تطبيقات الامتزاز في تنقية المياه
تطبيقات الامتزاز في تنقية المياه
تُعَدُّ المياه من أهم الموارد الطبيعية التي تضمن استمرارية الحياة فوق كوكبنا، الأمر الذي يفرض علينا المحافظة عليها، واكتشاف تقنيات فعَّالة لتنقيتها من كل ملوِّث؛ ولهذا سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال أبرز تطبيقات تنقية المياه، وهو الامتزاز.. فتابعوا القراءة.
تعريف الامتزاز وخطواته
الامتزاز هو عملية كيميائية وفيزيائية يتم فيها تراكم انتقائيّ لجزيئات مادة معينة فوق سطح مادة أخرى، وهذا باستخدام بعض المواد الشائعة، مثل الكربونُ النشط، الذي يتميز بمساحة سطحية كبيرة وقدرة عالية على الامتزاز؛ مما يجعله فعالًا في إزالة الملوثات العضوية والكلور. وهناك أيضًا مادة الزيوليت المستخدمة في إزالة الأيونات المعدنية الثقيلة والأمونيا. وكذلك أكاسيد المعادن -أكسيد الألومنيوم وأكسيد الحديد- التي تُستخدم في إزالة الفوسفات والزرنيخ.
وتبدأ هذه العملية باختيار المادة المازة المناسبة، وهي المادة التي تقوم باستخلاص الملوثات من المياه، وهي مواد تختلف في قدرتها على الامتزاز بناءً على طبيعة الملوثات المستهدفة. وبعد ذلك يتم تنظيف المادة المازة، ثم تعديلها تعديلًا فيزيائيًّا قبل أنْ تتدفق المياه المراد معالجتها عبْرها، وحينها تلتصق بها المواد الممتزة (Adsorbate)؛ أي الملوثات.
أنواع الامتزاز
هناك نوعان رئيسيان من الامتزاز، وهما يختلفان بناءً على طبيعة القوى التي تربط المادة الممتزة بالمادة المازة، وسوف نفصِّل القول فيهما في السطور الآتية.
الأول– الامتزاز الفيزيائيّ الذي يحدث نتيجة “قوى فان دير فالس” بين الجزيئات (هي التأثيرات المتبادلة بين جزيئات المادة المتعادلة كهربيًّا، وتُنسب إلى العالم الهولنديّ يوهانس ديديريك فان دير فالس)، وهذا النوع من الامتزاز يكون في العادة قابلًا للعكس، حيث تُمكن إزالة المادة الممتزة بسهولة من خلال زيادة درجة الحرارة أو تقليل الضغط.
الآخر– الامتزاز الكيميائيّ الذي يتضمن تكوين روابط كيميائية بين المادة الممتزة والمادة المازة، ويكون أقوى وأقل قابليةً للعكس إذا ما قارنَّاه بالامتزاز الفيزيائيّ.
خصائص المواد المازة وتطبيقاتها
تتميز المواد المازة الفعَّالة بمساحة سطحية كبيرة تُزيد من قدرتها على الامتِزاز، وتوزيع مساميّ مناسب يسمح بامتصاص جزيئات ذات أحجام مختلفة. وهي مواد تتمتع باستقرار كيميائيّ وحراريّ؛ لضمان عدم تفاعلها مع الملوثات أو المياه.
وبصورة عملية فإنَّ للامتِزاز تطبيقاتٍ واقعيةً عديدةً؛ هي:
معالجة مياه الشرب
تُستخدم تقنية الامتِزاز لإزالة الملوثات العضوية وغير العضوية من مياه الشرب، حيث نستطيع استخدام الكربون النَّشِط في إزالة المواد العضوية والروائح والكلور المتبقي في المياه، ويمكن استخدام الامتِزاز أيضًا في إزالة بقايا المبيدات الحشرية والمُركَّبات العضوية المتطايرة.
معالجة مياه الصرف الصناعي
تحتوي مياه الصرف الصناعي على ملوثات معقدة، مثل المعادن الثقيلة، والأصباغ، والمواد البترولية. وذلك يستدعي تطبيق عمليات الامتِزاز على استخراج مثل هذه الملوثات الصناعية، من خلال الكربون النشط والراتنجات التبادلية (مادة شائعة الاستخدام لإزالة أيونات المعادن الثقيلة من مياه الصرف الصحيّ والصناعيّ).
فوائد استخدام الامتزاز في تنقية المياه
تفيد تطبيقات الامتِزاز في تنقية المياه بمختلف أنواعها؛ إذْ إنَّ الامتِزاز يستخرج ملوثات الكادميوم، والرصاص، والزئبق، وكذلك الملوثات العضوية كالمبيدات الحشرية، والمذيبات، والمُركَّبات العضوية المتطايرة، بالإضافة إلى النيتروجين والأمونيا والفلوريد. كما أنَّ الامتِزاز تقنية يمكن استخدامها في مختلف البيئات والظروف.
التحديات والاعتبارات
للامتِزاز بعض التحديات التي تجب مراعاتها عند تطبيقه في مجال تنقية المياه، فقد تكون المواد الامتِزازية باهظة الثمن، كما أنَّ المواد المازة تصل إلى نقطة التشبع بعد وقت وجيز من الاستخدام؛ أي أنَّها تستلزم الاستبدال أو إعادة التنشيط.
ختامًا، فإنَّ تلك التحديات طابع عامّ في كل ما هو جديد ومبتكَر، ولن يكون سوى عقبة مؤقتة؛ لذا يأتي هنا الدور التوعويّ الذي تقوم به حماة الأرض؛ من أجل الدعوة إلى كل ما يمكنه الحفاظ على البيئة ومواردها، وأيضًا من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.