ أصبحَتْ أكثرَ وعيًا بمدَى تعرُّضِها للقضايَا المتعلقةِ بالحوكمةِ البيئيةِ والاجتماعيةِ وحوكمةِ الشركاتِ والتي تُعرفُ اختصارًا بـ «ESG»، وبالنسبةِ لشركةِ لينوفو، كانَ تتبُّعُ وتقييمُ وتحسينُ بياناتِ الممارساتِ البيئيةِ والاجتماعيةِ وحوكمةُ الشركاتِ هدفًا رئيسيًّا لسنوات، سواءً على المُستوى الداخلي أو على مُستوى العُملاء.

أعلنَتْ «لينوفو» مُؤخرًا عَنِ التزاماتٍ جديدةٍ للحصولِ على 90 بالمائةِ مِنَ الكهرباءِ اللازمةِ لعمليَّاتِها الإنتاجيةِ مِنْ مصادرَ متجددة، والالتزامِ بإزالةِ «مليون طن» من انبعاثاتِ غازاتِ الاحتباسِ الحراريِّ من سلسلةِ التوريدِ الخاصَّةِ بها، ومُواصلةِ زيادةِ إمكانيةِ الوصولِ للجميع، فعلى الرغمِ أنَّ مقرَّها في آسيا إلَّا إنَّ لهَا مكاتبَ في جميعِ أنحاءِ العالم، وتَعتمدُ لينوفو على انتشارِها العالميِّ لابتكارِ حلول ESG داخليًّا، وإذا أثبتَتْ نجاحَها، فتقومُ بطرحِها للعُملاء.

تَستخدمُ لينوفو إطارَ عملٍ مَدعومًا بالبياناتِ لإنشاءِ حلول ESG على نِطاقٍ عالمي؛ ممَّا يُؤدي إلى ابتكاراتٍ يمكنُ أن تؤديَ إلى تغييرٍ رائدٍ سواءً للمستهلكينَ أو عملاءِ الشركةِ على حدٍّ سواء، وتقولُ «لورا كواتيلا» نائبةُ الرئيسِ والمديرةُ القانونيةُ الأولى بالشركة: «تُساعِدُ لينوفو في وضعِ المعاييرِ العالميةِ للحوكمةِ البيئيةِ والاجتماعيةِ وحوكمةِ الشركات، فبالإضافةِ إلى كونِها مسؤوليةً أخلاقيَّة، فإنَّ حلول ESG تخلُقُ فُرصًا جيدةً للدخلِ لشُركائِنا مِنَ المؤسسات، وابتكاراتٍ تضمنُ تكنولوجيا أكثرَ اخضرارًا ويسهُلُ الوصولُ إليها للجميع».

تحديدُ أهدافِ الاستدامةِ على نطاقٍ عالمي

معظمُ الشركاتِ لديهَا التزامٌ صريحٌ بتحسينِ بَصمتِها البِيئية، ولكنَّ قِياسَ تأثيرِ جُهودِ التخفيفِ قد يكونُ صعبًا، فعلى سبيلِ المثال، يمكنُ أن تمثِّلَ الانبعاثاتُ التي تأتي من سلسلةِ التوريدِ الأوسعِ للشركةِ والتي تشمَلُ مُورِّدِينَ ومُصنعينَ آخرينَ من خارجِ الشركةِ ما يصلُ إلى 90 بالمائةِ من إجمالي البصمةِ الكربونيَّة، وبالنسبةِ إلى لينوفو، يعدُّ تقليلُ الانبعاثاتِ عبرَ سلسلةِ التوريدِ بأكملِها أَولويَّةً بما يَشملُ كلَّ عناصرِ السلسلة، والآنَ تعملُ الشركةُ على رفعِ المستوى من خلالِ الالتزامِ بخفضِ انبعاثاتِها الذاتيةِ إلى النصفِ بحُلولِ عام 2030 معَ تقليلِ كَافَّة الانبعاثاتِ من المنتجاتِ والمُوردينَ وعملياتِ النقلِ بمقدار 25%.

تُحقِّقُ لينوفو أهدافًا مثلَ هذهِ من خلالِ الابتكارِ المستمر، فعلى سبيلِ المثال، إحدى التِّقنيَّاتِ الرئيسيةِ التي تُمكِّنُ الشركةَ منْ تحقيقِ خفضِ الانبعاثاتِ هي تقنيةُ التبريدِ السائلِ للحواسيبَ والتي تطلقُ عليها اسم «لينوفو نيبتون»، والتي تَسمحُ بالحَوسبةِ عاليةِ الأداءِ في مراكزِ البياناتِ والتي ينتجُ عنها في العادةِ قدرًا كبيرًا مِنَ الحرارةِ نتيجةَ المعالجةِ المستمرةِ للبيانات، وهو الأمرُ الذي يتسببُ في إنفاقِ الشركاتِ للأموالِ الطائلةِ وزيادةِ بصمتِها الكربونيةِ في الطاقةِ منْ أجلِ عمليَّاتِ التبريد.

