كيف يكافح الحمص تأثير التغير المناخي؟
كيف يكافح الحمص تأثير التغير المناخي؟
قبل الحديث عن نبات الحمص علينا أنْ ندركَ أنَّ التغير المناخي أصبح واحدًا من أبرز التحديات التي تهدد الأنظمة الغذائية في جميع أنحاء العالم؛ لأنَّ أوقات الجفاف الطويلة أصبحت واقعًا في المناطق التي كانت تُعتبر في السابق بعيدةً عن هذه الظاهرة.
وذلك التحول الخطير يُلقي بظلاله الكئيبة على إنتاج المحاصيل الزراعية، ويهدد الأمن الغذائي لملايين البشر؛ لهذا سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال -مقال: كيف يكافح الحمص تأثير التغير المناخي؟- دور الحمص في مواجهة ظواهر التغير المناخي، وإسهامه في تحقيق الأمن الغذائي وكل أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة تحقيق الهدفين (1) (2) القضاء على الفقر، والقضاء التام على الجوع.. فتابعوا القراءة.
زراعة مقاومة للجفاف
في جامعة فيينا أظهرت دراسة حديثة أنَّ الحمص -ذلك النبات التابع لفصيلة البقول- ذو تنوع جينيّ طبيعيّ، وهذا يجعله قادرًا على التعامل مع ما يُسمَّى بإجهاد التربة الناتج عن الجفاف. ليس هذا فحسب، وإنما أظهرت الدراسة التي نُشرت في مجلة “The Plant Biotechnology“ أنَّ الحمص غنيّ بالبروتين مثل الفول؛ مما يجعله خيارًا مثاليًّا لدعم الأنظمة الزراعية في المناطق المتضررة بالتغير المناخي.
ما أهمية التنوع الجيني؟
مما لا شك فيه هو أنَّ العالم يعاني اليوم من نقص في استخدام التنوع الجيني للنباتات الزراعية، وفي الوقت نفسه يوجد ما يقارب 7000 نوع من المحاصيل الصالحة للأكل، وبالرغم من ذلك فإنَّ الإنتاج الغذائي العالمي يعتمد على تسعة أنواع فقط!
هذا الاعتماد المفرط على عدد محدود من المحاصيل يُسبب أضرارًا واسعة النطاق، وأكثر هذه الأضرار خطورةً زيادةُ هشاشة النظام الغذائي العالمي، حين تصبح المحاصيل أقل مقاومةً للأمراض والآفات، وأكثر عرضةً للتغير المناخي.
وهنا يأتي الحمص ليعلن -بسبب تنوعه الجينيّ- عن مدى استعداده في تعزيز مرونة الزراعة؛ ولذلك ركزت الدراسة على زراعة أنواع مختلفة من الحمص، وفي ظروف جفاف قاسية داخل إحدى المناطق الحضرية في العاصمة النمساوية فيينا؛ فكانت النتائج واعدةً بعد ما أظهرتْ أنَّ أنواعًا من الحمص استطاعتِ التكيف مع الظروف القاسية بشكل مدهش، مما يعكس الإمكانات الكبيرة لهذا النبات في دعم الأمن الغذائي.
ولا يقتصر الأمر على مقاومة الجفاف أو احتوائه على البروتين فقط، فإنَّ ذلك التنوع الجيني الذي يتمتع به الحمص يساعد على تحسين جودة التربة، ويسهم إسهامًا واضحًا في تفعيل مفهوم الزراعة المستدامة؛ لأنه يستطيع تثبيت النيتروجين في التربة؛ مما يُقلل من الحاجة إلى استخدام الأسمدة الكيميائية.
العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والحمص
تلك النتائج التي توصلت إليها دراسة جامعة فيينا بقيادة ولفرام ويكويرث، استندتْ إلى الذكاء الاصطناعي (AI) -بالإضافة إلى الإحصاءات ذات المتغيرات المتعددة- من أجل تحليل أداء الحمص في ظروف الجفاف. وهناك استخدم الباحثون مؤشرًا يُسمَّى مؤشر حساسية الإجهاد “Stress Susceptibility Index”؛ لتقييم تأثير الجفاف في إنتاجية نبات الحُمص، وحينها أظهر المؤشر أنَّ هناك أنواعًا من الحُمص تمتلك آلياتٍ طبيعيةً تجعلها أكثر مقاومةً للجفاف، مثل قدرتها على تقليل فقدان الماء من خلال أوراقها، أو تحسين امتصاص العناصر الغذائية من التربة.
هذه النتائج تُعدُّ خطوةً واسعةً نحو اختيار نوع الحُمص المناسب والأقدر على مكافحة تأثير التغير المناخي، وتُعدُّ أيضًا فرصةً لتحسين إنتاجيته، وجعله أكثر قدرةً على تلبية احتياجات الأمن الغذائي العالمي، كما أنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي -فضلًا عمَّا سبق- أسهم في تحديد المؤشرات الجينية، التي يمكن أن تُستخدم في برامج تحسين المحاصيل بصورة عامة.
تحديات الحمص
بالرغم من الإمكانات الكبيرة للحمص، فإنَّ هناك تحدياتٍ تقف أمام هذا النبات المستدام. ومن بين هذه التحديات نقصُ الوعي بفوائد الحُمص ودوره في تعزيز الزراعة المستدامة، بالإضافة إلى قلة الاستثمار في أبحاث تحسين المحاصيل بصورة عامة.
ومع ذلك يمكن تذليل تلك الصعاب من خلال أنْ نعي بأنَّ هناك فرصًا واعدةً وكبيرةً لتوسيع زراعة الحُمص، وكل ما يتطلبه الأمر هو تعزيز التعاون بين الباحثين والمزارعين وصناع السياسات، وحينها يمكننا التغلب على هذه التحديات.
في الختام، فإنَّ نشر الوعي بمثل هذه الأفكار المستدامة هو ما تقوم به حماة الأرض؛ حمايةً للتنوع البيولوجي، وتعزيزًا للزراعة المستدامة، ليصير جميعُ الناس أكثر صحةً واستدامةً، وبما لا يُهدد بيئة الأرض ومواردها.