خطى مستدامة

عقبات التنمية المستدامة تهدد أهداف 2030 في آسيا والمحيط الهادئ

عقبات التنمية المستدامة تهدد أهداف 2030 في آسيا والمحيط الهادئ

تشهد منطقة آسيا والمحيط الهادئ تباطؤًا مقلقًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث تُظهر البيانات الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ (ESCAP) أنَّ معظم دول المنطقة لن تتمكن من بلوغ هذه الأهداف بحلول عام 2030؛ فقد سجل التقدم في عدة مجالات -مثل حماية البيئة، وتوفير فرص العمل اللائق، وضمان جودة التعليم- تراجعًا واضحًا؛ مما يعكس تحديات متزايدة تعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن من بين 117 هدفًا متاحًا للقياس، هناك 16 فقط تسير على الطريق الصحيح لتحقيقها، في حين يعاني 18 هدفًا من تراجع خطير يستدعي تدخلًا عاجلًا، وقد كانت التحديات المناخية واستدامة البيئة في صلب هذه الانتكاسات، حيث تسببت زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وارتفاع دعم الوقود الأحفوري، وتدهور النظم البيئية، في إبطاء التقدم نحو تحقيق التنمية المستدامة.

كما أنَّ الفجوات في التمويل والاستثمار في البنية التحتية الخضراء يسهمانِ في تعميق المشكلات البيئية؛ مما يهدد مستقبل الأجيال القادمة. وتعد الاقتصادات الناشئة في البلدان الجزرية الصغيرة من بين الأكثر تضررًا، حيث تعاني من ارتفاع معدل الكوارث الطبيعية وندرة الموارد، مما يجعل التكيف مع التغيرات المناخية في ظل هذه الاقتصادات أكثر صعوبة.

وفي الوقت الذي تمكنت فيه بعض الدول من تحقيق تحسن في مجالات الصناعة والابتكار والبنية التحتية -على سبيل المثال- فإنَّ التقدم في مجالات العمل اللائق والنمو الاقتصادي ظل محدودًا؛ مما أثر في ملايين العمال داخل منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خاصة في القطاعات غير الرسمية، بحسب تقرير التنمية المستدامة الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2024.

أين تكمن المشكلة؟

تتجلى الأزمة في عدة مجالات رئيسية، أبرزها أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة، حيث زاد الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية بدلًا من التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة؛ فالتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة (IEA) تشير إلى أن الانبعاثات الكربونية في المنطقة لا تزال ترتفع بسبب اعتماد دول عدة على الوقود الأحفوري باعتباره مصدرًا رئيسيًّا للطاقة؛ مما يؤدي إلى تفاقم أزمة الاحتباس الحراري.

كما أظهرت بيانات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن ضعف مستوى مهارات القراءة والرياضيات بين الطلاب يهدد مستقبل التعليم في العديد من الدول؛ مما يزيد من فجوة عدم المساواة، ويؤثر في فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ فالتعليم الجيد ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، إذْ تشير الدراسات إلى أنَّ تحسين مستويات التحصيل العلمي يؤدي إلى زيادة معدلات التوظيف، وتعزيز الوعي البيئي، وتحفيز الابتكار في القطاعات المستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ التراجع في مجال حماية النظم البيئية -البحرية والبرية- يمثل تهديدًا خطيرًا للاستدامة البيئية؛ فالتدهور المتزايد في الأراضي الزراعية، والانخفاض في العوائد الاقتصادية للصيد المستدام، جعلَا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة كالهدف (14) “الحياة تحت الماء”، والهدف (15) “الحياة في البر”، أمرًا بعيد المنال وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP).

كيف يمكن تجاوز العقبات؟

على الرغم من التحديات المتزايدة فلا تزال هناك فرص لتحقيق تقدم ملموس إذا ما تم اتخاذ إجراءات عاجلة، حيث يمكن تعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين البنية التحتية لمواجهة التغيرات المناخية، وتطوير أنظمة التعليم لضمان اكتساب المهارات اللازمة لمستقبل أكثر استدامة. كما يشير التقرير إلى أن تعزيز الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني سيكون أمرًا بالغ الأهمية لتسريع وتيرة التنمية وتحقيق قفزة نوعية في تنفيذ الأهداف العالمية.

وفي نهاية المطاف، لم يعد السؤال عن تحقيق التنمية المستدامة مجرد قضية نظرية، وإنما أصبح سباقًا مع الزمن يتطلب إجراءات جريئة وتغييرًا حقيقيًّا في نهجنا تجاه البيئة والاقتصاد والمجتمع، ومن هنا تؤمن حماة الأرض بأنَّ الاستدامةَ حجرُ الأساس لمستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى