ما الآثار البيئية المتوقعة لزيادة تحلية المياه وتغير المناخ في منطقة الخليج حتى عام 2050
ما الآثار البيئية المتوقعة لزيادة تحلية المياه وتغير المناخ في منطقة الخليج حتى عام 2050
درس فريق من الباحثين من المركز العربي لعلوم المناخ والبيئة بجامعة نيويورك أبوظبي (ACCESS) ومركز أبحاث المياه كيف ستؤثر زيادة استخدام تقنيات تحلية المياه جنبا إلى جنب مع تغير المناخ المتوقع على الملوحة في الخليج العربي في العقود القادمة.
تعد الدول المطلة على الخليج العربي الدول الأكثر استخداما لتقنيات تحلية المياه المختلفة؛ وذلك لتلبية احتياجاتهم من المياه العذبة، نظرا لما تحظى به هذه المناطق من خصائص طبيعية تفتقر لوجود مصادر المياه العذبة. ستؤدي زيادة تحلية المياه إلى إطلاق كميات أكبر من المحلول الملحي (عالي التركيز جدا بالملح) والناتج عن محطات المعالجة في مياه الخليج العربي، وحتى الآن لم يتضح تأثير ذلك على النظم البيئية البحرية ومصايد الأسماك في الخليج.
التوسع في محطات المعالجة مع تغير المناخ
في الورقة البحثية التي تحمل عنوانا «تأثيرات الملوحة طويلة المدى نتيجة تحلية المياه في الخليج العربي»، والتي نشرت في Scientific Reports، وجد الباحثون أنه حتى في ظل أسوأ حالات تغير المناخ مع الأخذ في الاعتبار السيناريو المتوقع لتحلية المياه، ستكون الزيادات في الملوحة ضمن نطاق تغير الملوحة الطبيعي الناتج عن عمليات البخر؛ لذلك لا يتوقع أن يكون لهذه التغيرات الطفيفة في الملوحة آثار بيئية على نطاق الخليج، حيث تكيفت الحياة البحرية مع الملوحة الطبيعية العالية والمتغيرة.
كان الاكتشاف الرئيسي للورقة البحثية هو أن أي زيادة في الملوحة ستؤدي إلى زيادة مقابلة في تدفق المياه عبر مضيق هرمز؛ مما سيؤدي إلى تجديد مياه الخليج بشكل أسرع. حتى في سيناريوهات الحالات القصوى لا يتوقع أن تتجاوز الزيادات في الملوحة على مستوى المنطقة الحد الذي سيكون له تأثير كبير على الحياة البحرية في الخليج، مثل النباتات والحيوانات، حيث إن مستويات زيادة الملوحة هذه تقع ضمن النطاق الطبيعي الذي تتعرض له الكائنات الحية في الخليج بالفعل منذ سنوات طويلة.
وعلى يبدو فإن السبب الرئيسي الذي قد يهدد التنوع البيولوجي في الخليج هو حدوث انخفاض أو تقليل نسب الأكسجين في أجسام الكائنات الحية أو في المياه، وهو الأمر الذي سيشكل تهديدا أكبر على الحياة البحرية في كل جزء من الخليج، وكذلك في الشعاب المرجانية القليلة، وذلك كما هو موثق في أوراق بحثية سابقة لهؤلاء المؤلفين وغيرها من الأبحاث في جامعة نيويورك أبوظبي، وهي ظروف لا تتعلق بتصريف المحلول الملحي الناتج عن تحلية المياه.
وبينما حاولت الدراسات الأخرى تقدير زيادة الملوحة على النطاقات الواسعة بسبب تحلية المياه، إلا إن هذه الدراسة هي النموذج الأول من نوعه الذي يأخذ في الاعتبار أيضا الآثار المستقبلية المحتملة لتغير المناخ، وبما أن منطقة الخليج هي موطن لأكبر مجمعات محطات تحلية المياه في العالم، والمسؤولة عن 45٪ من إنتاج تحلية المياه العذبة العالمية، فمن المهم مراعاة الآثار طويلة المدى لهذه الصناعة.
يمكن للبيانات التي تم جمعها في هذه الدراسة بشأن المستويات المتوقعة للملوحة في مياه الخليج الساحلية أن توجه الدراسات المستقبلية لدراسة الآثار الأخرى لتحلية المياه على نطاق واسع، مثل الآثار الاقتصادية للتغيرات في صناعة صيد الأسماك، حيث إن هذه الدراسة أوضحت أنه لن يكون هناك تأثيرات واضحة على مياه الخليج العربي وما تحويه من كائنات نتيجة للتوسع في محطات تحلية المياه.
مستقبل تحلية المياه في منطقة الخليج العربي
قال «فرانشيسكو باباريلا» الباحث الرئيسي في المركز العربي لعلوم المناخ والبيئة بجامعة نيويورك أبو ظبي: توفر أبحاث فريقنا رؤى جديدة وقيمة حول تأثيرات هذه الصناعة الحيوية على منطقة الخليج. لقد طورنا نموذجا موثوقا سمح لنا بالتنبؤ بالتغيرات في الملوحة خلال العقود القليلة القادمة؛ مما أدى إلى تعزيز قدرة فريقنا والمجتمع العلمي الأكبر على تحديد طرق لحماية أنظمتنا البيئية بشكل أفضل.
وقال «جون بيرت» الباحث المشارك في مركز أبحاث المياه التابع لجامعة نيويورك أبوظبي والمركز العربي لعلوم المناخ والبيئة: كما نعلم، فالخليج العربي يعتبر نظاما بحريا بطبيعته، وعبر السنوات والعقود الماضية، تم استخدام جزء متزايد من مياهه لأغراض تحلية المياه، وهو الأمر الذي أثار بعض المخاوف بشأن ما إذا كانت هذه الممارسة قد تكون لها عواقب بيئية، لا سيما في عصر التغير السريع في المناخ.
وأضاف الدكتور بيرت: تظهر نتائج هذا العمل أن زيادة الملوحة حتى في ظل أسوأ التوقعات المناخية وزيادة معدلات تحلية المياه في العقود المقبلة من المرجح أن يكون لها تأثيرات ضئيلة على مستوى الملوحة على نطاق الخليج، كما أنها ستكون ضمن معدلات الملوحة الطبيعية، حيث تتعرض الكائنات الحية في هذا الحوض إلى تباين موسمي في الملوحة بالفعل. وبينما نحتاج إلى مزيد من البحث حول العمليات التي تحدث على مستويات أكثر محلية حول محطات تحلية المياه، تشير هذه النتائج إلى أنه لا يوجد سبب كبير للقلق من زيادة الملوحة على نطاق حوض الخليج العربي؛ نتيجة للتوسع في محطات تحلية المياه.