خطى مستدامة

4 أسباب تبين لماذا يحتاج العالم إلى الحد من تلوث النيتروجين

4 أسباب تبين لماذا يحتاج العالم إلى الحد من تلوث النيتروجين

النيتروجين هو أحد العناصر الوفيرة في الغلاف الجوي للأرض، وهو العنصر الذي يجعل السماء تبدو بلونها الأزرق الجميل، كما يشكل أساس البروتينات في أجسامنا، ويساعد على خصوبة التربة؛ وبالرغم من هذا فإنَّ النيتروجين الزائد في البيئة يعتبر -بسبب النشاط الإنساني، مثل: استخدام الأسمدة الصناعية، أو تصريف المياه العادمة، أو حرق الوقود الأحفوري- خطرًا داهمًا يلوث عناصر بيئتنا كلها، من أرض وماء وهواء، وقد يؤدي إلى تفاقم ظاهرة تغير المناخ واستنفاد طبقة الأوزون التي بدأتْ في التعافى أخيرًا.

وُصِفَ التلوثُ بالنيتروجين في “تقرير الآفاق” 2018 – 2019، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)؛ بأنه إحدى أهم قضايا التلوث التي تواجه البشرية.

قالت “ليتيسيا كارفالو” المنسقة الرئيسية لفرع المياه العذبة والبحرية في برنامج الأمم المتحدة للبيئة: «يعتبر النيتروجين عنصرًا غذائيًّا أساسيًّا وضروريًّا لبقاء جميع الكائنات الحية على الأرض، ولكن العالم في حاجة إلى أنْ يستيقظ ويعي مدَى خطورة قضايا نفايات النيتروجين، وأنْ يدرك الفرص المتاحة؛ حتى يتخذ إجراءات مشتركة لأجل استخدام هذه النفايات بشكل مستدام».

ونلخص لكم فيما يأتي أربعة أسباب توضح لماذا تحتاج البشرية إلى الحد من تلوث النيتروجين بشكل عاجل وحاسم؟ وهذا لتجنب أي عواقب لا يحمد عقباها في المستقبل.

التلوث بالنيتروجين يعطل الحياة على الأرض وتحت الماء

عندما تتوافر مُرَكَّبَاتُ النيتروجين بحد يفوق استهلاك النباتات، يتسلل النيتروجين الزائد إلى البيئة، وغالبًا ما تجد هذه المركبات طريقها إلى النظم الإيكولوجية المائية، وبمجرد وصول النيتروجين إلى هذه الأنظمة يمكن أنْ يتسبب في زيادة معدلات نمو الطحالب السامة بصورة سريعة، وهي الظاهرة المعروفة باسم الازدهار الطحلبي، حيث تستنفد هذه الطحالبُ الأكسجينَ في الماء، ويمكن أنْ تخلق مناطقَ ساحليةً ميتةً تؤثر في الحياة تحت الماء.

يُعَدُّ التلوثُ بالنيتروجين أحد أكثر المحركات العالمية -من صنع الإنسان- تأثيرًا في تدهور التنوع البيولوجي، جنبًا إلى جنب مع انبعاثات الغازات الدفيئة، ودمار المواطن الطبيعية للموائل. ولمواجهة هذا، تم الانتهاء في ديسمبر 2022 من إعداد اتفاقية عالمية تاريخية لحماية التنوع البيولوجي، وهذا من خلال فعاليات مؤتمر التنوع البيولوجي في مونتريال “COP15″؛ لتضع هذه الاتفاقيةُ أهدافًا للحد من التلوث من المصادر جميعها، وهذا بهدف ألا تكون الملوثاتُ ضارةً بالحياة والنظم البيئية بحلول عام 2030.

