هل تصبح السفن مولدات للطاقة الخضراء؟
هل تصبح السفن مولدات للطاقة الخضراء؟
في عالم يواجه أزمات بيئية ومشكلات في الطاقة العالمية، يتحول الانتباه نحو البحار باعتبارها مصدرا غير مستغل للطاقة النظيفة والمستدامة، حيث إن الشحن البحري -المسئول عن حوالي 3% من الانبعاثات العالمية وفق تقارير أممية- بات في حاجة إلى تقنيات مبتكرة؛ للحد من بصمته الكربونية.
لذلك ابتكر علماء صينيون تقنية خضراء جديدة من خلال جهاز يُسمى “Heaving oscillators” ويعني بالعربية: “المُهتزَّات المرفرفة”. والهدف من هذه التقنية هو تحويل السفن إلى مولدات للطاقة من خلال الأمواج؛ مما قد يُحدث تحولًا جذريًّا في كيفية عمل الصناعة البحرية؛ ولهذا سوف تلقي حماة الأرض في هذا المقال الضوء على إمكانات هذه التقنية، وقياس مدى تأثيرها المستقبلي في الاستدامة البحرية؛ فتابعوا القراءة.
من الأمواج إلى الطاقة
في الدراسة التي نشرتها مجلة “Renewable Energy” الصادرة عن موقع “Science Direct”؛ استعان الباحثون الصينيون بجهاز “Heaving oscillators” على التقاط طاقة الأمواج البحرية، ثم تحويلها إلى كهرباء، حيث يقوم الجهاز -بعد تثبيته داخل هيكل السفينة- بتحويل الحركة الناتجة عن اهتزاز السفينة في الماء إلى طاقة كهربائية من خلال مولد هيدروليكي.
يتألف الجهاز من إطار قوي مثبت داخل السفينة من الأعلى والأسفل، حيث يتحرك “المُهتز” فوق أعمدة منزلقة مع حركة السفينة. وتستخدم طاقة الحركة لتحريك المولد الهيدروليكي الذي يحوِّل الطاقة الميكانيكية إلى كهرباء.
وقد أظهرت التجارب الأولية أن هذه التقنية يمكنها التقاط 91% من الطاقة الكامنة في الأمواج تحت ظروف مثالية، ويمكن -وفقًا لقائد فريق الدراسة الباحث “ياو ليو”- توسيع نطاق استخدام هذا الجهاز ليشمل هياكل بحرية أخرى، مثل العوامات، والمنصات العائمة؛ مما يفتح آفاقًا جديدة لإنتاج الطاقة البحرية.
سفن تبحر بطاقة الأمواج
بينما تعالج تقنية “المُهتزَّات المرفرفة” احتياج السفن إلى الطاقة الكهربائية، فإنَّ أبحاثًا أخرى تتجه نحو استغلال الأمواج لتحسين أنظمة الدفع؛ إذْ طوَّر فريق من جامعة كرانفيلد البريطانية تقنية تُعرف باسم “Wave Devouring Propulsion”، وتعني بالعربية: “الدفع الملتهم للأمواج”، حيث تستخدم زعانف مشابهة لتلك الموجودة في ذيول الحيتان؛ لتحويل الأمواج إلى طاقة دفع للسفن.
استُلهمت هذه التقنية من حركة زعانف الحيتان، فقد درس الباحثون كيفية استخدام الحيتان للأمواج لتحقيق أقصى دفع بجهد أقل، كما قاموا بتطوير نظام يحاكي هذه الحركة؛ لدمجها في أنظمة الدفع البحري. ويتميز هذا الابتكار بتقليل استهلاك الوقود، وتحسين كفاءة الدفع، وخفض الانبعاثات الكربونية، ويمكن دمجه مع أنظمة هجينة تعتمد على الكهرباء أو الهيدروجين؛ مما يجعله مناسبًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القطاع البحري.
التطبيقات المحتملة وتأثيرها البيئي
تمتد التطبيقات الممكنة لهذه التقنيات إلى السفن التجارية الصغيرة والكبيرة، بالإضافة إلى استخدامها في المنصات البحرية غير المأهولة. وبفضل كفاءتها في تقليل الاعتماد على الوقود التقليدي ستساهم هذه الحلول في خفض التكاليف التشغيلية للشركات البحرية، مع تقليل الانبعاثات الملوثة بشكل كبير.
وعلى الصعيد البيئي تمثل هذه التقنيات فرصة لتقليل الانبعاثات في قطاع بحري يُعد من أكثر القطاعات استهلاكًا للطاقة. وبهذا يمكن أن تصبح البحار مصدرًا مستدامًا للطاقة النظيفة؛ مما يعزز من تحقيق الأهداف المناخية العالمية.
وفي الختام، تؤكد حماة الأرض سعيها الدائم إلى تسليط الضوء على كل ما هو متعلق بتطوير تقنيات الطاقة المتجددة في القطاع البحري وجميع القطاعات الأخرى. وترى أن مثل هذه الابتكارات قد تمثل مفاتيح لأبواب مستقبل أخضر ومستدام، حيث تصبح السفن نموذجا للابتكار البيئي والطاقة النظيفة.