خطى مستدامة

ما التلوث البيئي؟

التلوث البيئي

ما التلوث البيئي؟

بسَّطَتْ لكم مجلةُ حماة الأرض في مقالها السابق (ما البيئة؟) مفهومَ البيئةِ، وأهمَّ عناصرِها، كما ذكرتِ المجلةُ أمثلةً تؤكد بها أهميةَ معرفةِ البيئة ومصطلحاتها، وذَكَرَتْ عددًا من ملوِّثَاتِها؛ ومِن هنا -في مقال ما التلوث البيئي؟- سوف تكون لنا وقفة مع هذه الملوِّثات وأشكالها بصورة تفصيلية.

لكن، ينبغي قبل هذا أنْ نُجيبَ عن سؤال: ما التلوث البيئي؟ ولذا نقول: إنَّ التلوث البيئي -طبقًا لتعريف قانون البيئة المصري- هو تغيُّر خواص البيئة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ ويؤدي هذا التغيُّر إلى الإضرار بصحة الإنسان خاصةً والكائنات الحية عامةً، وكذلك الإضرار بالطبيعة ومواردها. وتنبغي هنا الإشارةُ إلى أنَّ الملوثات البيئية هي تلك العناصر الناتجة عن نشاط الإنسان -أو أي نشاط طبيعيٍّ آخرَ- حيث تتسرب إلى النظام البيئي كله، مسببةً أضرارًا ومشكلات بيئية لا حصر لها.

إذن، كل تغير حاصل في الهواء أو التربة أو الماء يُعَدُّ تلوُّثًا، وإنَّ إفسادَ مكونات البيئة وعناصرها بالسلوكيات غير المسئولة هو الخطوة الأولى نحو التلوث البيئي، ومن أمثلة هذه السلوكيات السلبية: القمامة التي تُلقَى في أماكن غير مخصصة لها.

إنَّ التلوث البيئي ظاهرةٌ سَلَّطَتِ الحكوماتُ الضوءَ عليها في العقود الأخيرة، وهو مشكلة من المشكلات التي أخذت أبعادًا اقتصاديةً واجتماعيةً علَى قدر كبير من الخطورة، لا سيما بعد دخول الإنسان عصرَ الثورة الصناعية. ومِن أنواع هذا التلوث البيئي: عوادم السيارات التي تسير بالوقود التقليدي، وزيادة عدد السكان؛ فلا يشك أحدٌّ في وجود عَلاقة مطردة بين زيادة عدد السكان وزيادة الملوثات البيئية الضارة، فكلما كانتْ أعدادُ الناسِ متزايدةً في مكان ما تدهور نظامه البيئي وتضررت موارده، وهذه الصورة الأخيرة أقرب الصور التي توضح مفهوم التلوث البيئي.

ويمكن أنْ نضيف إلى أسباب التلوث البيئي سببينِ آخرينِ، هما: الأحياء العشوائية، التي يرافقها -دائما- انخفاضٌ واضحٌ في مؤشرات الصحة العامة؛ بسبب انتشار القمامة، والضيق العمراني الذي يكون عاملًا من عوامل التدني البيئي في كل مستوياته. والسبب الآخر: انخفاض مستوى التعليم؛ فحينما يغيب الوعي بقضية ما، تصبح هذه الأخيرةُ جهدًا زائدًا علَى الحكومات، وتصبح معالجةُ مثل هذه المشكلات -جذريًّا- صعبةً في ظل غياب الوعي، وتفشي نظرة اللامبالاة في الواقع الذي نعيشه.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنَّ الإنسانَ ليس السبَبَ الوحيدَ في هذه الأفعال المضرَّة بالبيئة، فهناك ملوثات ليست ناتجةً عن نشاط الإنسان، مثل: الصواعق، والبراكين، والعواصف التي تحمل الأتربة والرمال؛ فتتلف ما في الأراضي الزراعية من مزروعات ومحاصيل.

التلوث البيئي

من هنا، يمكننا تقسيم الملوِّثات البيئية إلى ثلاثة أقسام، هي:

الأول– الملوِّثات الفيزيائية، وهي الإشعاعات، الحرارة الشديدة، الضوضاء، الاهتزازات، الأمواج الكهرومغناطيسية، تسريب مياه الصرف الصحي، المواد البلاستيكية، والنفايات الصناعية؛ وأشدها مخلفات مصانع الأسمنت.

الثاني– الملوثات الكيميائية، وهي النفط -خاصة عندما يتسرب إلى البحار مصيبًا البيئةَ المائيةَ- الزيوت، الرصاص، غازات البراكين، مادة الزئبق، المبيدات، الحرائق، وعوادم السيارات.

الأخير– الملوثات البيولوجية، وهي كائنات حية دقيقة، يعيش بعضها في أمعاء الإنسان أو الحيوان، حيث إنَّ طرحَ الفضلات البشرية في الأنهار أو رمي الحيوانات الميتة في المصادر المائية سببٌ رئيسي في المشكلات البيئية.

أنواع التلوث البيئي

للتلوث البيئي أنواع عدة، فمنه ما هو متعلق بالهواء، ومنه ما هو مرتبط بالماء، وآخر بالتربة. وسوف نركز في هذا المقال علَى تلوث الهواء؛ لأنه أكثر أنواع التلوث البيئي انتشارًا، ومعناه اختلاط الهواء بوقود العادم أو الدخان أو غيرهما من الملوثات. ويوجد نوعانِ رئيسيانِ من تلوث الهواء، هما: تلوث خارجي، وتلوث داخلي.

إنَّ تلوثَ الهواء الخارجي نتيجةٌ لاحتراق الوقود الأحفوري، ومكيفات الهواء التي يستعملها الناس في مساكنهم، والضباب الدخاني -هو أكثر ملوثات الهواء الخارجي شيوعًا- الذي تُشكله الغازاتُ مع الضباب المتكوِّن فوق المدن؛ بسبب احتراق البترول ومشتقاته.

وهناك تلوث الهواء الداخلي، الذي يحدث بسبب احتباس الملوثات داخل المباني التي تستعمل أنظمة تهوية قديمة. ومِن أنواعه: دخان السجائر، وغازات الأفران، والأبخرة المنبعثة من مواد البناء، مثل: العوازل، والبويات، والأصماغ.

التحكم في التلوث البيئي ومكافحته

هناك جهود كثيرة تُبذلُ للحد من استعمال المواد الضارة في البيئة، حيث يسعى العالم الآن إلى التحكم في تلوث الهواء، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإدارة النفايات الصلبة -وكذلك النفايات الخطرة- بصورة مسئولة، وإعادة التدوير. لكن، ما تزال هذه الجهود ضعيفةً في البلدان النامية؛ ففي هذه البلدان نجد مستويات التَّلَوُّثِ البيئي مرتفعةً جدًّا.

في نهاية المقال، تؤكد مجلة حماة الأرض أنَّ التَّلَوُّثَ البيئي -ومصطلحاته- سيكون حاضرًا بقوة في العمل الدولي المتعلق بالمناخ وما تحدثه تغيراتُه من آثار ضارة بالبيئة ومواردها؛ ولذا تظل المجلةُ داعيةً -من خلال سلسلة ما…؟- إلى مستقبل مستدام خالٍ من التَّلَوُّثِ البيئي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى