صناعات مستدامة

مصر تتجه لتوطين صناعة السيارات الكهربائية.. استثمارات ضخمة ومسار مستدام

السيارات

مصر تتجه لتوطين صناعة السيارات الكهربائية.. استثمارات ضخمة ومسار مستدام

في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية عالميًّا؛ لتفرض على الدول النامية تعزيز مرونتها الصناعية والبيئية من خلال سياسات مستدامة ووطنية، كشفت الحكومة المصرية، عبر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، عن حزمة من الخطوات والإجراءات العملية التي تهدف إلى توطين صناعة السيارات في مصر، والاعتماد على السيارات الكهربائية، وذلك في إطار رؤية وطنية واضحة لتعزيز التصنيع المحلي وخفض الاعتماد على الواردات.

وتسعى الدولة من خلال هذه المبادرات إلى تحويل قطاع السيارات إلى داعم رئيسي للنمو الاقتصادي، عبر تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة نسبة المكوّن المحلي في التصنيع، وتطوير الصناعات المرتبطة بالنقل النظيف، ومنها السيارات الكهربائية، وبذلك تُترجم هذه الخطط إلى مسار تنموي يتفق مع رؤية مصر 2030، ويدعم أهداف التنمية المستدامة، لا سيما ما يتعلّق بالتصنيع المستدام، والعمل المناخي، والنقل النظيف.

السيارات الكهربائية

استراتيجية التصنيع المحلي

استجابة للحاجة الملحّة إلى تقليل الاعتماد على الواردات وبناء قاعدة صناعية محلية مستدامة، أطلقت الحكومة المصرية عام 2022 الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات في مصر، وذلك ضمن توجه أشمل لتعزيز القدرة الإنتاجية ومواكبة التحولات العالمية في صناعة النقل.

ومع دخول هذه الاستراتيجية مرحلة التنفيذ الفعلي، خُصص لها مبلغ 1.5 مليار جنيه ضمن موازنة عام 2024/2025، دعمًا لتوسيع نطاق تطبيقها وتوفير الحوافز اللازمة للمصنّعين المحليين والدوليين، وكذلك تم اعتماد تحديث الاستراتيجية في مايو 2025 تمهيدًا لتفعيلها رسميًّا في يوليو 2025، وهذا ما يؤكد انتقال الدولة من مرحلة التخطيط إلى التطبيق المدعوم ماليًّا وتنظيميًّا.

وبالإضافة إلى ذلك تم تفعيل برنامج تنمية صناعة السيارات (Automotive Industry Development Program – AIDP) لرفع القيمة المضافة المحلية، إلى جانب تأسيس المجلس الأعلى لصناعة السيارات، وإنشاء صندوق تمويل المركبات صديقة البيئة، بما يعزز التوجه نحو الصناعات النظيفة والذكي، وتعكس هذه الخطوات التزامًا مصريًا بتطوير منظومة صناعية متكاملة، تجمع بين الطموح الاقتصادي والمسئولية البيئية؛ مما يفتح الباب أمام الحديث عن مستقبل النقل المستدام في المنطقة، وقد عزز هذا التوجه من إيجابية التوقعات الدولية، التي تؤكد أهمية وصحة مسار التنمية الذي تنتهجه مصر.

فعيل برنامج تنمية صناعة السيارات

توقعات دولية تدعم استراتيجيات التوطين

وفي هذا السياق، أكدت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” في تقرير حديث أن قطاع إنتاج السيارات في مصر مرشّح لتحقيق نمو ملموس خلال عام 2025، وذلك في ظل توقعات باستقرار سعر الصرف وتخفيف القيود على الاستيراد؛ مما يعزز من توافر السيولة الدولارية ويُهيئ مناخًا مناسبًا للإنتاج والتوسع، كما أشارت المؤسسة إلى أن الدعم الحكومي المستمر قد يسرّع نمو السيارات الكهربائية في السوق المصرية.

ومن جانبها رصدت الوكالة الدولية للطاقة جهودًا متزايدة من مصنعي السيارات في مصر لتطوير خطوط إنتاج البطاريات والسيارات الكهربائية، وتسهيل التصدير إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما اعتبرته خطوة حيوية نحو إدماج مصر في سلاسل القيمة العالمية المرتبطة بالنقل منخفض الكربون، وهذه الإشادات الدولية توضح أن السياسات المصرية لا تتحرك بمعزل عن السياق العالمي، وإنما تتفق مع توجهات التحول البيئي والصناعي التي تفرضها متغيرات المناخ والطلب العالمي على حلول نقل أنظف وأكثر كفاءة.

خطوط إنتاج البطاريات والسيارات الكهربائية

وختامًا، تؤكد مؤسسة حماة الأرض أنَّ توجه مصر نحو توطين صناعة السيارات الكهربائية لا يُمثل مجرد استجابة ظرفية لتحولات اقتصادية أو بيئية طارئة، بل يُعد تحولًا استراتيجيًّا يعكس وعيًا عميقًا بمتطلبات المستقبل، ففي عالم تسوده التغيرات المناخية والتقلبات الاقتصادية تبرز قدرة الدول على بناء منظومات صناعية مستقلة ومستدامة؛ لذا تعيد مصر رسم دورها التنموي -إقليميًّا ودوليًّا- من خلال ربط الابتكار الصناعي بالمسئولية البيئية. وبينما تمضي هذه الخطط من مرحلة التصور إلى التنفيذ فإنَّ الرهان الحقيقي يظل معقودًا على الاستمرارية، وجودة التنفيذ، وخلق بيئة محفّزة تضمن لمصر مكانتها بوصفها محورًا إقليميًّا لصناعة نقل نظيف ومستدام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى