حوار مجلة حماة الأرض مع الدكتور/ ممدوح غراب “مُحافظ الشرقية”
حوار مجلة حماة الأرض مع الدكتور/ ممدوح غراب “مُحافظ الشرقية”
الدكتور/ ممدوح غراب:
- محافظة الشرقية هي إحدى سِلال الغذاء المصرية.
- التنمية المستدامة وأهدافهـا المشروع المصريّ الأكبر.
- الشرقية هي المحافظة الأولى في زراعة وتوريد القمح.
اعتاد قرَّاءُ مجلة حماة الأرض أنْ يطالعوا في كل عدد من أعدادها حوارًا خاصًّا مع وزراء ومحافظين ومسئولين رفيعِي المستوى؛ تسليطًا للضوء على أبرز الإنجازات المصرية في مجال دعم التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.
واليوم -من خلال عدد مارس- أنتم على موعد مع مُحافظٍ ذي خبرةٍ طويلةٍ وأكاديميّ مرموقٍ، استطاع أنْ يتخذَ من العِلم سبيلًا إلى دفع قاطرة التنمية في محافظة مهمة مثل محافظة الشرقية؛ لتصبح ضمن أهم محافظات الجمهورية حضورًا في خريطة التنمية المصرية.
في هذا الحوار نزور محافظةَ الشرقيةِ، حيث يوضح مُحافظها -الدكتور/ ممدوح غراب- كيف أصبحت إحدى المحافظات التي تسعى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بخاصة بعد عام 2018، حيث عمل الدكتور/ ممدوح غراب علَى تطوير رؤية ورسالة المحافظة، بما يُحقق أهداف التنمية المستدامة، ويلبي احتياجات المواطنين، ويحقق طموحات المجتمع، وذلك من خلال إدارة الموارد بصورة مستدامة، وجذب الاستثمارات، والحفاظ على الهُوية المصرية؛ توافقًا مع “رؤية مصر 2030”.. فإلى سطور الحوار.
طرحتِ الحكومةُ وثيقةَ التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصريّ 2030، وكان من أهم محاورها تعظيم المنتج المحليّ؛ فكيف تنظر حضرتك إلى دور هذه الوثيقة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وانعكاس هذا على محافظة الشرقية؟
لا شكَّ في أنَّ التنميةَ المستدامةَ وأهدافَها المشروعُ المصريّ الأكبر، وإنني أُومِن بأنها واجب وطنيّ؛ لذا انخرطت محافظة الشرقية لتحقيق هذه الأهداف، وهي -إجمالًا- أهداف تتماشى مع وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصريّ 2030، وحينئذٍ اتجهتِ المحافظةُ في نهاية عام 2018 إلى وضع خطتها الاستراتيجية 2019 – 2023، لتأتي متوافقةً مع الرؤى الاستراتيجية لمصر والأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030، من خلال عدد من الإصلاحات والمشروعات ذات الصلة.
مِن هنا عملنا على تنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتطبيق المساواة ومكافحة الفقر، كما اهتممنا بإرساء القواعد الأساسية لتحقيق الإصلاح الإداريّ، بخاصةً وأنها إصلاحات تساعد على تحسين جودة حياة المواطنين، بالإضافة إلى تنفيذ أكبر عدد من المشروعات القومية، ومنها -بالطبع- مشروعات البنية التحتية.
استطعنا أيضًا تطبيق المواصفات القياسية للمشروعات البيئية؛ لحماية البيئة والحفاظ على مواردها، والتحضر للأخضر، وهو ما نتج عنه إنجازات في تحقيق الأمن الغذائيّ، وتعظيم مصادر إنتاج الغذاء، وتكثيف الرقابة الغذائية، بالإضافة إلى الحفاظ على الثروة المائية بمشروعات قومية عملاقة؛ لتحقيق الأمن المائيّ.
وعلى جانبٍ آخرَ، سَعَتْ محافظة الشرقية إلى الاهتمام بجودة التعليم، وغرس الثقافة الهادفة، لإحداث التنوير العقليّ؛ فأصبح التعليمُ قطاعًا من قطاعات محافظة الشرقية المتوافقة مع المعايير الدولية ذات الصلة. وفي قطاع الصحة استطعنا تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة، وكان هذا من خلال تنفيذ المبادرات الرئاسية والمشروعات الصحية.
وفي مجال الاقتصاد عملنا على تعظيم الموارد، ودعم الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار، حيث نظرنا بعين الاعتبار إلى فتح آفاق جديدة أمام المستثمرين، بالإضافة إلى الاستفادة من الأصول المملوكة للمحافظة، وتحقيق أعلى معدلات التنفيذ في ملفات التقنين والتصالح وإزالة التعديات، وهذا مع تطوير المناطق العشوائية، وتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة.
