عاصفة رعدية تغرق الإسكندرية بسبب التغيرات المناخية
عاصفة رعدية تغرق الإسكندرية بسبب التغيرات المناخية
ماذا حصل في الإسكندرية؟ وكيف تسببت عاصفة رعدية شديدة وأمطار غزيرة في تعطيل الحياة اليومية، وإغلاق بعض الطرق، وتعرُّض بعض الممتلكات العامة والخاصة لأضرار مختلفة؛ فكان حدثًا مقلقًا لكثير من أهل المدينة وغيرهم؛ لأنه يطرح تساؤلات مهمة عن تأثير التغيرات المناخية في مدننا، وكيف يمكننا الاستعداد لمثل هذه الظواهر في المستقبل.
مِن هنا سوف تسلط حماة الأرض الضوء في هذا المقال على ما حدث في مدينة الإسكندرية في الساعات القليلة الماضية، وكيف كان لمثل هذه التغيرات المناخية أنْ تؤثر بشكل غير مسبوق في طبيعة الطقس الخاص بمدينة الإسكندرية؛ فتابعوا القراءة.
تفاصيل عاصفة الإسكندرية
واجهت مدينة الإسكندرية ليلة أمس -31 مايو- موجة غير معتادة من الطقس السيئ، وعاصفة رعدية شديدة مصحوبة برياح قوية وسريعة؛ مما تسبب في حالة من الفوضى والقلق بين السكان، الذين زادت دهشتهم أكثر حينما تساقطت الثلوج في بعض المناطق.
هذه العاصفة لم تكن مجرد هطول أمطار عادية، بل كانت حالة من عدم الاستقرار الجوي، التي حذَّر منها خبراء هيئة الأرصاد الجوية قبل وقوعها؛ إذْ أصدرت الهيئة تحذيرات من احتمال سقوط أمطار رعدية على السواحل الشمالية، لكنها لم تكن تتوقع قوة الرياح ولا درجة تساقط الثلوج بهذا الشكل المفاجئ.
والنتيجة كانت واضحة على الأرض: الرياح القوية أضرَّت ببعض الممتلكات في عدة أحياء، فضلًا عن تعطل حركة السير، وانقطاع الكهرباء في مناطق متعددة، خاصةً في نفق سيدي بشر الذي غمرته المياه بشكل مفاجئ؛ مما أدى إلى توقف حركة المرور هناك حتى تدخلت فرق الطوارئ لشفط المياه وإعادة الحركة المرورية إلى طبيعتها.
ماذا عن التغيرات المناخية
من منظور خبراء الطقس تُعدُّ هذه العاصفة مؤشرًا على زيادة آثار التغيرات المناخية التي يشهدها العالم؛ فإنَّ تساقط الثلوج في الإسكندرية واشتداد الرياح فيها يدلانِ على أنَّ المناخ المحلي بدأ يشهد تحولات غير متوقعة ربما بسبب الاحتباس الحراري، وزيادة الانبعاثات الضارة، وغيرها من التأثيرات الخطيرة على مستوى البيئة والمناخ.
إنَّ العواصف والسيول ليست مشكلة بيئية أو مناخية فحسب، وإنما هي مشكلة شاملة تؤثر -بشكل مباشر- في معدلات النمو الاقتصادي، حيث يمكنها تعطيل الأعمال التجارية، فضلًا عن ارتفاع تكلفة إصلاح الأضرار؛ وكلها عوامل تؤثر في حياة الناس ورفاهيتهم. وذلك يفرض علينا ضرورة تنفيذ تخطيط حضري في مواجهة آثار التغير المناخي.
وذلك التخطيط الحضري قادر على التكيف مع سيناريوهات الطقس المتغيرة؛ إذْ إنَّ اعتماد تقنيات البنية التحتية الذكية -مثل شبكات تصريف الأمطار الحديثة، وتحديث أنظمة الإنذار المبكر- يمكن أنْ يقلل بشكل كبير من حدة تأثير هذه الكوارث.
التعاون بين القطاعين العام والخاص
ولا يمكن تجاهل الدور المهم الذي يمكن أنْ يؤديه القطاع الخاص في دعم جهود التكيف مع التغيرات المناخية، سواء من خلال الاستثمار في مشروعات البنية التحتية المستدامة أو عبر تبني ممارسات صديقة للبيئة داخل الشركات. وذلك بالإضافة إلى التنسيق بين الجهات الحكومية والمجتمعات المحلية والمؤسسات الخاصة؛ مما يُشكِّل شبكة دعم متكاملة تعزز قدرة المدن على الصمود، وتقلل من آثار الكوارث المناخية على مختلف المستويات.
وهناك نوع آخر من التعاون هو ذلك التعاون بين المواطنين، الذين يجب أنْ يستعدوا جيدًا لأي طقس غير مستقر نتيجة التغيرات المناخية المتطرفة؛ ومن هنا توصي حماة الأرض بتجنب المرور في المناطق التي قد تتجمع فيها المياه الباردة، والابتعاد عن الأشجار وأعمدة الإنارة أثناء مرور الرياح ذات السرعة العالية، ومتابعة نشرات الطقس الرسمية للوقوف على أبرز الظواهر الجوية.
وختامًا، فإنَّ ما حدث في الإسكندرية يؤكد أنَّ التطورات المناخية والتحديات البيئية ليست بعيدة عن حياتنا، وأنها تتطلب منا جميعًا أنْ نأخذ التنمية المستدامة -بكل أبعادها- بجدية، حيث يجب أنْ تتحول الإسكندرية إلى مدينة أكثر قدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية، وتحقيق مستقبل أفضل لسكانها.