باستخدامِ تِقنيةِ نيبتون (التي تَستخدمُ الألواحَ الباردةَ لنقلِ الحرارةِ مِنَ الإلكترونيَّاتِ إلى السَّوائِل)، يمكنُ للشركاتِ تقليلُ استهلاكِ الطاقةِ وزيادةُ الكفاءةِ بنسبةٍ تَزيدُ عنْ 50%، ممَّا يُمكنُها توفيرُ المالِ وتقليلُ التأثيرِ البِيئي. تقولُ كواتيلا: «إنَّ التوفيرَ في الطاقةِ معَ تِقنيةِ نيبتون يُعتبرُ كبيرًا جدًّا، لقدْ حَظيَتْ تِقنيةُ التبريدِ الجديدةِ بشعبيَّةٍ كبيرةٍ وهو أمرٌ منطقيٌّ نظرًا للفوائدِ الكبيرةِ سواءً على الجانبِ الاقتصاديِّ أوِ الجانبِ البِيئي».

ابتكارٌ لتقليلِ الهَدْرِ في كلِّ خُطوة

في عام 2020، زادَ التسوُّقُ عبرَ الإنترنت بنسبةٍ تزيدُ عن 32 في المائةِ ليصلَ إلى «791 مليار» دولار، وهو أعلى مُستوى على الإطلاق، هذا المعدَّلُ استمرَّ في النموِّ بشكلٍ متزايدٍ خصوصًا بعدَ أزمةِ جائحةِ كورونا، هذَا الطلبُ المتزايدُ على الشراءِ الإلكترونيِّ نَتجَ عنه بالضرورةِ كميَّاتٌ غيرُ مَسبوقةٍ مِنَ النُّفاياتِ في شكلِ عبوَّاتِ شحنٍ وتغليفٍ مُهملَة.

في الوقتِ الحالي، على سبيلِ المثال، تُولِّدُ الولاياتُ المتحدةُ نُفاياتٍ بلاستيكيَّةً أكثرَ مِنْ أيِّ دولةٍ في العالم، وتُعيدُ تدويرَ أقلَّ من 10 في المائةِ منها، ومعَ ذلك، فإنَّ التحوُّلَ إلى التسوقِ عبرَ الإنترنت (وما يُصاحبُ ذلكَ منْ ارتفاعٍ في استخدامِ الموادِّ البلاستيكيةِ ذاتِ الاستخدامِ الواحد) ربَّما يُمثلُ فرصةً للتشجيعِ أيضًا على الابتكارِ لإيجادِ الحلولِ المُستدامة، ومنْ ناحيَتِها، عَملَتْ لينوفو على تحسينِ كفاءةِ عبواتِ التغليفِ لأجهزةِ الكمبيوتر الشخصيةِ وغيرِها مِنَ المنتجاتِ الخاصَّةِ بها، باستخدامِ موادَّ أقلَّ ودمجِ موادَّ مستدامةٍ مثلَ البامبو وقصبِ السُّكرِ في الموادِّ المستخدمةِ في التغليف.

تقومُ لينوفو أيضًا بتغييرِ المنتجاتِ الإلكترونيةِ نفسِها سواءً في كيفيَّةِ تصنيعِها أوِ الموادِّ التي تُصنعُ مِنها، ممَّا يضمنُ أنَّه بحلولِ عام 2025، سيَحتوي كلُّ جهازِ كمبيوتر تُصنِّعُه الشركةُ على موادَّ مُعادٍ تدويرُها، معَ ضمانِ إصلاحِ نسبةٍ تصلُ إلى 75 بالمائةِ مِنَ الأجزاءِ التي يتمُّ استبدالُها بمراكزِ الخدمةِ الخاصَّةِ بها لإعادةِ الاستخدامِ في المستقبل، ومِنَ المُتوقعِ أنْ تُساهمَ كلُّ هذهِ المُبادراتِ في إعادةِ استخدام «360 ألف» طنٍّ سنويًّا مِنَ الأجهزةِ التي انتهَى عمرُها الافتراضيُّ بدلًا مِنْ أنْ تتحوَّلَ إلى مُخلفاتٍ إلكترونية، وهو أمرٌ هامٌّ جدًّا للمساهمةِ في الاقتصادِ الدائري، كمَا أنَّ التعديلاتِ والتحسيناتِ التي تَقومُ بِها الشركةُ على مُنتجاتِها ستُؤدِّي إلي تقليلِ البصمةِ البيئيةِ بشكلٍ كبير.

