ما الفقر المائي؟
ما الفقر المائي؟
يشهد العالم اليوم أزمةً متناميةً وخطيرةً في ندرة المياه، وهو أمر يؤثر -بشكل كبير- في حياة البشر جميعًا؛ وهذا لأنَّ الماءَ موردٌ حيويّ وضروريّ للبقاء والنمو، فلو تراجعتْ موارده لتعرِّضتِ البشريةُ لأخطار جسيمة، وهو ما حدث بعد تصاعد مشكلة ندرة المياه بسبب التغيُّر المناخيّ، والتلوث، ونمو السكان، وزيادة الطلب على الماء في مجالَي الصناعة والزراعة.
ومن الجدير بالذِّكْرِ، هو أنَّ الفقر المائي يؤثر تأثيرًا مباشرًا في الصحة العامة والأمن الغذائيّ والنمو الاقتصاديّ، مما يُعقِّد مشكلاته الاجتماعية والبيئية؛ لذا علينا أنْ نفهمَ أبعادَ هذه المشكلة، ونبحثَ عن حلول فعَّالة، لأجل مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة.
تعريف الفقر المائي
يُشير الفقر المائي إلى حالة عدم توفر المياه النظيفة والصالحة للشرب والاستخدام اليوميّ. ويُعتبر هذا المصطلح تعبيرًا مُطبَّقًا على الحالة المائية دون غيرها، وهذا وفقًا لتعريف الأمم المتحدة والمنظمات العالمية الأخرى. وتتمثل الجوانب الرئيسية لأزمة المياه في نقص كمية المياه المناسبة للاستهلاك البشريّ.
ومن المعلوم أنَّ الأرضَ ذات إمدادات محدودة من المياه العذبة، وهي المياه التي تأتي إمَّا من باطن الأرض، وإمَّا من الغلاف الجويّ، وإمَّا من الأنهار؛ غير أنَّ بعضَ الناس يظن أنَّ المحيطات تحتوي على كمية كبيرة من المياه الصالحة للشرب، ولكن تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب في الوقت الحاضر يتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة، ويتطلب -أيضًا- أموالًا طائلةً؛ مما يفسر ندرة المياه المالحة المحلَّاة.
والآن، بعد تعريف أزمة الفقر المائي، يجب أنْ نَعرِفَ تأثيراتها السلبية، سواء في الإنسان أم في البيئة ومواردها.
تأثيرات الفقر المائي
- أولًا- التأثير في صحة الإنسان
تُشير الإحصاءاتُ الصادرةُ عن اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية إلى أنَّ ملايين من البشر في حاجَةٍ إلى مياه شرب نظيفة، بالإضافة إلى هؤلاء الذين لا يمتلكون المياه الخاصة بالاستخدام الصحيّ؛ ومن ثَمَّ انتشرتِ الأمراضُ، وزادتِ الوفياتُ بين الذين يستخدمون مصادرَ مياهٍ ملوَّثة. وإنَّ هذه التأثيرات تظهر بصورة أشد على أطفال البلدان الفقيرة، حيث يموتون بسبب أمراض العدوى المرتبطة بنقص المياه النظيفة، وسوء الصرف الصحيّ.
ويعاني متضررو الفقر المائي -بالإضافة إلى ما سبق- صعوباتٍ اقتصاديةً واجتماعيةً، حيث يضطر كثيرٌ منهم إلى انتهاج أساليب غير آمنة عند محاولتهم الحصول على المياه، مثل: السفر مسافاتٍ طويلةً للوصول إلى مصادر المياه، أو الاعتماد على مياه غير نظيفة وغير مأمونة؛ ويتسبب هذا في إضعاف الصحة والتعليم والفرص الاقتصادية للأفراد المتأثرين بهذه الأزمة البيئية.
- آخرًا- التأثير في البيئة والتنوع البيولوجيّ
تؤثر أزمة الفقر المائي -أيضًا- في البيئة؛ إذْ يضطر الناسُ في بعض الأحيان إلى استغلال مصادر المياه بشكل مفرط؛ وهذا لتلبية احتياجاتهم اليومية. وقد يؤدي هذا إلى نضوب مصادر المياه الطبيعية، وتدهور جودتها، وحدوث تأثيراتٍ سلبيةٍ في النُّظم البيئية المائية والتنوع البيولوجيّ. ولكن ما أكثر الأماكن المتضررة من الفقر المائي؟
المناطق المتأثرة بأزمة المياه
هناك دول كثيرة في جميع أنحاء العالم تعاني -بشدة- في مجال الصحة العامة، ونقص المياه الصالحة للشرب، مثل: السودان، وفنزويلا، وزيمبابوي، وتونس، وكوبا؛ لذا تتطلب مواجهةُ أزمة الفقر المائي تبني سياسات واستراتيجيات شاملة ودولية، يمكنها العمل على توفير مياه نظيفة وصحية للجميع، وتحسين إدارة الموارد المائية. ويجب أنْ تتضمنَ هذه الجهودُ الاستثمارَ في بنية تحتية مائية قوية، وتعزيز الوعي بأهمية المحافظة على المياه والترشيد في استخدامها، وتعزيز التكنولوجيا والابتكار في مجال إدارة المياه. يجب أنْ يتعاونَ المجتمعُ الدوليُّ -الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص- على معالجة أزمة الفقر المائي، وضمان توفير المياه النظيفة والصرف الصحيّ للجميع.
في الختام، نؤكد أنَّ الفقر المائي يشكل تحديًا مهمًّا، وهو تحدٍّ يتعين علينا التصدي له بجدية، من خلال ممارسات حكيمة، وسياسات بيئية تراعي التوازن بين الاحتياجات الحالية والاحتياجات المستقبلية؛ لذا علينا التعاون والعمل معًا على تعزيز الوعي بالفقر المائي وأضراره؛ حتى نُحققَ أهدافَ التنمية المستدامة.