بمشاركة مصرية.. مؤتمر بغداد يناقش إدارة المياه المستدامة

بمشاركة مصرية.. مؤتمر بغداد يناقش إدارة المياه المستدامة
في مشهد يعكس الأهمية المتزايدة لقضية المياه في العالم العربي، شهدت العاصمة العراقية بغداد في 24 مايو 2025 انعقاد مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه، بمشاركة واسعة من خبراء ومسئولين يمثلون عدة دول، كان من بينهم الدكتور/ هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري المصري، الذي شارك في الجلسة الرفيعة المستوى للمؤتمر تحت عنوان “التنمية المستدامة”، حيث ألقى كلمة تناولت التحديات والفرص المرتبطة بإدارة موارد المياه في مصر والمنطقة.
وفي هذا المقال، سوف تتناول حماة الأرض أبرز ما جاء في المؤتمر، مع تسليط الضوء على جهود مصر التي تسعى إلى تحقيق الإدارة المستدامة لمواردها المائية، وتعزيز دورها الإقليمي في التعاون المائي، والابتكار في مواجهة تحديات تغير المناخ، من خلال استراتيجيات عملية تدمج التكنولوجيا الحديثة مع الحوكمة والمشاركة المجتمعية؛ فتابعوا القراءة.
مصر تعتمد تقنيات الري الحديثة
أوضح الدكتور/ هاني سويلم خلال كلمته في مؤتمر بغداد للمياه أن وزارة الموارد المائية والري المصرية تعمل على تطوير منظومة الري من خلال “الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية 2.0“، التي تمثل نقلة نوعية نحو استخدام نظم ري ذكية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وأن هذا التحول يهدف إلى تقليل الهدر في المياه، وتحسين كفاءة استخدامها في القطاع الزراعي الذي يستهلك الجزء الأكبر من الموارد المائية في مصر.
وأوضح الوزير -وزير الموارد المائية والري– أنَّ الوزارة تشجع كذلك المزارعين على تبني ممارسات زراعية مستدامة من خلال الدعم والتوعية؛ مما يعزز الإنتاجية، ويخفض الأثر البيئي السلبي، ويأتي ذلك في إطار استراتيجية وطنية ترتبط مباشرة بأهداف التنمية المستدامة؛ إذ تركز مصر على ضمان الأمن الغذائي، وتحسين إدارة المياه بما يتوافق مع المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
أهمية الحوكمة في إدارة المياه
كما أشار الوزير خلال كلمته في مؤتمر بغداد للمياه إلى أن الحوكمة تلعب دورًا محوريًّا في تعزيز إدارة الموارد المائية، حيث توفر آليات للشفافية والمساءلة وتنسيق الجهود بين الجهات المختلفة المعنية بإدارة المياه في مصر، وأوضح أنه من أهم هذه الآليات تشكيل روابط بين مستخدمي الميَاه على مستويات متعددة من الترع إلى المحافظات؛ مما يسهم في إشراك المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات ومتابعة تنفيذها.
بالإضافة إلى ذلك، صرح الوزير بأنه تم تفعيل “المجلس الأعلى للمياه” برئاسة رئيس مجلس الوزراء، فيما يعد خطوة استراتيجية لتوحيد السياسات المائية وتنسيقها بين الوزارات المختلفة مثل الري، والزراعة، والبيئة، والإسكان؛ مما يضمن تحقيق تكامل في الخطط والبرامج الوطنية، بما يسهم في مواجهة تحديات الميَاه ودعم أهداف التنمية المستدامة بشكل متوازن.
التعاون مع دول حوض النيل
وفي امتداد لهذه الجهود الوطنية، أوضح الوزير أن مصر تلتزم بتطوير علاقات تعاون متكاملة مع دول حوض النيل، من خلال تنفيذ مشروعات مشتركة تهدف إلى تحسين إدارة المياه وتوفير احتياجات السكان، وتشمل هذه المبادرات تطوير موارد مياه الشرب الجوفية باستخدام الطاقة الشمسية، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، فضلًا عن تطوير البنية التحتية للنقل المائي وتنقية المجاري المائية.
علاوة على ذلك، تركز هذه الجهود على بناء القدرات الفنية لدى الكوادر البشرية من مختلف الدول الإفريقية الشقيقة، عبر مراكز تدريب متخصصة ومحطات لرصد التغيرات المناخية وجودة المياه، وبهذا النهج تعزز هذه الشراكات من فرص التنمية المستدامة في المنطقة، وتسهم في تعزيز الأمن المائي والإقليمي بشكل متكامل.
مشروع الساحل الشمالي في مواجهة تغير المناخ
في هذا السياق، أكَّد الدكتور/ هاني سويلم أنَّ لمصر خطوات عملية للتكيف مع آثار تغير المناخ من خلال مشروع “تعزيز التكيف مع تغير المناخ بالساحل الشمالي ودلتا نهر النيل“، الذي يعد من النماذج الرائدة في دمج الابتكار البيئي مع المشاركة المجتمعية، حيث يعتمد المشروع على استخدام مواد طبيعية صديقة للبيئة، بالإضافة إلى إشراك المجتمعات المحلية في عمليات التنفيذ؛ مما يضمن استدامة التدخلات ونجاحها على المدى الطويل.
ويمثل هذا المشروع مثالًا حيًّا على كيفية مواجهة تحديات ارتفاع مستوى سطح البحر وتأثيراته السلبية في السواحل، وهو نموذج يعكس المشروع التزام مصر بحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة؛ إذ يجمع بين التقنيات الصديقة للبيئة والاستراتيجيات التنموية التي تضع الإنسان والبيئة في قلب الاهتمام.
وفي هذا السياق، ترى حماة الأرض أن هذه الجهود المتكاملة تؤكد التزام مصر الراسخ بإدارة مواردها المائية بكفاءة واستدامة، سواء عبر تعزيز آليات الحوكمة الوطنية أو من خلال التعاون الوثيق مع دول حوض النيل، ومع استمرار هذه المساعي تتجدد الآمال في مستقبل أكثر إشراقًا للمياه في مصر والمنطقة، وهو مستقبل قائم على أسس من العدالة والشفافية والتعاون البنّاء.