ومن بين أفضل مشروعات محافظة الشرقية تلك المشروعات الخاصة بِمَيكَنَةِ الخدمات الحكومية، والتوسع في إنشاء المراكز التكنولوجية، وكذلك التحول الرقميّ الذي تَمثَّلَ في: خدمات المراكز التكنولوجية – منظومة الكاميرات – الأرشفة الإلكترونية – الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة. وكان لكل ذلك بالغ الأثر في تحسين جودة الخدمات المقدمة إلى سكان المحافظة بشكل أعمق من ذي قبل؛ ومِن ثَمَّ استطعنا توطين أهداف التنمية المستدامة في محافظة الشرقية.
من أهم القطاعات التي تتضمَّنها استراتيجيات التنمية قطاعُ مياه الشرب والصرف الصحيّ؛ فما الدور الذي تقوم به محافظة الشرقية في هذا الشأن؟
ذَكَرَتُ من قبلُ مدى أهمية أهداف التنمية المستدامة في التحول نحو وطن أكثر استدامةً، وطن يلبي تطلعات الحاضر ويحقق آفاق المستقبل. ولقد آمنتْ محافظة الشرقية بذلك في مساعيها التنموية كلها، كما آمنتْ بأنه لا بُدَّ مِن أنْ يصاحب ذلك ترسيخٌ واهتمامٌ بمشروعات البنية التحتية، كمشروعات مياه الشرب والصرف الصحيّ.
ذلك كله تؤكده الأرقام، حيث استطاعتِ المحافظةُ أنْ ترفعَ عددَ القرى المخدومة بالصرف الصحيّ من 83 قريةً في عام 2018 إلى 335 قريةً في عام 2023، بإجماليّ 36 محطةَ معالجةٍ، كما تم تنفيذ ١٩ مشروعًا في قطاع مياه الشرب؛ لخدمة القرى المحرومة في مراكز المحافظة.
تعكس مؤشرات قياس تمكين المرأة الشرقاوية في مجال العمل صورةً إيجابيةً، فهل استطاعتِ المحافظةُ تحقيق أهداف “رؤية مصر 2030” بخصوص هذا الشأن، أم ما يزال الطريق طويلًا؟
هذا جانب ذو أهمية كبرى، ولتحقيق هذا -فعليًّا- فقد قطعت محافظة الشرقية شوطًا طويلًا، واستطاعت أنْ تحقق نجاحًا مدويًا في مجال تمكين المرأة الشرقاوية، وإذا ما نظرنا إلى الأرقام المحققة في أرض الواقع لوجدنا أنَّ قوةَ العمل من الإناث في الديوان العامّ والمراكز والمدن قد وصلت إلى 7533 من أصل 18830، وهذا بنسبة تصل إلى 40% من قوة العمل الإجمالية، كما استطاعتِ المرأةُ في محافظة الشرقية أنْ تتوظَّفَ في 797 وظيفةً قياديةً من أصل 2546 وظيفةً قياديةً على مستوى المحافظة، وهذا بنسبة وصلت إلى 31%.
وفيما يخص التمكين الاقتصاديّ -من خلال جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر- فقد حصلتِ المرأةُ على 31% من إجماليّ فرص العمل المتاحة، كما نفَّذت ما يقرب من 3027 مشروعًا من إجمالي 8694 مشروعًا، إمَّا من خلال مبادرة وزارة التنمية المحلية، وإمَّا من خلال برنامج “مشروعك”، حيث استطاعتِ المرأةُ الشرقاويةُ أنْ تستحوذَ على 339 مشروعًا من أصل 1018 مشروعًا، بنسبة مئوية وصلت إلى 33%.
تشهد محافظة الشرقية طفرةً تنمويةً غير مسبوقة في قطاعاتها الخدمية، فهل يمكن أنْ تحدثنا عن أبرز ملامح هذا التطور التنمويّ؟
إنَّ ملامحَ التطور التنمويّ في محافظة الشرقية عديدةٌ، ويكفي أنْ نذكرَ كيف أنَّ محافظة الشرقية قد استطاعت تحقيق أعلى المعدلات التنموية، كما تصدرت محافظات الجمهورية كلها في تنفيذ المشروعات الخدمية؛ طبقًا لخطتها الاستثمارية التي ارتفعت فيها معدلات التنفيذ، وكذلك جملة الاستثمارات التي ارتفعت من 498 مليون جنيه في خطة 2018 – 2019، حتى وصلت إلى 872.415 مليون جنيه في خطة العامِ الماليّ 2023 – 2024.
