الخطى المستدامة لرولز رويس في قطاع الطيران
الخطى المستدامة لرولز رويس في قطاع الطيران
لانبعاثات الطيران إسهام رئيسي في تغيُّر المناخ، حيث يؤدي حرق وقود الطائرات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون (CO2)، وهو أحد الغازات الدفيئة الرئيسية، بالإضافة إلى إطلاق كميات كبيرة مِن غازات الاحتباس الحراري الأخرى، مثل أكاسيد النيتروجين (NOx)؛ لذلك فإنَّ إيجاد طرق لتحسين كفاءة الوقود -مع الحفاظ علَى قدرة الطيران لمسافات بعيدة- يعتبر خطوةً مهمةً لتقليل التأثير السلبي والبصمة الكربونية لصناعة الطيران.
مع استمرار نمو عدد سكان العالم والطلب المتزايد على التنقل، أصبح النشاط البشري أشد تأثيرًا في تسريع الآثار السلبية لتغير المناخ؛ لذلك تعمل الشركات الرائدة في صناعة الطيران على مجابهة هذه الآثار، سعيًا منها إلى تحويل هذه الصناعة إلى الاستدامة، ولعل من أبرز هذه الشركات رولز رويس.
حلول تكنولوجية صديقة للبيئة
ربما سيتعجب البعض عندما يعرف أنَّ الشركة الإنجليزية رولز رويس ليست علامة تجارية لإنتاج السيارات الفارهة باهظة الثمن فحسب، وإنما هي في الأساس شركة عاملة في صناعة محركات الطائرات، إلا إنها عبر العقود المتتابعة في القرن الماضي حجزت لنفسها مكانة مرموقة في عالم صناعة السيارات؛ بفضل طرازاتها المختلفة التي دائما ما نراها في مواكب أمراء ونبلاء المملكة المتحدة، وكذا أصحاب الثروات الطائلة.
وفي إطار جهودها الإبداعية في تطوير قطاع الطيران، يأتي محركها المروحي النفاث F130، وهو حل مبتكر لزيادة كفاءة الوقود ومدَى الطيران، مع تقليل الانبعاثات في الهيدروكربونات غير المحترقة وأكاسيد النيتروجين، بالإضافة إلى خفض تكاليف الصيانة.
تتمثل إحدى الميزات الرئيسية لمحرك F130 في الطريقة المتقدمة التي يستخدمها المحرك في حرق الوقود، التي تعمل على خفض انبعاثات المحرك عن طريق تقليل أكاسيد النيتروجين، حيث تعتبر الأخيرة صاحبة إسهام كبير في تلوث الهواء، وسببًا رئيسيًّا في الآثار البيئية الضارة التي تنتجها الطائرات.
يتضمن المحرك أيضًا عددًا آخرَ من التقنيات المتقدمة، مثل مواد التصنيع ونوع الطلاء، والتي تساعد على تحسين الأداء البيئي للمحرك، بالإضافة إلى تقليل تكلفة ودورية الصيانة؛ وبالتالي تحسين الكثير من الجوانب المتعلقة بالاستدامة.
فاعلية مثبتة
استثمرت رولز رويس حوالي 600 مليون دولار أمريكي في برامج التطوير والتحديث والتكنولوجيا الخاصة بها، باعتبار هذا جزءًا من التزامها بتقديم حلول تكنولوجية صديقة للبيئة ومبتكرة، وهي الاستثمارات التي مهدت الطريق أمام العملاق الإنجليزي إلى تَبَنٍّ حقيقي لتقنيات تصنيع أكثر حداثةً؛ لينتج عن هذه الجهود محرك F130 الأكثر صداقة للبيئة، الذي بدأ أولى خطواته في الانتشار على نطاق تجاري واسع، سواء في أغراض نقل المسافرين، أم في أغراض الشحن الجوي، وحتى في أغراض الطيران العسكري.
تمثل مراحل الاختبار الأخيرة خطوة مهمة في مسار تطوير محرك F130، وهذا قبل الاعتماد عليه على نطاق واسع في تشكيل مستقبل صناعة الطيران المستدام بشكل عامٍّ، إلا إن رولز رويس تؤكد مِن خلال تجاربها أنَّ المحرك الجديد خيار فعَّال وخطوة حقيقية نحو صناعة طيران ذات بصمة كربونية أقل.
يعمل F130 على زيادة كفاءة الوقود، وبالتالي تقليل دورية إعادة التزود بالوقود في الهواء بالنسبة إلى الطائرات العسكرية، ومن ناحية أخرى يؤدي إلى تقليل كلفة الصيانة بشكل ملحوظ، وذلك طبقًا للتجارب التي أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية وشركة بوينج، في ظل عمل مزيد من الاختبارات في وكالة ناسا.
ومن خلال استراتيجيتها في الحد من التأثير البيئي، تؤكد رولز رويس مَدى التزامها بمراعاة أهداف المناخ العالمية لعامي 2030 و2050، من خلال ضمان توافق منتجاتها الجديدة والمبتكرة مع المناحي البيئية المختلفة.
وفي الختام، ستصنع رولز رويس محركات F130 في منشأة رولز رويس إنديانابوليس – أكبر مصنع إنتاج في الولايات المتحدة، مما سيسمح للشركة بتلبية الطلب الكبير المتوقع على هذا المحرك الجديد، والذي يمكن أن يشكل مستقبلًا أكثر اخضرارًا، ويفتح آفاقًا جديدةً في صناعة الطيران.