تمويل المشروعات الصغيرة في مصر.. 5 مليارات جنيه لدعم الشباب ورواد الأعمال

تمويل المشروعات الصغيرة في مصر.. 5 مليارات جنيه لدعم الشباب ورواد الأعمال
مع تنامي الحاجة إلى حلول اقتصادية تُلبي تطلعات الشباب وتُعزز فرص العمل المستقر، تزداد أهمية دعم ريادة الأعمال وتمويل المشروعات الصغيرة باعتبارها أداة أساسية لتحفيز النمو وتوسيع دائرة النشاط الاقتصادي. وقد أولت مصر هذا الاتجاه اهتمامًا كبيرًا، حيث تسعى الدولة إلى توفير الدعم بجميع أشكاله لتلك المشروعات، وذلك ضمن خططها لتحقيق تنمية اقتصادية أكثر عدالة وشمولًا.
دعم فني وتسهيلات ضريبية لاستدامة ريادة الأعمال
وفي إطار دعم الدولة للشباب وتعزيز ريادة الأعمال، تم توقيع بروتوكول التعاون بين وزارة المالية وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وقد شهد كل من السيد/ أحمد كجوك، وزير المالية، والسيد/ باسل رحمي، الرئيس التنفيذي للجهاز، مراسم التوقيع التي تمثل خطوة عملية نحو بناء شراكة مؤسسية أكثر عمقًا وتأثيرًا. ويأتي هذا التعاون في إطار سياسات مالية تستهدف تحفيز الاقتصاد المحلي من خلال دعم المشروعات الصغيرة، وتوفير أدوات تمويل ميسرة.
وفي هذا السياق، أعلن وزير المالية تخصيص 5 مليارات جنيه ضمن الموازنة الجديدة لدعم هذه المشروعات، وهي أكبر حزمة تمويل مباشر من نوعها، تستهدف تقديم دعم فعلي وتمويلات ميسرة تُمكن الشباب من دخول السوق والنجاح في مجالات إنتاجية متنوعة، بما يعزز من النمو الاقتصادي على المستوى المحلي.
وتمهيدًا لتوسيع نطاق هذه المبادرة، يأتي التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة، بما يحقق أهداف الدولة في رفع كفاءة الاقتصاد وتعزيز مرونته، وهو ما يفتح الباب لخطوات جديدة تتجاوز التمويل نحو بناء بيئة مشجعة للمبادرة والإنتاج.
ولا يتوقف التعاون عند حدود تقديم التمويل، وإنما يشمل أيضًا توفير التسهيلات الضريبية والدعم الفني والتدريب اللازمين، حيث أشار وزير المالية إلى أن المجموعة الأولى المنضمة حديثًا إلى المنظومة الضريبية المبسطة والموحدة ستستفيد من تمويلات مميزة ومنخفضة التكاليف خلال العام المالي الجاري، ويشمل ذلك تمويل عدد من المبادرات الداعمة للمستفيدين من التسهيلات الضريبية، ولريادة الأعمال، إضافة إلى مشروعات تستهدف تعميق المكوّن المحلي في القطاعات الصناعية والإنتاجية والتصديرية ذات الأولوية.
وتتبنّى الدولة توجهًا جديدًا يقوم على توفير نماذج تمويلية ميسّرة للشباب، بالتوازي مع بناء بيئة تشريعية وتنظيمية تستجيب لاحتياجات المشروعات الصغيرة في كل من المدن والمناطق الريفية، ويهدف هذا التوجه إلى دمج هذه المشروعات ضمن السوق الرسمية، وتقليل معدلات التعثّر في سنواتها الأولى.
الشباب في قلب السياسات الجديدة
من جانبه، أكد السيد/ باسل رحمي، الرئيس التنفيذي للجهاز، أن الشباب يحتلون موقع الصدارة في هذه الاستراتيجية الجديدة، باعتبارهم المحرّك الرئيسي لأي تنمية اقتصادية حقيقية، وأوضح أن جزءًا كبيرًا من التمويلات الجديدة سيُوجه إلى مشروعات يقودها شباب لديهم أفكار واقعية قابلة للتنفيذ، خاصة في القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية.
وإلى جانب التمويل، سيتم دعم هؤلاء الشباب بتوفير فرص للتدريب والمرافقة الفنية، ومساعدتهم على وضع خطط العمل، وربطهم بجهات تسويقية وأدوات لوجستية تساعدهم على دخول الأسواق بكفاءة، وهذا يعكس فهمًا أعمق لمفهوم التمكين الاقتصادي، الذي لا يقوم فقط على المال، وإنما على بناء قدرات حقيقية طويلة الأجل.
الشراكة أداة لتوسيع أثر التمويل المستدام
ومع تزايد الوعي بدور ريادة الأعمال في تعزيز مرونة الاقتصاد، يُتوقع أن تسهم هذه المبادرة في تغيير نظرة المجتمع إلى العمل الحر، وتعزيز ثقافة الإنتاج، حيث تسعى الدولة من خلال هذه الشراكة المؤسسية إلى بناء نموذج تمويلي شامل لا يعتمد فقط على الإقراض، وإنما يُعزز مناخ الأعمال المحلي من خلال تنسيق الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل.
ويُعَدّ هذا التوجه نحو الشراكة المؤسسية خطوة فارقة في فهم الدولة لطبيعة التحول الاقتصادي المنشود؛ إذ إن التنسيق بين الأطراف المعنية لا يقتصر على تقاسم الموارد، وإنما يشمل تبادل الخبرات، وتوجيه التمويلات نحو قطاعات ذات أولوية، وبناء منظومة خدمات مساندة تُراعي احتياجات رواد الأعمال في المراحل المختلفة من مشروعاتهم، ومن خلال هذا التكامل، تتضاعف فرص النجاح، ويصبح التمويل أداة حقيقية للتغيير.
ختامًا، فإنَّ توجه مصر نحو دعم المشروعات الصغيرة نقلة نوعية في مسار التنمية الاقتصادية، حيث لم يعد التمويل هدفًا في ذاته، بل أداة ضمن منظومة متكاملة تستند إلى بيئة تشريعية مرنة، ودعم فني وتدريبي، وتيسيرات ضريبية تستجيب لاحتياجات الشباب ورواد الأعمال. وإنَّ تخصيص 5 مليارات جنيه لهذا الغرض يعكس إرادة سياسية واضحة لبناء اقتصاد أكثر شمولًا وعدالة من خلال تمكين كل أفراد المجتمع، وتحفيز الإنتاج المحلي وفق أهداف التنمية المستدامة.







