تعرف على دور منتدى الاستثمار المستدام في تعزيز الاقتصاد العالمي
تعرف على دور منتدى الاستثمار المستدام في تعزيز الاقتصاد العالمي
تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافة النسخة الثامنة من منتدى الاستثمار المستدام في أوروبا 2025، حيث يلتقي الخبراء والمستثمرون من مختلف أنحاء العالم لتعزيز الاقتصاد المستدام من خلال استراتيجيات الاستثمار العالمي.
ويأتي هذا الحدث -الذي يُعقد غدًا 29 إبريل- في وقت حرج يتطلب تكاتف الجهود الدولية لدفع عجلة التحول الاقتصادي نحو الاستدامة؛ وهو المنتدى الذي تعمل على تنظيمه منظمة كلايمت أكشن (Climate Action)، وبشراكة استراتيجية مع مبادرة تمويل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP FI).
يهدف منتدى الاستثمار المستدام إلى توفير مساحة حوار وتنسيق بين مؤسسات الاستثمار الكبرى والهيئات التنظيمية والمنظمات متعددة الأطراف، وصناع القرار؛ من أجل بناء رؤى مشتركة تدعم تحقيق أهداف الحياد الكربوني، وتدفع نحو تبني نماذج اقتصادية تراعي حقوق الإنسان وتحافظ على الموارد الطبيعية.
ويمثل المنتدى هذا العام منصة حيوية تجمع أكثر من 400 قائد من كبار المستثمرين وصناع القرار، في مشهد يعكس الأهمية المتزايدة التي أصبح يحظى بها الاستثمار المستدام في السياسات الاقتصادية الأوروبية. ويتطلع المشاركون إلى رسم مسارات عملية لتعزيز الانتقال نحو اقتصاد أوروبي عادل وخالٍ من الانبعاثات الكربونية، مع الحفاظ على التنوع البيولوجي، بما يتفق مع الالتزامات الدولية الخاصة بمكافحة التغير المناخي العالمي.
الانتقال العادل إلى الاقتصاد المستدام
ومما يعكس أهمية توقيت هذا الحدث، أنَّ نتائج COP29الأخير كشفت عن فجوة كبيرة بين التمويل المطلوب لتحقيق التحول العالمي نحو الاستدامة والتمويل الفعلي المتوفر. وهذه الفجوة تضع تحديًا خطيرًا أمام الجهود الرامية إلى تجنيب البشرية والكوكب أسوأ تداعيات أزمة المناخ.
ولذلك يركز المنتدى على ضرورة تحفيز البنوك وشركات التأمين والمستثمرين لإدراج مبادئ الانتقال العادل في صميم استراتيجياتهم؛ تحقيقًا للبعد الاقتصادي من أهداف التنمية المستدامة، مع تأكيد أهمية التزام ممارسات التجارة العادلة في كل مراحل التحول الاقتصادي.
ولا يكتفي المنتدى بتشخيص المشكلة فحسب، وإنما يسعى برؤية عالمية عميقة إلى تقديم حلول عملية عبر تجهيز الحاضرين بالأدوات والمعرفة الضرورية؛ من أجل التفاعل مع القضايا الكبرى التي تعيد صياغة المشهد المالي الأوروبي.
الاستثمار المستدام يدعم التحول الأخضر
يُعد الاستثمار المستدام أحد المحركات الرئيسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ إذ يسهم في بناء أسواق كربون عالمية، وتوفير التمويل اللازم للمشروعات التي تدعم الاقتصاد العالمي. وفي نسخة هذا العام من المنتدى يسعى المشاركون إلى استكشاف كيفية تسخير آليات المادة السادسة من اتفاقية باريس التي تدعو إلى تعزيز التعاون الدولي؛ لمواجهة تغير المناخ، وتوفير الدعم المالي إلى الدول النامية.
وهذا الأمر من شأنه أنْ يدعم جهود حماية التنوع البيولوجي ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار في رأس المال الطبيعي؛ إذ إن فتح هذه الأسواق بشكل عادل وشفاف من شأنه أن يوفر حلولًا عملية لدعم الاقتصاد المستدام، مع الحفاظ على الموارد البيئية الحيوية.
ابتكار السياسات ركيزة أساسية لتحقيق الاقتصاد المستدام
يحظى موضوع ابتكار السياسات باهتمام واسع في النقاشات؛ حيث إن له دورًا حاسمًا في دعم التحول نحو الاقتصاد المستدام؛ إذ تبرز الحاجة الملحة إلى وضع أطر تنظيمية جديدة تدعم أهداف الحياد الكربوني بشكل أكثر طموحًا ومرونة، حيث يعد الابتكار في السياسات ركيزة أساسية لتسريع التحول نحو الاستدامة الحقيقية.
يشمل ذلك تقديم حوافز اقتصادية تشجع الشركات والمستثمرين على اعتماد ممارسات صديقة للبيئة. كما أن التطوير المستمر لتلك الأطر التنظيمية سيسهم في تحسين استجابة السياسات لتحديات البيئة المتزايدة؛ مما يساعد على تسريع الانتقال نحو الاقتصاد المستدام.
بالإضافة إلى ذلك سوف يبحث المنتدى سبل تعزيز القدرة على التكيف مع المخاطر المناخية المتزايدة، من خلال منهجية تقوم على الاستباق والتكيف والعمل، مما يسهم في بناء أنظمة اقتصادية أقوى، وقادرة على مواجهة تلك المخاطر.
وسيتناول المنتدى -أيضًا- أهمية قطاع التأمين باعتباره عاملًا حاسمًا في بناء قدرة المجتمعات والاقتصادات على التكيف مع الأضرار المناخية. ويُنتظر أن يتم تسليط الضوء على كيفية استخدام التأمين باعتباره حاجزًا ماليًّا واقيًا، يساعد على تخفيف الآثار السلبية للكوارث الطبيعية، ويدعم جهود التكيف والتنمية المستدامة.
من جانب آخر، تناقش الفعاليات كيفية مواءمة معايير التقارير البيئية والاجتماعية الأوروبية مع المعايير العالمية الطوعية والإلزامية، بما يعزز الشفافية والمصداقية في الأداء المالي للشركات، ويزيد من ثقة المستثمرين في الأسواق المستدامة.
تعزيز الاستثمار المستدام لتحقيق أهداف اتفاقية باريس
يكتسب منتدى الاستثمار المستدام في أوروبا لعام 2025 أهمية إضافية، لكونه يأتي بعد مرور عشر سنوات على توقيع اتفاقية باريس للمناخ؛ مما يفرض مراجعة جدية لما تحقق خلال العقد السابق، وللأثر الفعلي الذي أحدثه الاستثمار العالمي والمبادرات الاقتصادية المستدامة في الواقع البيئي والاجتماعي.
ويؤكد المنتدى أن مستقبل الاستثمار لم يعد يُقاس فقط بالعائدات المالية، وإنما أصبح مرتبطًا بقدرته على دعم أهداف التنمية المستدامة؛ فمن خلال دعم الهدف (13) المعني بالعمل المناخي، وتعزيز الهدف (8) الخاص بالعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والإسهام في تحقيق الهدف (15) المتعلق بحماية النظم البيئية، يترسخ دور المستثمرين باعتبارهم قوى دافعة نحو بناء عالم أكثر عدالة واستدامة.
وانطلاقًا من هذا الالتزام، تؤكد حماة الأرض دعمها الكامل لمسار الاستثمار المستدام، إيمانًا بأن توجيه الاستثمارات نحو قضايا المناخ وحماية الطبيعة هو الطريق الأمثل لضمان مستقبل مزدهر وآمن لنا وللأجيال القادمة.