خطى مستدامة

ما الصيد الجائر؟

الصيد الجائر

ما الصيد الجائر؟

تُعدُّ البيئةُ أحدَ أهم الجوانب التي تؤثر في حياتنا وحياة الكائنات الأخرى فوق سطح الأرض؛ ولهذا يجب علينا الحفاظ عليها وعلَى توازنها؛ لضمان استدامة حياتنا فوق كوكبنا. وإنَّ مِن أكثر الأنشطة البشرية تهديدًا لبيئتنا الصيد الجائر، بل هو أكثر التحديات خطورةً وأشدها تأثيرًا -بصورة سلبية- في التنوع البيولوجيّ خاصةً والبيئة عامةً.

وفي هذا الإطار، يجب أنْ ندرك أنَّ البيئةَ موردٌ طبيعيٌّ ثمينٌ، يوفر لنا فوائدَ عديدةً، سواء أكانت اقتصاديةً أم صحيةً أم ثقافيةً؛ إذْ إنَّ الحفاظَ علَى البيئة معزِّزٌ مِن معزِّزات استدامة الموارد الطبيعية، وواحدٌ مِن حُماة الأنظمة البيئية، التي تعتمد عليها الحياة. كما أنَّ البيئةَ المتوازنةَ تساهم في الحدِّ مِن آثار التغيُّر المناخيّ، كما ذكرنا من قبل في عددٍ مِن المقالات، مثل: “ما التنوع البيولوجيّ؟” و”ما المحميات الطبيعية؟”، ضمن سلسلة (ما…؟)، في مجلة حماة الأرض.

الصيد الجائر وعواقبه القانونية

الصيد الجائر (Poaching) هو عملية اصطياد الحيوانات والأسماك وتناول النباتات بطرق غير قانونية، سواء في مناطقَ يُحظر فيها الصيد أم في الممتلكات الخاصة؛ لأنَّ هذه العمليةَ تهديدٌ صريحٌ للكائنات البرية في جميع أنحاء العالم، وطريقٌ إلى فقدان التنوع البيولوجيّ.

وهو -أيضًا- يشمل قتلَ الحيوانات خارج مواسم الصيد المُحَدَّدَةِ سلفًا، وهذا باستخدام أسلحة غير قانونية، ودون الحصول علَى تصريح. أو هو تجاوز الصيادُ الحدودَ المسموحَ بها في الصيد.

وبناءً على ذلك، يُقَدِّرُ خبراءُ شبكة مراقبة تجارة الحياة البرية (TRAFFIC) قيمةَ الأرباح المتحقَّقَةِ من التجارة غير المشروعة للحيوانات البرية بمليارات الدولارات. وهذا يشكل -بالطبع- تهديدًا لجهود حفظ الحياة البرية، التي استغرقتْ سنوات طويلة لتحقيقها.

وبالرغم من هذا، فإنَّ هناك تجارةً غير قانونية في الحياة البرية، حيث يتم صيد الحيوانات وجني ثمار النباتات بطرق قانونية، ثم بيعها في صورة أغذية -وما يتبع هذا من أدوية- وحيواناتٍ أليفة. ولكن تكمن المشكلة في الارتفاع الملحوظ في حالات الصيد الجائر غير القانونيّ، والذي يشكل تهديدًا مباشرًا لبقاء فصائل حيوانية عديدة في البرية.

أما بالنسبة إلى الجوانب القانونية ففي عام 1998 صنَّف علماءُ البيئة في جامعة ماساتشوستس الصيد الجائر جريمةً بيئيةً، حيث أوضحوا أنه يشمل أيَّ نشاطٍ يتعارض مع قوانين حماية الموارد الطبيعية المتجددة ولوائحها، ويشمل هذا نِيةَ امتلاكها أو نقلها أو إبادتها أو بيعها أو استخدام أجزاء منها. واعتبروا الصيد الجائر واحدًا من أخطر التهديدات التي تواجه بقاءَ الحيوانات والنباتات؛ ومن هنا تأخذنا المقالةُ إلى جانبٍ آخرَ، هو الجهود العالمية المبذولة في مجال مكافحة الصيد الجائر.

اليوم الدوليّ لمكافحة الصيد الجائر

في عام 2015 قدمتِ اللجنةُ العامةُ لصيد أسماك البحر الأبيض المتوسط -التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة FAO- مقترَحًا لإطلاق مبادرة للاحتفال باليوم الدوليّ لمكافحة الصيد الجائر دون إبلاغ أو تنظيم. وبعد مشاوراتٍ مكثفة قُدِّمَ الاقتراحُ في الدورة الثانية والثلاثين للجنة، التي أيدتْ هذا الاقتراحَ بشأن إعلان الخامس من يونيو من كل عامٍ يومًا دوليًّا لمكافحة الصيد الجائر دون إبلاغ أو تنظيم، وتجريمه عالميًّا.

