صناعات مستدامة

خارج الصندوق.. 3 طرق مبتكرة لتوليد الطاقة المتجددة

طرق توليد الطاقة المتجددة

خارج الصندوق.. 3 طرق مبتكرة لتوليد الطاقة المتجددة

أصبح الإنسان أكثر احتياجًا إلى الطاقة المتجددة بعدما توسع في أنشطته الصناعية، إلى جانب ارتفاع معدلات النمو الحضري؛ وعلى ذلك يدعو العالم إلى تعزيز الابتكار في مجال الطاقة، من خلال استغلال المصادر المتجددة من حولنا كالطاقة الشمسية، أو من خلال التفكير في تحويل حركة الإنسان والمركبات إلى مصادر تضخ الطاقة والكهرباء النظيفة في جميع القطاعات.

لذلك تصحبكم حماة الأرض في هذا المقال لاستكشاف أبرز التقنيات والابتكارات الواعدة في مجال الطاقة، ولتوضيح كيفية إسهام مثل هذه التقنيات في إعادة تشكيل المدن المستدامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بصورة شاملة وعادلة؛ فتابعوا القراءة.

خطوات على طريق الطاقة المتجددة

من بين الابتكارات الواعدة التي يمكنها إنتاج كهرباء نظيفة هي استخدام الطرق التي تكاد أنْ تكون موجودةً في كل مكان حول العالم، حيث يبلغ مجموعها -تقريبًا- 16 مليون كيلومتر. وبما أنَّ هذه المسافات الطويلة من الطرق تتعرض -يوميًّا- لأشعة الشمس وحركة الإنسان في تنقله وسيره، فضلًا عن المركبات بجميع أنواعها؛ فإنه يمكن الاستفادة منها في توليد الطاقة المتجددة؛ حتى يمكننا الحفاظ على صحة كوكب الأرض.

ومع التقدم التكنولوجي السريع ظهرت رؤية جديدة تهدف إلى استغلال هذه الخصائص الحركية للإنسان والمركبات لتحويل الطرق إلى مصادر للكهرباء النظيفة، دون أنْ يتطلب ذلك تخصيص أراضٍ إضافية، أو إحداث تغييرات جذرية في البنية التحتية.

ويمثل هذا الاتجاه خطوة ثورية في تفعيل البنية التحتية الساكنة، حيث إنها مصدر مستدام، وهو ما يُعد نقلة نوعية في كيفية مواجهة احتياجات الطاقة المتزايدة مع الحفاظ على البيئة في آنٍ معًا؛ فهذه الكهرباء المولدة يمكن استخدامها مباشرةً في تشغيل إنارة الشوارع أو إشارات المرور، كما يمكن تخزينها في بطاريات لاستخدامها لاحقًا، أو إدخالها في شبكة الكهرباء العامة.

تقنيات متعددة لتوليد الكهرباء من الطرق

توليد الطاقة من الحرارة

تتمتع الطرق الأسفلتية بقدرة عالية على امتصاص الحرارة، وهو ما يجعلها بيئة مثالية للاستفادة من هذه الخاصية في توليد الطاقة، حيث إنَّ حرارة الشمس التي تمتصها الطرقات في النهار يمكن أن تُصبح مصدرًا للكهرباء، ومن هنا ظهرت تقنية المولدات الحرارية الكهربائية (Thermoelectric Generator) التي تعتمد على تحويل التباين الحراري بين سطح الطريق وطبقاته السفلية إلى طاقة كهربائية.

وقد بدأت تجارب فعلية للاستفادة من هذه التقنية في جنوب غرب الولايات المتحدة، خاصةً في المناطق الريفية، وذلك لتشغيل الأضواء وأجهزة الاستشعار عن بُعد. ومن المحتمل أنْ تشكل هذه الخطوة قفزة نوعية في استغلال الطاقة الحرارية في البنية التحتية العامة.

تحويل اهتزازات المركبات إلى كهرباء نظيفة

وبالإضافة إلى ما سبق، ظهرت تقنية أخرى مبتكرة تُعرف بالكهروضغطية (Piezoelectricity)، التي تعتمد على تحويل الاهتزازات الناتجة عن مرور المركبات إلى طاقة كهربائية، وذلك باستخدام بلورات حساسة مزروعة تحت طبقة الأسفلت، حيث تستجيب للضغط؛ فتُنتج طاقة نظيفة.

