اليوم العالمي للتربة.. القلب النابض للأرض
اليوم العالمي للتربة.. القلب النابض للأرض
التربة هي الأساس الذي تقوم عليه الحياة فوق كوكبنا، فهي تُنتج الغذاء، وتخزن المياه، وتدعم التنوع الحيوي، وتلعب دورًا رئيسيًّا في تنظيم المناخ. وفي عام 2002 أدرك الاتحاد الدولي لعلوم التربة أنه لا بد من أن يكون هناك يوم عالمي للتربة؛ ليركز على أهميتها المتزايدة، ويدعو إلى الإدارة المستدامة لمواردها.
بدأت فكرة الاحتفال بيوم عالمي للتربة عام 2002، بناءً على توصية من الاتحاد الدولي لعلوم التربة (IUSS) ، وقادت المملكة التايلاندية هذه الجهود بالتعاون مع الشراكة العالمية للتربة، وتحت مظلة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، التي دعمت إنشاء هذا اليوم باعتباره منصة عالمية لزيادة الوعي.
وفي يونيو 2013 وافق مؤتمر الفاو -بالإجماع- على يوم التربة العالمي، وطالب باعتماده رسميًّا خلال الدورة (68) للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي ديسمبر من العام نفسه أقرت الأمم المتحدة رسميًّا الخامس من ديسمبر 2014 باعتباره أول احتفال بيوم التربة العالمي.
وقد تم اختيار الخامس من ديسمبر تكريمًا للملك الراحل “بوميبول أدولياديج” -ملك تايلاند- لما قدَّمه من دعم في الجهود العالمية للحفاظ على التربة، ليصبح هذا اليوم منصة عالمية تدعو إلى إدارة التربة بشكل مستدام، وحمايتها من التدهور والتلوث، وتذكيرنا بأن مستقبلنا الغذائي والبيئي مرهون بصحة التربة ومواردها. لكن، وسط تسارع التغيرات البيئية أصبحت التربة في خطر متزايد؛ فما الذي يجعل التربة بهذا القدر من الأهمية؟ وكيف يمكن أن يساهم الوعي العالمي في الحفاظ عليها؟
تحديات تهدد التربة
بالرغم من دورها الأساسي في حياتنا تواجه التربة تهديدات خطيرة؛ فالأنشطة البشرية غير المستدامة والتغير المناخي يؤثران بشكل مباشر في صحتها، كما تفقد التربة قدرتها على تخزين المياه والعناصر الغذائية بسبب التآكل والتلوث؛ مما يؤدي إلى تدهور الإنتاجية الزراعية، ونقص الفيتامينات في غذائنا.
ولا يؤثر تدهور التربة في الزراعة فقط، وإنما يمتد ليهدد الأنظمة البيئية بأكملها؛ فهناك آثار خطيرة أخرى تجب مواجهتها بقرارات جريئة، مثل تقليل التنوع الحيوي في التربة، وزيادة انبعاثات الكربون، وانخفاض قدرة التربة على تخزين المياه.
حلول لإعادة التوازن إلى التربة
لحماية هذا المورد الحيوي نحتاج إلى تبني ممارسات إدارة مستدامة. وتشمل هذه الممارسات الحرث البسيط، وتناوب المحاصيل، وإضافة المواد العضوية. هذه الأساليب لا تعمل على تحسين جودة التربة فقط، وإنما تُعزز أيضًا قدرتها على تخزين الكربون؛ مما يجعلها حليفًا مهمًّا في الحد من تغير المناخ.
تبرز حملة يوم التربة العالمي لعام 2024 -تحت شعار “رعاية التربة: قياس، مراقبة، إدارة”- أهمية البيانات الدقيقة لفهم خصائص التربة، واتخاذ قرارات مستدامة بشأن إدارتها.
في النهاية، التربة ليست مجرد مورد طبيعي، وإنما هي أحد أهم شرايين الحياة التي تغذي الكوكب. لكن هل سنتمكن من حمايتها في مواجهة التحديات المتزايدة؟ وكيف يمكن أنْ يساهم الأفراد والحكومات في الحفاظ على هذا الكنز للأجيال القادمة؟