ومنذ أنْ توليت مسئوليةَ محافظة الشرقية في عام 2018 حتى الآن تم تنفيذ ما يصل إلى 2026 مشروعًا -ونعمل حاليًّا على تنفيذ 272 مشروعًا- مما أحدث طفرةً نوعيةً في قطاعات الصرف الصحيّ، ومياه الشرب، والصحة، والمنشآت التعليمية، وقطاع الطرق والكباري، وخدمات الغاز الطبيعيّ، فضلًا عن مشروعات قطاع الكهرباء والطاقة، ومشروعات الإسكان.
ولأنَّ محافظةَ الشرقية هي إحدى سِلال الغذاء المصرية، وحفاظًا على المحصول الاستراتيجيّ الأول للمحافظة – فقد توسَّعتِ المحافظةُ منذ عام 2018 في إنشاء صوامع الغلال، التي وصلت إلى 7 صوامع جديدة، بسعة تخزينية بلغت 170 ألف طن.
ماذا عن المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، خاصةً وأنه قد تم اختيار مدينة الحسينية لتنفيذ هذه المبادرة المهمة؟
لا يمكن الحديث عن خريطة التنمية في محافظة الشرقية دون الحديث عن مركز الحسينية، وهذه الأهمية جعلت منه محورًا أساسيًّا من محاور المبادرة الرئاسية العظيمة لتطوير الريف المصريّ “حياة كريمة“؛ فمنذ انطلاق المرحلة الأولى مِن مشروع “حياة كريمة” عام 2019 وصل عددُ القرى المخدومة في مركز ومدينة الحسينية إلى 41 قريةً، بإجماليّ 907 مشروعات، بنسبةِ تنفيذٍ وصلت إلى 90% في القطاعات الخدمية المختلفة، وبإجماليّ استثمارات وصلت إلى 15 مليار جنيه.
استطاع الجهاز الإداريّ للمحافظة الفوز بجائزة التميز الحكوميّ في دورتها الثالثة، فما الخطوات التي اتخذتها المحافظةُ لتصبح متميزةً على المستوى الحكوميّ؟
لقد انتهجت محافظة الشرقية نهجًا جديدًا، جعلها تتصدر محافظات الجمهورية كلها في عدد من الملفات، فمن خلال الممارسات الجيدة للمحافظة حصلت على 4 جوائز في عام 2019، و10 جوائز في عام 2020، و11 جائزةً في عام 2021؛ وذلك من خلال مسابقة مصر للتميز الحكوميّ.
ومن خلال أبناء المحافظة ومسئوليها استطعنا في عام 2023 الحصول على شهادة الأيزو 2015 – 9001، و2019 – 1809 لديوان عام المحافظة، و3 مراكز تكنولوجية. ويمكن أنْ نرى جهودَ محافظة الشرقية في قطاع الزراعة، الذي تتصدَّره من خلال كونها الأولى في زراعة وتوريد محصول القمح على مستوى محافظات مصر كافةً، ويُتوقعُّ استمرار هذا التصدر في العامِ الحاليّ.
وفي قطاع الاستثمار أصبحت محافظة الشرقية ضمن المراكز الستة الأولى على مستوى الجمهورية بنسبة تقييم 100%، وهذا في مبادرة “حوافز تميز الأداء في إدارة الاستثمار العامّ على المستوى المحليّ” لعامينِ متتالينِ، والذي ترتب عليه حصولها على مبالغ إضافية من الاستثمار الحكوميّ. وأمَّا في قطاع التعليم المستدام فكان للمحافظةِ خطواتٌ ملموسةٌ في أرض الواقع، وهو ما أهَّلها لتكون ضمن شبكة اليونسكو الخاصة بمدن التعليم المستدام لعامِ 2024.
كانت هذه أبرز إنجازات محافظة الشرقية، وهي إنجازات وجهود انعكست في أرض الواقع، محققةً بذلك أعلى معدلات تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أنَّ للمحافظةِ باعًا طويلًا في تنمية مفاهيم الحفاظ على البيئة، وقد تَمثَّل هذا في: رفع المخلفات الصلبة، تغطية المصارف، التخلص من النفايات الطبية، مكامير الفحم صديقة البيئة، تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعيّ، تحويل المخابز من سولار إلى غاز، والتشجير.
وفي النهاية لا يسعنا إلَّا أنْ نشكر الدكتور/ ممدوح غراب -محافظ الشرقية- على هذه الإطلالة التي تُجيب عن أهم أسئلة التنمية وأبرز تحديات البيئة، وهو ما يجعل من الشرقية محافظةً مصريةً مستدامةً.