النيتروجين له إسهام رئيسي في تغير المناخ

عندما يتعرض النيتروجين في صورته النشطة -كما هي الحالُ في الأسمدة- للتربة تحدث تفاعلات جرثومية تطلق أكسيد النيتروز، ويعتبر هذا الغاز الأخير أقوى 300 مرَّة في تسخين الغلاف الجوي مقارنةً بثاني أكسيد الكربون، كما أنه يظل نشطًا في الغلاف الجوي لأكثر من 100 عامٍ. أضف إلى ما سبق تكاثر الطحالب في البحيرات والمجاري المائية، وهذا -غالبًا- بسبب تسلل الأسمدة إليها؛ فينبعث عنه -أيضًا- كميات من الغازات الدفيئة.

قضية أخرى، هي انبعاثات الأمونيا الزراعية التي هي أحد الأشكال الغازية من النيتروجين، حيث تنبعث في الغلاف الجوي نتيجةً لإنتاج وتخزين واستخدام روث الحيوانات، وانتشار الاعتماد على الأسمدة الصناعية. وعلَى الرغم من أنَّ الأمونيا ليست غازات دفيئة في ذاتها، فإنها تعمل عند إطلاقها في الهواء كقاعدة لانبعاثات أكسيد النيتروز، الذي يُعَدُّ أحد الغازات الدفيئة القوية.

تلوث النيتروجين

التلوث بالنيتروجين يهدد صحة الإنسان

الماء الذي يحتوي على مستويات عالية من النترات -هي شكل من أشكال النيتروجين الناتج عن فضلات الحيوانات وتحلل النباتات- يزيد من خطر إصابة الأطفال بميتيموجلوبين الدم، التي يشار إليها -عادةً- باسم “متلازمة الطفل الأزرق” التي قد تكون قاتلةً. ويمكن أيضًا أن تزيد المستويات العالية من النترات في مياه الشرب مِن خطر الإصابة بالسرطان بين البالغينَ.

تُعَدُّ انبعاثاتُ الأمونيا -إضافةً إلى إسهامها في تغير المناخ- محركًا مهمًّا لتلوث الهواء والتقليل من جودته؛ وبالتالي زيادة الآثار الضارة على صحة الإنسان.

نفايات النيتروجين تُنْهِكُ الاقتصاد

وفقًا لـ “تقرير آفاق” 2018 – 2019 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يكلف النيتروجين الاقتصاد العالمي ما بين 340 مليار و3.4 تريليون دولار أمريكي سنويًّا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تكلفة تأثيره في صحة الإنسان والنظم البيئية؛ لذا ترتبط معظم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بالإدارة المستدامة للنيتروجين، حيث يقول الخبراء: إنَّ استخدامَ هذا العنصر بشكل أكثر كفاءة في إنتاج الغذاء مِفتاحٌ لتقليل فائض النيتروجين المنطلق في البيئة.

مِن الجدير بالذِّكْرِ، هو أنَّ الحكومات قد اعتمدتْ في العامِ الماضي -في الدورة الخامسة المستأنفة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة- قرارًا بشأن الإدارة المستدامة للنيتروجين، وبالرغم مِن أنَّ قرارَ جمعية الأمم المتحدة للبيئة (UNEA) الأول بشأن الإدارة المستدامة للنيتروجين -الذي تم تبنيه في UNEA4 مِن مارس 2019- قد مَهَّدَ الطريق إلى العمل العاجل بشأن النيتروجين – فإنَّ هذا القرارَ الأخيرَ لا يقل أهميةً؛ لتضمنه أهدافًا طموحةً وجدولًا زمنيًّا لتحقيقها بحلول عام 2030 وما بعده.

ولمحاربة أثر التلوث المتفشي في المجتمع، أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة استراتيجية “Beat Pollution” أو التغلب على التلوث، وهي استراتيجية للعمل السريع والواسع النطاق والمنسق ضد تلوث الهواء والأرض والمياه. تسلط الاستراتيجية الضوء على أثر التلوث في تغير المناخ، وتدهور الطبيعة، وفقدان التنوع البيولوجي، واعتلال صحة الإنسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى