البنك الدولي يشيد ببرنامج التنمية المحلية في صعيد مصر
البنك الدولي يشيد ببرنامج التنمية المحلية في صعيد مصر
يعد صعيد مصر -الذي يضم أكثر من 38% من سكان البلاد- منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث يتمتع بالعديد من الإمكانات الهائلة في مجالات الزراعة والصناعة والحرف اليدوية، ومع ذلك فهو يواجه تحديات كبيرة؛ إذ يعاني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وضعف البنية التحتية، ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية.
هذه التحديات تعيق تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة، وتحد من قدرة سكانها على استغلال الإمكانات المتاحة كلها، ويتمثل التحدي الرئيسي في كيفية تحويل هذه الإمكانات إلى واقع ملموس، وتحسين مستوى معيشة سكان الصعيد، ومن هنا سوف تسلط حماة الأرض الضوء على أبرز جهود التنمية في صعيد مصر، مستعرضة كيف نجحت هذه الجهود في تحويل منطقة عانت طويلًا من التهميش إلى نموذج رائد للتنمية المستدامة؛ فتابعوا القراءة.
في تقرير حديث نشره على موقعه الرسمي، ألقى البنك الدولي الضوء على النجاحات البارزة لبرنامج التنمية المحلية في صعيد مصر (UELDP)، مشيدًا بدوره المحوري في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة بالمحافظات المستهدفة، وأكد التقرير أن البرنامج يُعد نموذجًا رائدًا في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص العمل، بما يواكب استراتيجية الدولة المصرية في دعم بيئة الأعمال وتعزيز مناخ الاستثمار.
كما أبرز التقرير الأثر الإيجابي للبرنامج في إحداث نقلة نوعية ببيئة الأعمال، بفضل الشراكة القوية بين الحكومة والمواطنين والمستثمرين، ما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحسين مستوى المعيشة للمجتمعات المحلية، وفيما يلي عرض لأبرز ما تحقق من إنجازات من خلال البرنامج.
أطلقت الحكومة المصرية برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر (UELDP) عام 2017، بالتعاون مع البنك الدولي الذي قدم 500 مليون دولار لدعم هذا البرنامج الطموح، الذي كان الهدف منه واضحًا، وهو: تمكين المحافظات المحلية، وتعزيز دورها في اتخاذ القرارات، وتحقيق تنمية شاملة قائمة على احتياجات المواطنين وأصحاب الأعمال.
وقد بدأ البرنامج في محافظتي سوهاج وقنا، ثم توسع في عام 2020 ليشمل أسيوط والمنيا، ويعمل البرنامج على تحسين أوضاع المناطق الأكثر احتياجًا، من خلال تطوير البنية التحتية، ودعم المشروعات الصغيرة، ورفع جودة الخدمات الحكومية، وتضافرت الجهود لتوفير بيئة داعمة للنمو، وكانت النتيجة هي تحسين حياة أكثر من 8 ملايين مواطن حتى الآن، إلى جانب دعم أكثر من 6,000 مشروع تجاري وحرفي.
وشهدت الأسواق والورش في صعيد مصر تحولات إيجابية ملموسة، حيث بدأت قصص النجاح تتوالى بفضل هذا البرنامج التنموي، وتمكن رواد الأعمال من توسيع نطاق أعمالهم والوصول إلى أسواق جديدة، كما تم تطوير تقنيات الإنتاج؛ وهو ما ساعد على رفع القدرة التنافسية للمنتجات المحلية، وقد أسهمت هذه الجهود في توفير أكثر من 2,000 فرصة عمل جديدة، وفقًا لتقارير البنك الدولي.
وفي إطار جهود تحسين بيئة الأعمال، عمل البرنامج على تيسير الإجراءات الحكومية التي كانت تشكل عائقًا أمام أصحاب المشروعات الناشئة؛ فاليوم أصبحت خدمات مثل استخراج التراخيص التجارية وتصاريح البناء أسرع وأكثر كفاءة؛ وهو ما يشجع على الاستثمار المحلي ويدعم الاستدامة الاقتصادية؛ فالتنمية لا تقتصر فقط على ضخ الأموال في المشروعات، بل تتطلب نظامًا متكاملًا يزيل العراقيل ويحفز الابتكار.
وعلى أرض الواقع، استفادت أكثر من 50,000 شركة من المبادرات التنموية التي أطلقها البرنامج، وسجلت محافظتا قنا وسوهاج نسب رضا تجاوزت 80% بين المواطنين وأصحاب الأعمال، وهذه النتائج تعكس حجم الإنجاز، ومدى تأثير هذه الجهود في تحسين جودة الحياة اليومية، وقد أصبح النجاح الذي تحقق في صعيد مصر نموذجًا يُطبق في مناطق أخرى، ضمن رؤية وطنية تستهدف تحقيق تنمية متوازنة تشمل جميع أنحاء البلاد.
وسط كل هذه النجاحات، يظل الأثر الأبرز للبرنامج هو إعادة تشكيل مستقبل صعيد مصر، ليس فقط عبر توفير الوظائف وتحسين مستوى المعيشة، وإنما عبر بناء ثقافة جديدة تقوم على الابتكار والريادة؛ فحين يصبح رواد الأعمال أكثر قدرة على المنافسة، ويتمكن أصحاب الحرف اليدوية من الوصول إلى أسواق عالمية، وتتحول المناطق النائية إلى مراكز اقتصادية مزدهرة، فإن ذلك يعني أن التغيير الحقيقي قد بدأ بالفعل، وأن التنمية لم تعد مجرد وعود، وإنما أصبحت واقعًا ملموسًا.
وفي ضوء هذا الأثر الملموس، تؤمن حماة الأرض بأهمية مشاركة المجتمع في دعم مثل هذه المبادرات التنموية، وتدعو إلى مواصلة الجهود لبناء اقتصاد مستدام؛ فالتنمية الحقيقية ليست مجرد مشروعات مؤقتة، وإنما هي رحلة طويلة لبناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا، تتحول فيه الطموحات إلى واقع، وتصبح فيه الفرص متاحة للجميع.