ما العدالة الاجتماعية؟
ما العدالة الاجتماعية؟
أصبحت العدالةُ الاجتماعية على مدار الزمن محورًا أساسيًّا من محاور بناء المجتمعات، وهي ليست مجرد مفهوم فلسفيّ، وإنما رؤية ومنهج لتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع كله، وتحسين ظروفهم اقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا.
إنَّ العدالةَ الاجتماعية تعكس في جوهرها استجابةَ المجتمع للتحديات التي تواجهه، سواء كانت هذه التحديات في ميدان التعليم ومجال الرعاية الصحية أم في قطاع الاقتصاد. والعدالةُ الاجتماعية مفهوم يطرح تساؤلات حول كيفية توزيع الثروات والموارد توزيعًا عادلًا، وما عوامل تحقيق التوازن بين حقوق الفرد واحتياجات مجتمعه.
وفي هذا السياق، تأتي هذه المقالة لاستكشاف أبعاد العدالةِ الاجتماعية، ومدى تأثيرها في حياة الأفراد يوميًّا، حيث سنتناول التحديات التي تواجه تنفيذها في أرض الواقع، وكيف يمكننا العمل معًا علَى تحقيق تغيير إيجابيّ، وتحسين ظروف الجميع. وأهم سؤال هنا، هو: ما العدالةُ الاجتماعية؟
تعريف العدالة الاجتماعية
ِنقصدُ بالعدالةِ الاجتماعية العدلَ في توزيع الثروة، والتوازنَ في الفرص الاجتماعية بين المواطنين كلهم. ويشير مفهومُ العدالة الاجتماعية -غالبًا- إلى عملية قيام الأفراد بأدوارهم المجتمعية، والحصول علَى ما يستحقونه اجتماعيًّا واقتصاديًّا. وهو أمر قد انتبهت إليه حركات العدالةِ الاجتماعية في العالم كله، حيث أُنشِئتْ شبكاتُ الأمن الاجتماعيّ، وشبكات الأمن الاقتصاديّ، عَبْرَ مؤسسات التأمين الاجتماعيّ والصحة، والتعليم، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدنيّ؛ وذلك كله لضمان توزيع الثروات توزيعًا عادلًا، والعيش في حياة كريمة.
عدالة مصرية
لقد كان هذا المفهوم -وسيظل- محورًا أساسيًّا من محاور “رؤية مصر 2030“، بل إنَّ العدالةَ الاجتماعية حاضرةٌ -بقوة- في دساتير مصر المتعاقبة، حيث اهتمت مصرُ بزيادة سُبل التكافل الاجتماعيّ؛ فقد نَصَّ الدستورُ المصريّ عامَ 2022 على أنَّ المواطنين متساوون أمام القانون، دون تمييز بسبب الدين أو العِرق أو اللغة أو الجنس أو الثروة أو الأصل الاجتماعيّ. كما نَصَّ علَى حق المواطنين كلهم في العمل والعيش الكريم، وحقهم في التعليم والصحة، وكذلك حق السكن الملائم.
ولأجل تحقيق العدالة الاجتماعية -واقعيًّا- استثمرت مصرُ في مشروعات التنمية الاجتماعية الخاصة بالحد من معدلات الفقر ومؤشرات البطالة، كما أطلقتِ الحكومةُ المصريةُ برامجَ اجتماعيةً ذات صلة، مثل: برنامج تكافل وكرامة، وبرنامج دعم الغذاء، وبرنامج حياة كريمة.
تحديات العدالة الاجتماعية
يُعدُّ الفقرُ من بين التحديات التي تواجه تحقيق العدالةِ الاجتماعية، فإنه يتسبب في حرمان عديدٍ من المواطنين من فرص التعليم والصحة والعمل؛ مما يؤدي إلى التفاوت الاجتماعيّ. ويتمثل التحدي الأكبر في التمييز علَى أساس عِرقيّ أو دينيّ؛ مما يؤثر في تحقيق العدالةِ الاجتماعية. وهناك تحدٍّ آخر، وهو الفساد الذي يؤثر في كفاءة الخدمات العامة.
ولكي تتغلب الشعوبُ علَى هذه التحديات فهناك حاجَةٌ إلى التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص -بالتشارك مع منظمات المجتمع المدنيّ- علَى تنفيذ كل ما يمكن أنْ يدعمَ أشكالَ المساواةِ في المجتمع. وبناءً علَى ما سبق، سوف نجيب الآن عن سؤال: كيف يمكننا التغلب علَى تحديات تنفيذ مشروعات وبرامج العدالة الاجتماعية، وما سُبل تعزيزها بين الشعوب؟
طرق دعم العدالة الاجتماعية
تُمثّل العدالة الاجتماعية -كما قلنا سابقًا- هدفًا محوريًّا تسعى إليه شعوبٌ كثيرةٌ؛ إذ إنها قاعدةٌ أساسيةٌ في محاولات التوازن والتطور الشامل في المجتمعات. ولإزالة تلك التحديات والعوائق من أمام تطبيق العدالة الاجتماعية الشاملة بين أفراد المجتمع، يجب علينا تحسين الوصول إلى الخدمات، مثل دعم البنية التحتية في جميع المناطق دون تمييز.
ومِن أهم الجهود التي يمكن بها تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية في أرض الواقع، زيادة الاستثمارات في التعليم والصحة والسكن، حتى تستطيع الحكوماتُ مساعدة أفراد شعوبها علَى تجاوز مشكلات الفقر والبطالة.
في النهاية، يتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية جهودًا مستمرةً، وتوجيهًا دائمًا نحو الاهتمام بالموارد، وهذا من خلال دعم المنظّمات المحليّة، التي تنادي بتحقيق المساواة، سواء عن طريق حضور الندوات أم تفعيل المبادرات التي تُعنى بتعزيز العدالة الاجتماعية.
لذا، يظل مفهومُ العدالة الاجتماعية إشارةً مهمةً تستدعي التأملَ والعملَ؛ فإنَّ السعي نحو توزيع الفرص والموارد -فعليًّا- توزيعًا عادلًا، وضمانَ المساواة في التعليم والصحة؛ يبنيانِ جسورَ الثقةِ والانتماءِ بين أفراد المجتمعات بصورة أكثر تقدمًا وانسجامًا.
ولا نبالغ إنْ قلنا: إنَّ هذه المقالةَ صورةٌ من صور العمل علَى تعزيز مفهوم العدالة في المجتمع، وهو دور تؤديه مجلةُ حماة الأرض بإخلاصٍ وتفانٍ، وهذا من خلال سلسلة (ما…؟)، المَعنية بتوضيح مصطلحات البيئة والتنمية؛ وذلك كله لأجل تحقيق عدالة اجتماعية، في عالم مستدام.