خارج الصندوق.. طاحونة الهواء الرأسية خطوة استدامية
خارج الصندوق.. طاحونة الهواء الرأسية خطوة استدامية
منذ قرن من الزمان أو يزيد أصبح للإنسان أنشطة صناعية عديدة، حتى ازداد نموه الاقتصاديّ؛ وهو ما تسبب في ظهور قضايا مناخية خطيرة، كان من بينها الاحترار العالميّ، الذي أوجب علَى جميع بلدان العالم النظر بعين الاعتبار إلى تحديات المستقبل في مجال الطاقة؛ لإعادة تخضير الأرض من جديد، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة في العالم كله.
لقد أصبحت وتيرةُ التصنيعِ والعملياتُ الإنتاجيةُ أكثر تسارعًا جيلًا بعد جيلٍ، وهناك كان علَى الإنسان أنْ يستخدمَ المتاحَ أمامه من موارد الطاقة، التي كانت -يا للأسف- من الوقود الأحفوريّ؛ أي الفحم والغاز والنفط. ذلك النهج في استخدام الطاقة غير المتجددة جعل الأرضَ علَى صفيحٍ ساخنٍ؛ فكان علَى دول العالم محاوَلةُ استكشاف الحلول للتحول عن هذا النوع من الوقود، ومن بين هذه الحلول كانت طاقة الرياح.
الرياح مصدر طاقة متجدد
في السنوات الأخيرة أصبحتِ الرياحُ حلًّا واعدًا وأكثر استدامةً، وتستطيع مساعدة الأرض علَى تجاوز محنة المناخ الحالية؛ وهذا كان سببًا في أنْ تُنشِئَ دولةٌ مثل مصر مشروعاتٍ معتمِدةً علَى الرياح، أو ما يسمى بمزارع الرياح.
هذه المشروعات الخاصة بتوليد الطاقة من الرياح قائمةٌ علَى استخدام طواحين الهواء التقليدية، التي تأتي بشفرات أفقية (HAWT)، حيث يتكون هذا النوع من الطواحين الهوائية من شفرات تشبه شفرات المروحة، وهذه الشفرات تكون فوق برجٍ عالٍ، ومصنوعٍ من الفولاذ، ويوضع فوق قاعدة خرسانية.
(VAWT) جيل جديد من طواحين الهواء
تعتمد طاحونة الهواء الأفقية علَى توجيه شفراتها عن طريق محور أفقيّ في مواجهة رياح شديدة، مثل الرياح الآتية من سواحل البحار، أمَّا اليوم فهناك طاحونة هواء رأسية تعتمد علَى محور رأسيّ -عموديّ- بالنسبة إلى اتجاه الرياح.
تكون شفراتُ طاحونة الهواء الرأسية -يطلق عليها vertical-axis wind turbine، واختصارًا: VAWT- في وضع رأسيّ قريب من سطح الأرض، بخلاف طاحونة الهواء الأفقية التي تكون فوق سطح الأرض بمئات الأقدام.
وهذا الجيل المبتكَر من طواحين الهواء لا يحتاج إلى توجيه شفراته بصورة آلية، لأنَّها تكون ذات اتجاهات متعددة؛ مما يعني أنها تلتقط الرياح -متى وُجِدَتْ- من كل الاتجاهات؛ وهذا معناه أنها قادرة علَى توليد الكهرباء دون تدخل آليّ، وإنما عن طريق عملية مستدامة تمامًا.
ويُعدُّ التكوينُ غير المعقد -إضافةً إلى ما سبق- ميزةً من مميزات طاحونة الهواء الرأسية، وهذا يجعلها أقل احتياجًا إلى الصيانة مثل طاحونة الهواء الأفقية ذات التركيب المعقد، بالإضافة إلى إمكانية وضعها في مساحات متقاربة، كما أنها ذات تكاليف تصنيعية أقل؛ وبالتالي تكون تكلفتها الشرائية أقل أيضًا، مما يجعلها حلًّا مستدامًا على نطاق واسع.
طواحين هواء رأسية على الطريق
التصميم الميكانيكيّ لطواحين الهواء الرأسية جعلها مرنةً في كثير من الاستخدامات، ومنها توربينات الرياح ذات المحور العموديّ، التي يمكن وضعها في منتصف الطرق السريعة، حيث تعمل الرياحُ المتولدة عن حركة المَركَبات من كلا جانبَي الطريق -في اتجاهينِ متعاكسينِ- علَى دوران طاحونة الرياح بسرعات أعلى.
هذا الاستغلال المبتكر لطواحين الهواء الرأسية يضمن توليد الكهرباء حتى في الأوقات التي لا تنشط فيها الرياح، في حين يتم استغلال الكهرباء المتولدة في إنارة الطرق بشكل مستدام، بالإضافة إلى توصيل الفائض من إنتاج هذه الكهرباء إلى محطات شحن السيارات الكهربائية علَى طول الطريق.
لقد حاولنا -بما سبق- أنْ نسلط الضوءَ علَى فكرة مبتكرة وأسلوب مستدام في مجال واعد وجاذب للاستثمار علَى المدى الطويل. وهي واحدة من الأفكار التي تتناولها حماة الأرض بالشرح والبيان -ضمن سلسلة خارج الصندوق– لتكون نهجًا متبعًا في مجالات كثيرة، ولنستطيع بمثل هذه الأفكار والابتكارات تحقيق أهداف التنمية المستدامة.