وقد ظهرت هذه الفكرة أول مرَّة في القرن التاسع عشر على يد الأخوينِ “بيير” و”جاك كوري”، غير أنَّ تطبيقاتها العملية لم تبدأ إلا في العقود الأخيرة؛ ففي كاليفورنيا -على سبيل المثال- استثمرت الحكومة الأمريكية أكثر من 2.3 مليون دولار لدراسة جدوى فائدة زرع البلورات الكهروضغطية في الطرق.

تغطية الطرق بالخلايا الشمسية

ومن بين التقنيات المستقبلية الواعدة، تبرز فكرة تغطية الطرق بالخلايا الشمسية الفوتوفولتية (PV، اختصارًا لكلمتَي “photo” التي تعني باليونانية الضوء، و”Volta” نسبةً إلى العالم الفيزيائي الإيطالي “Alessandro Volta” مخترع البطارية الكيميائية عامَ 1800).

وبهذه الخلايا الشمسية المتقدمة يمكننا أنْ نحوِّل أشعةَ الشمس إلى طاقة كهربائية تُستخدم مباشرةً في عمليات تشغيل البنية التحتية، وهي تقنية مطبَّقة بالفعل في بعض المناطق حول العالم، حيث طوَّرت شركة “Solar Roadways” الأمريكية ألواحًا شمسية ذكية مزوَّدة بمعالجات دقيقة وأضواء “LED” للإشارات والعلامات؛ مما يضمن استمرارية تشغيل الطرق بأمان وكفاءة واستدامة.

وفي فرنسا أطلقت شركة “Wattway” مشروعًا تجريبيًّا باستخدام الفكرة نفسها، حيث تم تثبيت الألواح الشمسية الفوتوفولتية عند بوابات دفع الرسوم على الطرق السريعة؛ من أجل تزويد أنظمة الدفع بالطاقة المتجددة مباشرةً.

التحديات والفرص

وبالرغم من هذه التطبيقات الطموحة فلا يزال الطريق طويلًا أمامها، بسبب تكلفة الأنظمة المطلوبة لمثل هذه التقنيات، فضلًا عن تحدٍّ آخرَ متمثِّل في صيانة الخلايا المزروعة أسفل الطريق، وكذلك محدودية المعلومات المتاحة للشعوب والحكومات بسبب ما تحتكره الشركات الخاصة من بيانات بحثية، وهو ما يقلل من فرص الشفافية والتعاون العلمي المفتوح.

ومع ذلك فإنَّ هذه التحديات لا تُغلِقُ الأفقَ الواسعَ الذي تفتحه هذه الابتكارات؛ فهي لا تقتصر على تقديم حلول تقنية فحسب، وإنما تنطوي على رؤية أوسع تُعيد النظر في علاقة الإنسان بالبنية التحتية من حوله، وإعادة التوازن بين البيئة والتنمية الحضرية، وذلك وفق الهدف (7) من أهداف التنمية المستدامة “طاقة نظيفة وبأسعار معقولة”.

وتُمهِّد تلك الابتكارات -أيضًا- الطريقَ للوصول إلى نموذج متكامل للمدن الذكية، التي تندمج فيها ابتكارات الطاقة المتجددة بأدق تفاصيل الحياة اليومية، من إشارات المرور، إلى إنارة الطرق، وذلك كله تطبيق عملي للهدف (11) من أهداف التنمية المستدامة، الذي يدعو إلى بناء مجتمعات محلية ومدن أكثر استدامة.

ولما سبق تؤمن حماة الأرض بأنَّ تحقيق مستقبل مستدام يبدأ من الاهتمام بتفاصيل حياتنا اليومية، وبالبنية التحتية التي قد نراها تقليدية وغير قابلة للتطوير؛ فالطرق التي اعتدنا النظر إليها باعتبارها مسارات للتنقل فقط، يمكن أنْ تتحول إلى شرايين حيوية تعمل على ضخ الطاقة النظيفة في عروق المدن؛ دعمًا للتنمية المستدامة وأهدافها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى