5 أسباب رئيسية في المحنة البيئية التي يعيشها كوكب الأرض
5 أسباب رئيسية في المحنة البيئية التي يعيشها كوكب الأرض
احتفل العالم في الخامس من يونيو باليوم العالمي للبيئة، والذي جاء -في هذا العامِ- مُرَكِّزًا على حلول مكافحة التلوث البلاستيكي، فلا يخفى على أحد ما تتعرض له الأنظمة الطبيعية -سواء البحرية أم البرية- من خطر داهم بسبب التلوث البلاستيكي، إلا إنَّ المِحَنَ التي تعصفُ بكوكبنا الأزرق لا تتوقف فقط عند البلاستيك.
نلقي الضوء في هذا المقال على 5 أسباب رئيسية في المحنة البيئية التي يعيشها كوكبنا، وهي الأسباب التي حددها تقرير التقييم العالمي الأخير، الصادر عن “المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (IPBES)”.
التغيرات في استخدامات الأراضي والبحار
يُعتبر الدافع الأبرز وراء فقدان التنوع البيولوجي هو الطريقة التي يستخدم بها الناسُ الأرضَ والبحرَ، وهذا يشمل تحويل مساحات أنواع محددة من الأراضي، مثل الغابات والأراضي الرطبة ومستوطنات الموائل الطبيعية الأخرى، حتى الاستخدامات الزراعية والحضرية.
منذ عام 1990 فقدنا حوالي 175 مليون فدان من الغابات، من خلال تحويل أراضيها إلى استخدامات أخرى، وما يزال التوسعُ الزراعيُّ محركًا رئيسيًّا في إزالة الغابات وتدهورها وفقدان تنوعها البيولوجي؛ لذا يمكننا القول: إنَّ النظامَ الغذائيَّ العالميَّ محركٌ خفيٌّ في فقدان التنوع البيولوجي، حيث تشكل الزراعة وحدها تهديدًا لنسبة تفوق 85% من 28 ألف نوع مُعرَّض لخطر الانقراض. بالإضافة إلى ما سبق، تشكل عمليات التوسع العمراني العشوائية وعمليات استخراج المواد -مثل المعادن- من قاع المحيطات – أخطارًا أخرى تؤثر -سلبًا- في البيئة الطبيعية والتنوع البيولوجي، وتضاعف من المحنة البيئية لكوكب الأرض.
من هنا، تُعَدُّ إعادةُ النظرِ في الطريقة التي يتوسع بها العمران، وكذا إعادةُ صياغة الأنظمة – إحدى طرق تقليل الضغط على النظم البيئية. على سبيل المثال، بدلًا من تجريف الغابات من أجل الزراعة، يمكن استصلاح الأراضي الزراعية المتدهورة والمهجورة، وهو ما يمكن أنْ يدعم حماية واستعادة النظم البيئية الحيوية، مثل الغابات والأراضي الرطبة.
تغير المناخ
تضاعفتْ -منذ عام 1980- انبعاثاتُ غازاتِ الاحتباس الحراري؛ فارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار لا يقل عن 0.7 درجة مئوية، وبكل تأكيد يؤثر الاحترارُ العالميُّ في أنواع وأنظمة بيئية كثيرة في جميع أنحاء العالم، ولا سيما النظم الإيكولوجية الأشد ضعفًا، مثل الشعاب المرجانية والجبال والنظم الإيكولوجية القطبية، حيث تشير التقاريرُ إلى أنَّ الزيادةَ في درجات الحرارة الناجمة عن تغير المناخ قد تهدد ما يصل إلى واحد من كل ستة أنواع على كوكب الأرض، وتزيد من المحنة البيئية لكوكبنا.
تمثل النظم البيئية -مثل الغابات والأراضي الرطبة- مخازن طبيعية للكربون؛ وبالتالي فإنَّ لها أهمية عالمية، وحينئذٍ تُعَدُّ المحافظة عليها واستعادتها واستدامتها أمرًا بالغ الأهمية؛ لتحقيق أهداف اتفاقية باريس. من خلال المحافظة على الأنظمة الطبيعية يمكن تقليل الانبعاثات بمقدار يصل إلى 11.7 جيجا طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويًّا بحلول عام 2030؛ أي أكثر من 40% مما هو مطلوب للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
التلوث وأنواعه
التلوث -يشمل هذا التلوث بالمواد الكيميائية والنفايات- محركٌ رئيسيٌّ في المحنة البيئية التي يعيشها كوكب الأرض من تدمير للتنوع البيولوجي وتغيير للنظام البيئي، مع تأثيرات مباشرة -بشكل خاص- في المياه العذبة والموائل البحرية. على جانبٍ آخرَ، تضاءلتْ أعدادُ النباتاتِ والحشراتِ؛ بسبب الاستمرار في استخدام المبيدات الحشرية شديدة الخطورة وغير الانتقائية.
لقد تضاعف التلوثُ البحريُّ بالبلاستيك عشر مرَّاتٍ منذ عام 1980، مما أثر في 267 نوعًا على الأقل، بما في هذا 86% من السلاحف البحرية، و44% من الطيور البحرية، و43% من الثدييات البحرية، ناهيك عن أنَّ تلوثَ الهواء والتربة آخذٌ في الارتفاع.
على الصعيد العالمي، يُعَدُّ ترسب النيتروجين في الغلاف الجوي أحدَ أخطرِ مُهَدِّداتِ سلامة التنوع البيولوجي، فعندما يترسب النيتروجين في النظم الإيكولوجية الأرضية يمكن أنْ تَحْدُثَ سلسلةٌ من التأثيرات التي تؤدي -في كثير من الأحيان- إلى انخفاضٍ إجماليٍّ في التنوع البيولوجي؛ لذا، يُعَدُّ الحدُّ من تلوث الهواء والماء وإدارة المواد الكيميائية والنفايات بأمان – أمرًا ذا أهمية كبرى للتخفيف من محنة كوكبنا.
الاستغلال الجشع للموارد الطبيعية
يكشف تقرير المنبر الحكومي الدولي الأخير -حول الاستخدام المستدام للأنواع البرية- عن أنَّ الاستخدامَ غير المستدام للنباتات والحيوانات لا يهدد بقاء مليون نوع حول العالم فحسب، وإنما يهدد أيضًا سبل عيش مليارات من الناس الذين يعتمدون على هذه الأنواع البرية في غذائهم، ويجعلونها مَصَادرَ لدخلهم.
وفقًا للعلماء، فإنَّ وقفَ تدهور الأراضي والمحيطات وعكس مساره يمكن أنْ يمنع فقدان مليون نوع من الأنواع المهددة بالانقراض ويخفف من المحنة البيئية التي يمر بها عالمنا. بالإضافة إلى هذا، فإنَّ استعادةَ 15% فقط من النظم الإيكولوجية في المناطق ذات الأولوية ستحسن بشكل ملموس حياة العديد من الموائل؛ وبالتالي ستقل حالاتُ الانقراضِ بنسبة 60% تقريبًا.
وفي ضوء ما سبق، يقع على عاتقنا دور كبير في التباحث -من خلال المؤسسات الدولية والحكومات- حول كيفية استفادة المجتمعات المهمَّشة -بما في هذا الشعوب الأصلية- من اقتصاد الكفاف، وهو نظام يعتمد على توفير وتنظيم خدمات النظم البيئية لتلبية الاحتياجات الأساسية لهذه الشعوب؛ نظرًا إلى دورها المهم والحيوي في حماية كثير من النظم البيئية.
الأنواع الغازيَة
الأنواع الغريبة الغازيَة (IAS) هي الحيوانات والنباتات والفطريات والكائنات الحية الدقيقة التي دخلت واستقرت في بيئة خارج بيئتها الطبيعية. تشكل هذه الأنواعُ الغريبةُ الغازيَةُ خطرًا كبيرًا؛ لمَا تسببه من آثار مدمرة في الحياة النباتية والحيوانية الأصلية، مما يتسبب في تدهور أو حتى انقراض الأنواع المحلية، وهذا بدوره يسهم في زيادة المحنة البيئية.
ولعل التطور الكبير الذي شهده اقتصادنا العالمي -وما نتج عنه من زيادة في تنقل البشر وتبادل البضائع- قد جعل من السهل أنْ تنتقلَ كثيرٌ من الأنواع من بيئة إلى أخرى، سواء أكان هذا عن قصد أم لا، حتى أنه أصبح من الشائع أنْ نجدَ أنواعًا تستوطن بيئات جديدة تبعد آلاف الكيلومترات عن مواطنها الأصلية.
لقد تسببتِ الأنواعُ الغريبةُ الغازيَةُ في انقراض الحيوانات -بنسبة 40% تقريبًا- منذ القرن السابع عشر. في الوقت نفسه، تُقَدَّرُ الخسائرُ البيئيةُ من الآفات التي تم إدخالها في دول أستراليا، البرازيل، الهند، جنوب إفريقيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة -على سبيل المثال- بأكثر من 100 مليار دولار أمريكي سنويًّا.
لأجل هذا فإنَّ قضيةَ الأنواعِ الغازيَةِ لا تقل أهميةً عن القضايا الأخرى التي ناقشناها، وسيتطلب الأمرُ جهودًا وتنسيقاتٍ دولية؛ لمنع حركة وتنقل الأنواع الغريبة من بيئة إلى أخرى، مع العمل على استعادة الأنظمة البيئية المتضررة بالفعل نتيجة الاختلال في التوازن البيئي، الذي يكون متلازمًا مع غزو هذه الأنواع الغريبة؛ كل هذا من أجل تخفيف تبعات المحنة البيئية التي يمر بها كوكب الأرض.