على جانبٍ آخر، ساعدَتْ لينوفو في تطويرِ صناعةِ الإلكترونيَّاتِ الاستهلاكيَّةِ على أنْ تُصبحَ أكثرَ اخضرارًا، وذلكَ منْ خلالِ اختراعِ «عملية لحام» مُنخفضَةِ الحرارةِ للمُكوِّنات؛ ممَّا أدَّى إلى تقليلِ انبعاثاتِ تصنيعِ أجهزةِ الكمبيوتر الشخصيَّةِ بنسبة 35 في المائةِ وزيادةِ مَوثوقيَّةِ المُنتج، وقد بدأَتْ لينوفو في استخدامِ هذه التقنيةِ في عام 2016، ووُصولًا إلى يوليو مِنَ العام 2021، باعَتِ الشركةُ «41.1 مليون» جهازٍ كمبيوتر معَ توفيرٍ في الانبعاثاتِ بمقدار «8.2 مليار» طنٍّ منْ ثاني أكسيدِ الكربون، وبفضلِ طريقةِ اللِّحَامِ المُبتكرَة، وبعدَ الكشفِ عن هذهِ الطريقةِ الجديدةِ في التصنيع، شاركَتْ لينوفو التقنيةَ المستخدَمةَ معَ الشركاتِ المُصنِّعةِ الأخرى لضمانِ الوصولِ إلى أقصَى استفادةٍ مُمكِنَة.

تعزيزُ إمكانيَّةِ الوصولِ للجَميع

تَسعَى لينوفو إلى ضمانِ إمكانيةِ استخدامِ الجميعِ لتِقنيَّاتِها، ولعلَّ ثَمرةَ تعاوُنِها معَ عالِمِ الروبوتاتِ الراحلِ سكوت مروجان تَتلخَّصُ في الكَراسي المُتحركةِ ذاتيةِ القِيادة، والتي يُمكنُها أنْ تُخفِّفَ منْ مُعاناةِ العديدِ مِنَ المَرضَى في مُختلفِ أنحاءِ العالم، وبالإضافةِ إلى ذلك، فلدَى الشركةِ مكتبٌ لتنوُّعِ المُنتجاتِ الذي يَختبرُ كلَّ عُنصرٍ للتأكُّدِ أنَّهُ يمكنُ لجميعِ الأشخاصِ استخدامُه.

التزاماتُ لينوفو بتحسينِ المناخِ وضمانِ إمكانيةِ وصولِ التقنياتِ الذكيةِ على نِطاقٍ عالميٍّ للجميعِ سيكونُ لهَا آثارٌ مُضاعفةٌ للعُملاءِ والناسِ في كلِّ مكانٍ مِنْ خلالِ المُساعدةِ في بناءِ عالَمٍ أكثرَ اخضرارًا، فبالنظرِ إلى المستقبل، يَحتاجُ العالَمُ إلى مضاعفةِ الاستثمارِ في الابتكار؛ وذلك بتعزيز مِنَ الحَوكمةِ البِيئيةِ والاجتماعيةِ والمؤسسيةِ بطرقٍ جَديدة، معَ المتابعةِ والقياسِ لنِسَبِ التقدُّمِ والتحسُّن؛ وذلك حتَّى نَتمكَّنَ مِنَ الاستمرارِ في مُعالجةِ قضايَا تغيُّرِ المناخ، من أجلِ مستقبلٍ أكثرَ إشراقًا.

وكما نرَى، فإنَّ التكنولوجيَّاتِ الذكيةَ الجديدةَ التي تأخذُ مِنَ الاستدامةِ نُقطةَ انطلاقٍ لهَا، يمكنُ أنْ تُؤديَ إلى نتائجَ مذهلةٍ في خفضِ البصمةِ الكربونيةِ للعديدِ مِنَ المُنتجات، أضِفْ إلى ذلكَ الفوائدَ الماليةَ والاجتماعيةَ التي ستَحْظَى بها الشركات، وهوَ مَا يَضعُ مسؤوليةً كبيرةً على عَاتِقِ الشركاتِ خُصوصًا الشركاتِ العالميَّةَ العِملاقة، والتي يُمكنُها أنْ تَصنعَ تَوَجُّهاتٍ جديدةً تُؤثرُ إيجابًا في تحويلِ السلوكِ الاستهلاكيِّ ليكونَ أكثرَ استدامَة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى