أخبار الاستدامة

تمويل مناخي جديد يدعم خفض الانبعاثات الصناعية

تمويل مناخي جديد يدعم خفض الانبعاثات الصناعية

في خطوة جديدة تعزز مكانتها بين الدول الساعية لتحقيق التحول المستدام، أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في يونيو 2025، اختيار مصر ضمن 7 دول للاستفادة من أول برنامج عالمي مخصص لخفض الانبعاثات الصناعية، بتمويل إجمالي يصل إلى مليار دولار من صندوق الاستثمار في المناخ (CIF).

ويُعد هذا الاختيار الدولي تأكيدًا على مصداقية الاستراتيجية الوطنية المصرية في مواجهة التحديات البيئية، وتحويل الضغوط المناخية إلى فرص تنموية عبر استثمارات خضراء مستدامة، لا سيما في قطاع الصناعة الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني. وانطلاقًا من هذا التقدم تستعرض حماة الأرض في هذا المقال أبرز أبعاد التمويل الجديد، وأثره في تسريع التحول المستدام وتعزيز الصناعات المنخفضة الكربون.

الصناعات المستدامة في قلب التحول العالمي

يشكل خفض الانبعاثات الصناعية تحديًا عالميًّا تتقاطع فيه القضايا البيئية مع مستقبل النمو الاقتصادي، خاصة في الدول النامية. وفي هذا السياق، يقدم برنامج صندوق الاستثمار في المناخ فرصة حقيقية لتبني حلول تكنولوجية مبتكرة في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة والصناعات المنخفضة الكربون.

وفي تصريحاتها، أوضحت الرئيسة التنفيذية لصندوق الاستثمار في المناخ (CIF) “تارييه جباديجيسين” أنَّ إزالة الكربون من القطاع الصناعي باتت أولوية استراتيجية، ليس فقط للحد من تغير المناخ، وإنما لضمان ازدهار الاقتصادات وتهيئتها لمتطلبات المستقبل، وهو ما يعزز أهمية تطوير صناعات جديدة تراعي الاعتبارات البيئية دون التفريط في القدرة التنافسية للأسواق الناشئة.

رؤية وطنية لخفض الانبعاثات الصناعية

ومن جانبها أكدت الدكتورة/ رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن اختيار مصر جاء ثمرة لتقديم ملف وطني متكامل أُعد بالتعاون مع مؤسسات تمويل دولية، منها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية، والبنك الأفريقي للتنمية.

وأشارت الوزيرة إلى أن فوز مصر بهذا التمويل يعكس ثقة صندوق الاستثمار في المناخ في قدرة الدولة على توظيف آليات التمويل الميسر في دعم خفض الانبعاثات الصناعية، ضمن سياق أوسع لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورفع تنافسية الاقتصاد الأخضر، خاصة في مجالات التكنولوجيا النظيفة، وتوسيع قاعدة الصناعات الصديقة للبيئة.

ومن المقرر أن تتعاون مصر مع شركائها من بنوك التنمية والقطاع الخاص لتطوير خطة استثمارية وطنية تركز على خفض الانبعاثات الصناعية، تمهيدًا لعرضها على مجلس إدارة صندوق الاستثمار في المناخ لاعتمادها رسميًّا، وتعد هذه الخطة من المرتكزات الحاسمة لضمان اتساق الجهود بين التمويل، والتكنولوجيا، والسياسات الصناعية المستدامة.

التمويل المناخي يعزز الاقتصاد المصري

وبحسب بيان صندوق الاستثمار في المناخ، فقد تم اختيار الدول السبع، ومن بينها مصر، بناءً على تقييم مستقل أجرته لجنة من الخبراء، استنادًا إلى جاهزيتها المؤسسية والتزامها بالتحول الصناعي المنخفض الكربون، ويستهدف البرنامج تعزيز الصناعات النظيفة وتوفير فرص عمل لائقة، وهذا في إطار توازن مدروس بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، خاصة في القطاعات التي تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.

ويمثل هذا الدعم فرصة استراتيجية لتعزيز تنافسية الصناعة المصرية في السوق العالمي، خاصة مع توقعات بارتفاع قيمة سوق المنتجات الخضراء إلى أكثر من تريليوني دولار بحلول عام 2030، كما يتيح التمويل المناخي لمصر توسيع نطاق الابتكار في الصناعات المنخفضة الكربون، وتقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية، بما يدعم التحول المستدام.

برنامج “نُوفّي” بداية الطريق

ومنذ استضافتها لمؤتمر “COP27” عام 2022، قطعت مصر شوطًا كبيرًا في تطوير أدوات فعالة للتمويل المناخي، كان أبرزها إطلاق المنصة الوطنية “نُوفّي”، التي جمعت تحت مظلتها جهود الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية في نموذج يُحتذى به للتكامل، وقد تُوجت هذه الجهود بنيل مصر -في العام نفسه- المرتبة الأولى في مبادرة “استثمارات الطبيعة والناس والمناخ”، التي أطلقها صندوق الاستثمار في المناخ، وذلك على مستوى دول شمال إفريقيا وأوروبا، تقديرًا لمبادراتها في مجالات الزراعة الذكية، والنظم الساحلية، والصناعات المنخفضة الكربون.

وتسعى مصر إلى استثمار هذا التمويل المناخي لتعزيز برنامج “نُوفّي” باعتباره مظلة وطنية للمشروعات الخضراء، من خلال توسيع نطاق التعاون مع صندوق الاستثمار في المناخ، وتشمل الأولويات الحالية تنفيذ مشروعات في مجالات الزراعة الذكية، والنظم الساحلية المستدامة، وتمويل الأنشطة الزراعية، إلى جانب تحفيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعات توفر فرص عمل خضراء وتدعم التحول الصناعي، بما يسهم في تسريع التكيف المناخي.

وفي الوقت الذي تواصل فيه المؤسسات الدولية إعادة توجيه استثماراتها نحو التحول المستدام، تؤكد حماة الأرض أن مصر تبدو مهيأة لأداء دور محوري في صياغة نماذج إقليمية ناجحة في خفض الانبعاثات الصناعية، مدعومة بشبكة شراكات تمويلية ومؤسسية متكاملة، وبرؤية صناعية قادرة على تحويل الطموح البيئي إلى فرص تنموية ملموسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى