منصة EGTAP للتدريب.. خطوة مصرية نحو تعليم مستدام يربط المعرفة بواقع سوق العمل

منصة EGTAP للتدريب.. خطوة مصرية نحو تعليم مستدام يربط المعرفة بواقع سوق العمل
يقف العالم الآن على مفترق طرق، حيث تتشابك القضايا الاجتماعية والاقتصادية على نحوٍ متسارع، وفي ظل هذه التحولات صارت هناك ضرورة إلى بناء اقتصاد معرفي يواكب متطلبات العصر؛ ولذا تضع الدولة المصرية التعليم المستدام في مقدمة استراتيجياتها الوطنية، باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وهذا التوجه يقوم على تعزيز استدامة التعليم، من خلال نظم مرنة تدعم التعلم مدى الحياة، وتتيح بناء رأس مال بشري قادر على مواكبة التغيرات، وذلك بما يعكس إدراكًا عميقًا لأهمية المعرفة باعتبارها عنصرًا محوريًّا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ تحقيقًا لجميع أهداف التنمية المستدامة.
في هذا السياق، أطلقت وزارة السياحة والآثار -بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات- أول منصة إلكترونية للتدريب في مجالي السياحة والآثار، تحت اسم (EGTAP)؛ ليعكس المشروع تكامل الأدوار بين القطاعين السياحي والرقمي في بناء نموذج وطني للتعليم المستدام يدعم رؤية مصر 2030.
الاستثمار في رأس المال البشري لتحقيق التنمية المستدامة
وانطلاقًا من رؤية الدولة التي تضع الاستثمار في الإنسان في صميم خطط التنمية، أكد الدكتور/ أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، أن إطلاق منصة EGTAP يمثل خطوة استراتيجية لإعداد كوادر بشرية قادرة على مواكبة متغيرات القطاع السياحي، وهذا عبر أدوات رقمية حديثة.
وأوضح كذلك أنَّ المشروع يسهم في رفع كفاءة سوق العمل، وتحسين جودة الخدمات السياحية بما يعزز تنافسية قطاع السياحة المصري عالميًّا، وأشار إلى أن المنصة تركز على ربط العملية التدريبية باحتياجات سوق العمل في القطاع السياحي الخاص، مما يحول التعليم إلى مسار تطبيقي يحقق أثرًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا طويل الأمد، ويترجم مفهوم التعليم المستدام إلى واقع.
الدورات التعليمية المتاحة في المنصة
تقدم منصة EGTAP التعليمية باقة واسعة من المجالات التدريبية التي تغطي مختلف جوانب قطاع السياحة والآثار؛ هي: متاحف ومواقع التراث، سلامة الغذاء، تاريخ وحضارة، أنظمة بشرية، دورات فندقية عامة، علوم الحفريات، فنون وعمارة، لغات، البحث العلمي، توعية بيئية واستدامة، صيانة وترميم، مهارات إدارية، الآثار الغارقة، السلامة والصحة المهنية، تسويق سياحي وفندقي، ريادة أعمال، والتحول الرقمي، والحاسب الآلي.
هذا التنوع يعكس دمج الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة -الاجتماعي والاقتصادي والبيئي- في العملية التعليمية، مما يجعل المنصة أداة استراتيجية لدعم ممارسات تحافظ على الموارد الطبيعية، وتثري التراث الثقافي.
وتتيح المنصة التسجيل مجانًا، حيث يمكن للمتدربين إنشاء ملف شخصي يحتوي على بياناتهم الأساسية والمهنية والتعليمية، والالتحاق بالدورات المتاحة، وقد أتاحت المنصة بعض الدورات المجانية حاليًّا، ومنها: دورة أساسيات إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية، ودورة المهارات الإشرافية ضمن برامج ريادة الأعمال، ودورة الوعي الثقافي للضيافة ضمن برامج الفندقة العامة، ودورات أخرى غير ذلك متاحة مجانًا على المنصة، مع منح شهادات إلكترونية معتمدة عند إتمام أي برنامج تدريبي.
شراكة استراتيجية تعزز التعليم المستدام في مصر
يعكس المشروع ثمرة تعاون استراتيجي بين وزارة السياحة والآثار ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو تكامل يعزز تطبيق الهدف (17) من أهداف التنمية المستدامة، والمتعلق ببناء الشراكات لتحقيق الأهداف؛ فهذه الشراكة توفر بنية تحتية رقمية متقدمة، وتدعم نقل المعرفة، وتضمن استمرارية تحديث البرامج التدريبية بما يتوافق مع معايير التعليم المستدام عالميًّا.
وتجسد المنصة مبدأ التعلم مدى الحياة (Lifelong Learning)؛ إذ تتيح برامجها لموظفي الوزارة، كما تشمل العاملين في القطاعين العام والخاص، والباحثين والدارسين، وهذا الامتداد يجعل العملية التعليمية مستمرة، ويعد أحد أعمدة التعليم المستدام، حيث يتم تنمية المهارات وتحديث المعارف بشكل متواصل على امتداد المسار المهني.
كما أن النموذج الإلكتروني الذي تقوم عليه المنصة يعزز مرونة الوصول؛ إذ يتيح التعلم من أي مكان وفي أي وقت؛ مما يزيل الحواجز الجغرافية والزمانية، ويوسع دائرة المستفيدين، وهذه الخاصية تمثل أحد المعايير الأساسية لاستدامة التعليم؛ لأنها تجعل المعرفة متاحة بشكل شامل وقابل للتطبيق العملي في ظروف متنوعة.
وختامًا، ترى مؤسسة حماة الأرض أن منصةEGTAP تمثل محورًا عمليًّا لترسيخ التعليم المستدام، باعتباره عنصرًا أساسيًّا في تحقيق رؤية مصر 2030، حيث تعكس توجهًا استراتيجيًّا يربط بين بناء رأس المال البشري والتحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة. ويبرز عمق المبادرة في قدرتها على دمج التكنولوجيا مع منظومة التعليم -لتوسيع فرص التعلم مدى الحياة- ومواءمة المهارات مع احتياجات سوق العمل، وذلك بما يعزز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويحافظ أيضًا على التوازن البيئي، وهو تكامل يمنح المشروع قيمة وطنية يمكن أنْ تمتد إلى قطاعات متعددة؛ ليصبح التعليم المستدام ركيزة لإرساء مسار تنموي شامل يستند إلى المعرفة وحماية الموارد.