ومن الجدير بالذِّكْرِ، هو اختيار هذا التاريخ بصفة خاصة؛ لأنه يوافق تاريخَ توقيع الاتفاقية بصفة رسمية باعتبارها معاهدةً دوليةً؛ لذا يدفعنا هذا إلى الحديث عن أنواع الصيد الجائر.

أنواع الصيد الجائر

أولًا- الصيد الجائر البريّ، وهو نوع يشمل عدةَ أغراض وأنشطة مختلفة، ومنها:

  • تجارة الحيوانات الأليفة: تُصطاد وتُجمع بعضُ الحيوانات البرية لبيعها بصفتها حيواناتٍ أليفةً، مما يُعرِّض كثيرًا من هذه الحيوانات للخطر.
  • اصطياد الحيوانات النادرة: بعض هذه الحيوانات يدخل ضمن أغراض تعبدية، أو علمية.
  • الحصول علَى مصدر للغذاء: يُعتبر لحم القرود والأفاعي وبعضُ حيوانات الأدغال الأخرى من الأطعمة المرغوب فيها بين سكان بعض الدول الإفريقية؛ ولذا يكثر صيدها هنالك.
  • الصيد لغرض الطب الشعبيّ: تعتقد شعوبٌ كثيرةٌ -بشكل خاطئ- في أنَّ أجزاءً معينةً من جسم بعض الحيوانات البرية يمكن أنْ تُعالِج أمراضًا كثيرةً. يُصطاد آكلُ النمل الحرشفيّ -علَى سبيل المثال- لاستخدام بعض أجزاء جسمه في علاج أمراض معينة، ويُستخدم قرن حيوان وحيد القرن في صناعة الأدوية، ويتم استخدام مرارة حيوان الدُّبِّ في إعداد العلاجات العُشبية الصينية، وتُستخدم عيونُ وعظامُ وأعضاءُ حيوان البَبْرِ (الحيوان المشهور -خطأً- باسم النمر) في الطب التقليديّ.

آخرًا- الصيد الجائر البحريّ، وهو صيد الحيوانات والكائنات البحرية بشكل مفرط:

  • صيد السلاحف البحرية: ويحدث هذا النوع من الصيد بشكل عرضيّ أو مُتَعَمَّدٍ؛ لأغراض التجارة، وهذا علَى الرغم من أنها من الأنواع المهدَّدة بالانقراض، التي يُحظر صيدها.
  • صيد الأسماك: مثل أسماك القرش بغرض الحصول على الزعانف، ويتم صيد الحيتان بشكل متعمَّد في بعض البلدان، بالإضافة إلى صيد الدلافين وخنازير البحر.
  • تدمير الشعاب المرجانية: وهذا نتيجة الصيد غير القانونيّ باستخدام الديناميت، ويتسبب الصيد الجائر في انقراض الأسماك المرجانية والشعاب المرجانية.

إنَّ هذه الممارسات ليست مدعومةً علميًّا، ولا توجد أدلة قوية تُثبت فاعليتها في معالجة الأمراض. بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه الأنشطةُ علَى زيادة تهديد الحيوانات البرية، وتقليل توازن النظام البيئيّ؛ وبالتالي يُعَدُّ صيدُ الحيوانات البرية بطرق غير مشروعة خطرًا يهدد الحفاظ على الفصائل الحيوانية، ويؤثر -سلبًا- في التنوع البيولوجيّ والبيئة كلها.

وفي الختام، يجب أنْ ندركَ أنَّ البيئةَ ميراثُنَا المشترَكُ وأساسُ حياتِنَا وحياة الأجيال القادمة، وأنَّ التعاونَ علَى دعم البيئة ومواردها ومكافحة الصيد الجائر وآثاره استثمارٌ واعدٌ لمستقبلنا ومستقبل كوكبنا كله؛ لذا فلنتعاون معًا علَى هذا، حتى نستمتعَ بكوكب صحيّ ومزدهر. وما هذا المقال إلَّا خطوة نحو تحقيق هذا الهدف، حيث حاولتْ مجلةُ حماة الأرض تبسيط مصطلح “الصيد الجائر”؛ دعمًا للبيئة وكائناتها، ولأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة محليًّا وإقليميًّا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى